خمسون ضحية حتى الساعة جراء غرق المركب والذي يحمل على متنه 150 مهاجرا قضوا قبالة شاطئ طرطوس بعدما إنكسر المركب بسبب الأمواج العالية والرياح القوية، العشرات لا يزالون في عداد المفقودين حتى من تم إنتشالهم من جثث لم تعرف هوياتهم بعد، والأهالي ينتظرون سماع خبر من هنا أو هناك، هل تم إنقاذ إبنهم فلذة كبدهم بعدما قرر الرحيل بطريقة غير نظامية عبر البحر هربا من واقع أليم ونار جهنم التي تكوي القلوب من شدة حرارتها؟!!! هل تم إنقاذ إبنتهم وأطفالها بعدما إختارت الهجرة غير الشرعية بحثا عن مستقبل لهم وهربا من بلد لا يملك أدنى مقومات العبش الكريم؟؟!!!
كيف لهذا الكابوس أن ينتهي وجثث ضحايا مركب الموت الذي غرق خلال شهر نيسان الماضي لا تزال عالقة في قعر البحر ودمعة الأهالي لم تجف، فتأتي حادثة مركب طرطوس ليزيد من عمق المأساة ويعيد صورة مدينة طرابلس وهي تسعى الى لملمة جراحها بعدما عجزت عن إنتشال جثث أبنائها، فإذا بمركب جديد يغرق لتملأ جثث الضحايا البحر والشواطئ السورية وربما تصل الى شواطئ البلد الذي رحلوا عنه قسرا هربا من واقع ميؤوس منه فإذا بمشيئة الله تعيدهم اليه لكن جثثا ستدفن في ترابه .
طرابلس الحزينة على أبنائها لا تملك حيلة تجاه أوضاعها المنهارة منذ سنوات طويلة لتأتي الأزمة الحالية وتضاف الى عمق الأزمة وبالطبع سينعكس ذلك سلبا على حياة المواطنين الذين لم يعد بإمكانهم تأمين لقمة العيش فيكون للهجرة غير الشرعية الدور الأكبر في بث روح الأمل والتفاؤل في نفوسهم لكن تفاؤل لم يعد على أصحابه بالنتائج المرجوة، حيث كثرت الرحلات الغير نظامية ومعها إرتفعت أعداد الضحايا الذين لفظهم البحر على شواطئ لبنان أو هو إختارهم للبقاء في جوفه، وكما في طرابلس كذلك في عكار أهالي ينتحبون يوميا إما في معرض البحث عن أبنائهم والإستفسار عن أحوالهم بعدما فقد الإتصال بهم تماما كما حصل مع المركب والذي يحمل على متنه 55 مهاجرا ولأسباب تقنية علقوا في عرض البحر وإنقطع الإتصال بهم ليتبين لاحقا بأن باخرة تجارية عملت على إنقاذهم وهم الآن في عهدة السلطات التركية لكن مصيرهم ببقى مجهولا!!!!
يوم طرابلس سيكون شاقا على أهاليها كما عكار بإنتظار إنتهاء أعمال البحث عن ناجين إن وجدوا، أو إنتشال للجثث المتبقية ومعرفة هوياتها ومن ثم تسليمها لذويها ليصار الى دفنها ومعها ستدفن كل آمال المواطنين الذين يحلمون بمستقبل واعد لكن أحلامهم تلك لم تحققها لهم الهجرة غير الشرعية فهل يعدلون عن هذه الفكرة ونشهد في الأيام المقبلة تراجعا ملحوظا في خروج المراكب من مختلف النقاط المعتمدة شمالا وبهذا تطوى صفحة مأساوية ولا تعود رائحة الموت لتفوح من شواطئ لبنان؟؟!!