بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 آذار 2024 12:00ص أيوب لـ«اللواء»: لإعادة هيكلة «القطاع « وتجنُّب الحلول الترقيعية

زيادات رواتب القطاع العام...الحكومة قادرة على تمويلها؟ حبيقة: الزيادات حل «تخديري» لإمتصاص غضب الموظفين

غادة أيوب غادة أيوب
حجم الخط
عبدالرحمن قنديل

اقرّت حكومة تصريف الأعمال زيادات وتقديمات مالية لموظفي القطاع العام من عسكريين وموظفين ومتقاعدين حيث يُعطى العسكريون في الخدمة الفعلية 3 رواتب إضافية، إضافة إلى بدل نقل 9 ملايين ليرة بدلاً من 5، و«يُعطى المتقاعدون العسكريون والمدنيون 3 رواتب إضافية، كما يُعطى الإداريون راتبَين إضافيَين إذ يصبح مجموع ما يتقاضونه 9 رواتب شهرياً». كما يُعطى «موظفو الإدارة العامة بدل حضور يومي بين 8 و 16 صفيحة بنزين بمعدل 14 يوم عمل شهرياً كحد أدنى شرط عدم التغيب». وتضمنت المقررات أيضاً، إعطاء «موظفو الإدارة العامة مكافأة مثابرة في حال أمّنوا حضورا شهريا كاملا ووفق معايير انتاجية محددة ستُحدَّد لاحقاً». وأقرّ مجلس الوزراء زيادات لموظفي القطاع العام على أن يكون الحد الأدنى 400 دولار والحد الأقصى 1200 دولار.
إذاً أقرت «الزيادات» فمن وافق عليها وافق ومن بقي معترض إستمر في إعتراضه عليها،ولكن كثرت التساؤلات بعد الجلسة حول ما إذا كانت هذه الزيادات هي الحل النهائي لأزمة رواتب الموظفين،أم أنها مخدر مؤقت لتأخير الأزمة وبقي السؤال الأهم كيف للحكومة أن تؤمن تمويلها ومن أين سيكون لها هذا؟
في هذا السياق أشارت عضو كتلة الجمهورية القوية النائبة غادة أيوب في حديث لـ«اللواء» إلى أن حكومة تصريف الأعمال أقرت راتبين إضافيين لا يدخلون في سلسلة الرتب والرواتب باعتبارهم «مساعدات إجتماعية»وبالتالي أقروا الراتبين لأنهم قادرين أن يؤمنوا التمويل فقط لهذين الراتبين بحسب مصرف لبنان ليستطيعوا إعطائهم هذه الرواتب بالدولار،وحددوا على هذا الأساس أن الراتبين كحد أدنى 400$ وحد أقصى 1200$.
ولفتت أيوب إلى أن الكتلة النقدية لن تتأثر بسبب الزيادة على الرواتب لأنها مدروسة بشكل منظم والإرادات التي تستطيع أن تغطي هذه الزيادات موجودة،ولكن الخطورة تكمن أن كل الأمور التي تحدث هي من دون «إعادة هيكلة القطاع العام» ومن دون إجراءات إصلاحية جذرية،وهذا ما سيساهم بتمديد مسألة الإنهيار وتأخير الأزمة وإستبدالها بجرعات صغيرة تطمينية لمساعدات الموظفين من أجل إقناعهم بالعودة عن الإضراب.
وشددت على أن نسبة التضخم والأسعار ما زالت ترتفع والموظفين يدفعون الضرائب والرسوم على سعر 89000 بينما ما زالوا يقبضون رواتبهم على سعر الـ15000،ولكن أي زيادة لهم لا تمكنهم من الصمود فهي لن تستمر أكثر من شهرين أو ثلاث لتعود الأمور بعضها إلى نقطة الصفر وتعود المظاهرات والصرخات لمساعدة الموظفين إلى الواجهة من جديد.
وأكدت أن مشكلة القطاع العام أصبحت معضلة حقيقية،والحكومة مستمرة في التهرب من حل هذه المعضلة يجب بحث مشكلة هذا القطاع بكل جدية والحل يبدأ بإعادة هيكلة القطاع العام تتضمن معاشات واضحة للموظفين وسلسلة رتب ورواتب واضحة تمويلها يكون واضح المعالم لأن إبقاء الأمور على ما هي عليه اليوم هو إستنزاف التي ما زالوا موظفوا الإدارة العامة يدفعون ثمنها لأن الموظف الكفوء والتي مولت الإدارة تدريبه وإعطائه الكفاءة اللازمة ليكون يقوم بعمله بإنتاجية مرتفعة يكون مصيره الرحيل والذي ما زال مستمراً هو الذي بات قريباً من التقاعد،أو الذي ليس لديه أي فرص أخرى أو الموظف غير الكفوء.
