انطلقت في مجلس النواب نقاشات لجنة المال والموازنة برئاسة النائب إبراهيم كنعان لمشروع موازنة ٢٠٢٤، وفي حضور وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل، النواب الأعضاء، مدير عام وزارة المالية بالوكالة جورج معراوي، مدير الواردات في وزارة المالية لؤي الحاج شحادة.
وقررت الدخول في النقاش بعد التصويت، وسط اعتراضات دستورية شملت مرسوم الإحالة وتوقيعه من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وليس الحكومة مجتمعة في ظل غياب رئيس الجمهورية، بالإضافة الى غياب الحسابات المالية أي «قطوعات الحسابات».
اعتراض دستوري
وبعد الجلسة تحدّث النائب كنعان فقال «حصل نقاش مطوّل حول ضرورة توقيع كل الوزراء على مرسوم الإحالة، لأن الحكومة بكل وزرائها تأخذ مكان رئيس الجمهورية، وليس رئيس الحكومة وحده. وبالتالي، وكما عبّر عدد من الزملاء النواب، لا يمكن الاستعاضة عن توقيع كل الوزراء، دستورياً وميثاقياً، بتوقيع رئيس الحكومة فقط، الذي بات يوقّع كرئيس للحكومة وعن الحكومة كرئيس للجمهورية. كما أبدى عدد من النواب إعتراضهم على ورود الموازنة الى المجلس النيابي من دون قطع حساب وبحسب المادة 87 من الدستور، كما أثيرت واقعة فقدان الحكومة لثقة مجلس النواب باعتبارها حكومة تصريف أعمال. وبعد إنقسام الرأي حول كيفية التعاطي مع هذه الاعتراضات الدستورية بين من طالب بوقف النقاش بمشروع الموازنة ومن أكتفى بالتحفظ عليها بناء على مخالفة الحكومة بعض المواد الدستورية إنما أيّد استمرار النقاش بمضمونها قبل البتّ بمصيرها النهائي، وعليه جرى التصويت على الاستمرار بالنقاش من عدمه فصوتت الأكثرية مع استمرار النقاش مع اعتراض ثلاثة نواب، أنا من بينهم».
موازنة تشغيلية
وتابع كنعان «بعدها شرح وزير المال هيكلية الموازنة، وفي ضوء النقاشات تبيّن وفقا لمداخلات النواب:
-موازنة 2024 تشغيلية، ونسبة الاستثمار فيها أقل من 7%. وهي كناية عن تجميع إيرادات من خلال فصل ضريبي أساسي. ووزارة المال تقول إن لا زيادات ضريبية في الموازنة، بل أن ما تقوم به محاولة للحاق بتدهور الليرة، ومن خلال الوصول بالرسوم والضرائب الى سعر صرف هو 85 ألف ليرة. لكن توجّه لجنة المال بناء لمناقشات النواب، يعتبر أن ذلك يشكّل اختلالاً، في ضوء بقاء رواتب القطاع العام كما هي، وعدم لحاقها بسعر الصرف، وأن لا توحيداً لسعر الصرف أصلا في مشروع الموازنة وإن كان قريباً من سعر السوق ولعدم شموله كل الإلتزامات».
- جرى الحديث عن الإصلاح الضريبي، وسجّلت اعتراضات عدة على هذا الصعيد. إذ لا يمكن الدخول الى الضرائب والرسوم بشكل جزئي، كمن «ينقي تنقاية». بينما المطلوب، لا مجرد دخول محاسبي لتخفيض العجز، بل وضع توجه عام للإصلاح الضريبي في لبنان يترجم بالموازنة، وهو ما يطالب به صندوق النقد الدولي، وقد سبق لنا وطالبنا به في لجنة المال منذ 2010.
- مسألة أساسية أخرى طرحت، وهي التحصيل الفعلي والعملي للضرائب. فأرقام الايرادات الواردة في مشروع الموازنة تصل الى 277 ألف مليار ليرة. والسؤال الذي يطرح نفسه عن امكانية تحصيلها، وهل الزيادات، أو التصحيح كما أسمته الحكومة، ممكن التحقيق؟ وهل ستصمد هذه البنود وهذه الأرقام في المجلس النيابي، في ظل وجود اعتراضات عدة وملاحظات عدة على أكثر من مادة ضريبية؟
- جرى طرح مسألة التهرّب الضريبي، وقد رأى عدد من الزملاء النواب، وقبل زيادة الضرائب، ضرورة ايقاف التهرب الجمركي، الذي يوصل الى أكثر من مليار دولار في السنة، بحسب تقرير البنك الدولي.
وأشار كنعان الى أن «جلسة تخللتها جملة ملاحظات، في ضوء نفقات تصل الى 275 ألف مليار ليرة، والعجز 17189 مليار ليرة، وهي أرقام ستخضع للنقاش والتدقيق في الجلسات المقبلة، للتأكد من مدى واقعيتها».
وأكد أن «الأهم بالنسبة الينا هو عدم ورود قطوعات الحسابات الى مجلس النواب، وموقف لجنة المال والموازنة معروف على هذا الصعيد منذ العام 2010، وهو مبدئي وحازم. وقد طلبنا من الحكومة اطلاعنا على ما ستقوم به على هذا الصعيد، لا سيما أن المادة 87 من الدستور تمنع نشر الموازنة في الجريدة الرسمية قبل الموافقة على الحسابات المالية للسنة التي سبقت».
تكثيف الجلسات
وأوضح كنعان «أننا سنكون على موعد يومي مع الموازنة بدءاً من الأسبوع المقبل، وسأضع برنامجاً مفصلاً على هذا الصعيد، لنستمع الى كل الوزارات والادارات والمؤسسات العامة والصناديق ومناقشتها في موازناتها وآدائها، بالاضافة الى المواد القانونية الواردة، والتي اعتبرنا القسم الأكبر منها يتعلّق بالضرائب والرسوم».
وقال «كنا نتمنى أن تحيل الحكومة إلينا موازنة إصلاحية تأخذ في الاعتبار الرؤية الاقتصادية لتنشيط الوضع الاقتصادي باستثمارات تكاد تكون معدومة في مشروع ال2024. وموعدنا سيكون منذ الاثنين المقبل مع جلسات متتالية».
أضاف «نضع برسم الكتل النيابية والزملاء النواب، المواقف المبدئية التي لا يمكن أن نحيد عنها، ومنها الحسابات المالية الشفافة، والدراسة الواقعية للأرقام والزيادات التي تعتبرها وزارة المال تصحيحات، قبل أن نبدي الرأي بشأنها، لنعرف العجز الفعلي في الموازنة وحجم الاصلاح الذي لم نلمس الكثير منه».
وختم بالقول «لا أحمّل وزارة المال وحدها المسؤولية، ولا أحد بمفرده المسؤولية، بل أحمّلها لكل السلطة والمعنيين، بضرورة المباشرة الفعلية باصلاحات مالية واقتصادية من دون تباطؤ، مع الأخذ في الاعتبار وجع الناس وما نمر به مالياً ونقدياً وعلى صعيد الودائع، وأن لا يتلطى أحد وراء الشعارات والعناوين، بل المباشرة من دون أي تأخير في معالجة الوضع المالي والاقتصادي والنقدي».
وكان عدد من الزملاء أثاروا ببداية الجلسة أحداث غزة والموقف التضامني مع الفلسطينيين في سعيهم الى تحرير أرضهم من الإحتلال الإسرائيلي لوقف دورة القهر والعنف المستمرة منذ عقود.