15 آذار 2024 12:00ص إقتصاد «الكاش» تحت المجهر الأميركي

المصري لـ«اللواء»: على الأجهزة الأمنية ملاحقة الصرَّافين غير الشرعيِّين .. كسبار: كلما يكون هناك مصارف قائمة كلما خفّ إقتصاد «الكاش»

مجد المصري مجد المصري
حجم الخط
في السنوات الماضية ومنذ أن أصبح لبنان تحت مرمى الإنهيار الإقتصادي وبات لبنان يعتمد، بشكل أساسي، على «إقتصاد الكاش»، ومن يسمع بهذا الأمر قد يعتبره طبيعياً نظراً لكونه مرّ بأزمة حقيقية، وبات التعامل عبر المصارف صعباً ما سهّل الإتجاه أكثر نحو إقتصاد «الكاش».
ولكن هذا الإقتصاد ناجم عن فقدان الثقة بالقطاع المصرفي، بعد أن فقد أغلب اللبنانيين الأمل من إستعادة أموالهم المحتجزة في المصارف منذ الإنهيار الكبير وما تبعه من ويلات عليهم،لذلك أصبح التداول بـ«الكاش» أمراً طبيعياً إعتاده اللبنانيين لكي يستمروا في الصمود جراء الإنهيار الإقتصادي و تبعاته،ولكن إقتصاد الكاش مساوئه أكثر وقد يدفع لبنان ثمن هذه المساوئ خصوصاً مع تحذير ائب مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون آسيا والشرق الأوسط بمكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية، جيسي بيكر، خلال زيارته لبنان من مخاطر استخدام القطاع المالي لهذا البلد لتمويل حركة حماس وحزب الله، حيث دعا المسؤولين السياسيين والماليين اللبنانيين الذين التقى بهم إلى اتخاذ «تدابير استباقية» لمنع ذلك،فضلاً عن تبييض الأموال وتهريب السلاح، وخلافه مما هو غير شرعي كما جرت العادة في لبنان في سنوات الإنهيار الماضية ناهيك عن الصرافين غير الشرعيين التي أصبحت ممر إلزامياً لهذه العمليات الغير الشرعية من دون حسيب أو رقيب،حيث أشار نقيب الصرافين مجد المصري إلى أنه في لبنان يوجد 297 صراف رسمي، ولكن في المقابل هناك آلاف الصرافين غير الشرعيين الذين يعملون في مكنة الصرافة.