وشددت على أن خطورة هذا الأمر هو في ضرب الإدارات الرسمية،وتهريب «الكفاءات» وغياب الحلول الجذرية وسنشاهد نفس الذي نشاهده فيما يتعلق بالعسكريين المتقاعدين لأنه لم يأخذوا بأساس هذا الراتب أي زيادات أي الموظف لديه 10 رواتب زيادة عندما يحين وقت التقاعد يتقاعد على أساس راتب الـ 1500،وهذا مؤشر خطير الأزمات لأن الرواتب التي أقرتها حكومة تصريف الأعمال هي ليست الرواتب الفعلية لأن عندما يحين وقت التقاعد يعودوا لهذه الرواتب المتدنية وبالتالي «الصرخة» ستعود حتماً.
واعتبرت أيوب أنه إذا الدولة لا تريد الإستغناء عن الموظفين،فلا يجوز أن تتركهم متسولين على أبواب الإدارة ، فما الإنتاجية التي سيقومون بها؟ يبقى الحل الأنسب هو قرار تتخذه الحكومة بإعادة هيكلة القطاع العام،عبر البقاء على الموظفين الكفوئين الذين دخلوا ضمن الأصول المتبعة وإبعاد الموظفين الذين دخلوا من خلال الزبائنية وفقاً لعقود غير صحيحة،وتوزيع الموظفين الكفوئين التي تحتاجهم الإدارة ومن بعدها تكون الحكومة قادرة على أن تضع سلسلة رتب ورواتب،لا تستطيع الدولة في نهاية الأمر أن تقوم وتستمر بدون موظفين،لذلك على الحكومة أن يكون لديها نية جدية وقرار جدي بالإصلاح الجذري لكي يكون هناك إنتظام في المؤسسات ،أما إذا أرادوا للدولة أن تنهار ومؤسسات الدولة أن تكون خالية من الموظفين ويكون مصيرها الإقفال فليستمروا في هذه السياسة المتبعة  فيبقى الخيار الأول والأخير للحكومة.
 واعتبر الخبير الإقتصادي لويس حبيقة في حديث لـ«اللواء»  أن الزيادات التي أقرتها حكومة تصريف الأعمال ضرورية والموظفين في القطاع العام يستحقونها،ولكن فيما يتعلق بالتمويل فالحكومة قالت أنها ستمول هذه الزيادات من تحصيل الضرائب والسوم في هذه الفترة ولكن المشكلة هي أن موظفين وزارة المال لا زالوا مستمرين في الإضراب لذلك من سيقوم بتحصيل الضرائب؟
وأكد حبيقة المشكلة الأساس تبقى مشكلة «التمويل»،ولكن إذا أرادوا تمويلها عبر طبع النقد في مصرف لبنان فالنتيجة مكانك راوح لأن ستكون نتيجة هذا التمويل حكماً التضخم الذي بدوره سيقضي على هذه الزيادات،لذلك هناك تخبط واضح في هذا الموضوع.
وأشار إلى أن الزيادات أعطيت ك»مخدر»للموظفين لكي تمتص الحكومة غضبهم وتنفسه لكي يتجنبوا المظاهرات،ولكن هذا لا يكفي لأن الضبابية لا زالت موجودة حول طرق التمويل وقدرة الدولة على التمويل،ولكن على الرغم من ضرورة الزيادات ولكن في المقابل العمل الجدي من الموظفين مطلوب لأنه ليس واضحاً ما إذ كل الموظفين سيعاودون إلى عملهم لتأدية واجبهم بعد إقرار الزيادات لأن الزيادات من دون عمل لا تحل الأزمة بل تزيدها.
وأوضح أن إذا لم يعودوا الموظفين إلى العمل بعد زيادة الأجورفستكون زيادة الأجور من دون مقابل، وهذا سيضر بالإقتصاد أكثر لأن المقابل يبقى بالعمل الجدي لأن الحضور 14 يوماً من دون عمل هو بدون فائدة فهل سيقومون بواجبهم الكامل في كل الوزارات؟ الجو العام لا يدعو إلى الإطمئنان للأسف وهذا سيكون أثره سيئاً على الإقتصاد ككل.
وشدد على أن المصرف المركزي يجب أن لا يقوم بتغطية هذه الزيادات على الرغم من قدرته على القيام بهذه التغطية من خلال الأموال المتبقية ولكن لا يجب أن يغطي الزيادات يجب أن تقوم الحكومة بتغطية هذه الزيادات  عبر إراداتها أي «الضرائب»و»الرسوم»،لذلك إضراب موظفي وزارة المال عاملاً أساسياً لأنهم هم يقومون بتحصيل الضرائب والرسوم،ولكن التمويل من مصرف لبنان لكي يقوم بطباعة النقد كما حدث في السنوات الماضية سيؤدي إلى ضرب التضخم وسعر صرف الليرة وسيكون الموظف هو الخاسر الأكبر لأنه سيخرج خالي الوفاض.