اعتبر المصري في حديث لـ«اللواء» أن الوضع فيما يتعلق بــ«إقتصاد الكاش» هو حرج وهذا يجب ضبطه، ولكن نحن كصرافين رسميين نحن في وضع «سليم» لأن هناك رقابة على الصرافين من قبل هيئة التحقيق الخاصة، ولجنة الرقابة على المصارف فضلاً عن التقارير اليومية والبرامج الحديثة التي تتضمن الأسامي المحظورة.
ولفت إلى أن نقابة الصرافين أطلقت تطبيق على التلفونات تتضمن لوائح المجتمع الدولي وعليها لوائح «الأوفاك الأميركية» ،وعندما يأتينا أي «زبون» نباشر بوضع إسمه على هذا التطبيق، وتظهر لنا النتائج بعدها ما إذا كان عليه أي حظر معيين لذلك فوضع الصرافين الرسميين في «السليم»  لأن هذه العمليات لا تمر من خلالنا،أما الصراف غير الشرعي فليس لديه أي ضوابط بطبيعة الحال ولا من يراقبه أو يدقق من ورائه.
وأكد أنه كصرافين كان هناك تدريب الخميس الماضي في مصرف لبنان على آخر تطبيق فيما يتعلق بموضوع مكافحة الأموال، وما هو مطلوب دولياً بحسب التقرير الذي ورد في التحقيقات الرقابية الدولية، فالصرافين الرسميين ملتزمين بحماية الإقتصاد من الأموال المشبوهة وأن لا تمر هذه الأموال من خلالهم كتبيض الأموال وغيرها، ولكن من ناحية أخرى هناك مسؤولية على الأجهزة الأمنية لملاحقة الصرافين غير الشرعيين لأن وجودهم يشكل خطر كبير على البلد من خلال الأموال المشبوهة التي تمر عبرهم سواء عن قصد أو غير قصد،فمن يريد أن يمرر هذه الأموال ليس له ملجأ سواهم لأنهم ليس لديهم أي متطلبات أو نظم معينة لإتباعها.
وشدد على أن هذا الأمر يؤخذ بعين الإعتبار خارجياً باعتبار أن في حالة «إقتصاد الكاش» أو «تفلت أمني»،ففي طبيعة الحال نتيجة هذا الأمر من الممكن أن يتم تصنيف لبنان خارجياً كبؤرة تتحمل فيها تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وبالتالي ممكن أن يتم وضع لبنان على اللائحة الرمادية  أي سيتم عزل لبنان عن الإقتصاد العالمي، وهذه مصيبة كبيرة بحال حدثت، لذلك مصرف لبنان يشدد كثيراً على الصراف الرسمي على الرغم من أن وضعه سليم.
ودعا المصري الأجهزة الأمنية إلى «شد الرحال» ويقوموا بواجباتهم تجاه ملاحقة الصرافين غير الشرعيين لأن وجودهم وتمددهم هو الذي يشكل الخطر الحقيقي لأن المشكلة الأساس تكمن في «الصراف غير الرسمي»، لأن مصرف لبنان لا يستطيع أن يلاحقهم لأنه خارج عن سلطته،مصرف لبنان له الحق في التعامل مع الصراف المرخص من قبله، أما الصرافين غير الرسميين الذين لا يملكون الرخص التي تسمح لهم في العمل كمحلات الصرافة المعروفة والمنتشرة بالآلاف في كافة المناطق بالرغم من أنها غير شرعية وخارجة عن المراقبة.
ومن جهته رأى الخبير الإقتصادي توفيق كسبار في حديث لـ «اللواء»إلى أن النقطة الأساسية أنه دائماً المعاملات التجارية والمالية تمر عبر المصارف، وعندما تمر عبرها فالمصارف لها مؤسسات تراقبها وخصوصاً المصارف المركزية التي تراقبها أيضاً.
واعتبر كسبار أن الإقتصاد بشكل عام يرتكز على «إقتصاد الكاش»، أي أن أغلبية المبادلات التجارية بما فيها الدولية تتم بالكاش،فإذاً هي لا تمر بالمصارف لذلك من الصعب جداً التحقق من مصدرها وطبيعتها ووجهتها،لأن من خلال «إقتصاد الكاش» يتم تهريب المخدرات والسلاح وتبييض الأموال على سبيل المثال، لذلك «إقتصاد الكاش» ليس له صفة محددة وليس مربوطاً بشخص معين مثل الحسابات.
ولفت إلى أن كل المنظمات الإرهابية وتجارة المخدرات والسلاح وخلافه التي تعتبر غير قانونية إن كان على صعيد البلد أو المبادلات الدولية أصبح تقريباً خارج نطاق المراقبة باعتبار أن المبادلات التجارية أساساً تتم بــ«الكاش»، ففي لبنان كان يتم الدفع إما من خلال البطاقة أو من خلال «الشيك» أما اليوم فكل الدفوعات أصبحت بالكاش ولم يعد مقبول مبدأ «الشيك».
وكشف أن هناك بلدان خارجية تسعى للتخلص من الدفع بـ«الكاش»، ففي أوروبا أو أميركا على سبيل المثال يتم دفع الدولار أو «الدولارين» عبر «البطاقة المصرفية» لأن الناس هناك لا تحمل الكثير من «الكاش» في «جيبها»، واللبنانيين قبل الإنهيار لم يكن يستخدمون «الكاش»  كثيراً، وكل هذه الأمور تتم بشكل مباشر أو غير مباشر عبر المصارف الموضوعة تحت الرقابة.
وختم كسبار قائلاً: إن إقتصاد«الكاش» في لبنان يخفي الكثير من المبادلات ومن الممكن أن تكون هذه المبادلات غير قانونية كالمخدرات وتبييض الأموال وتهريب السلاح وتمويل المنظمات الإرهابية، وكل ما يكون هناك مصارف قائمة كلما خف إقتصاد «الكاش»، فإذا لم تكن كذلك فلم يعد هناك خيار سوى اللجوء إلى «إقتصاد «الكاش».