بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 شباط 2024 12:00ص القضاء يُنصف طلال المقدسي ويُبرئه من الافتراء والهدر والفساد

مطالعة مجلس الشورى: الرياشي تجاوز صلاحيته القانونية

حجم الخط
 عبد الرحمن قنديل

أكد مدير عام تلفزيون لبنان السابق طلال المقدسي أن القضاء العادل والنزيه هو عماد الدولة الحديثة، وأحد أبرز عوامل الإستقرار والإزدهار في بلد مثل لبنان. يْعاني من آفة المحسوبية والفساد.
كلام المقدسي جاء في معرض  إشادته بوجود قضاة من أصحاب الضمائر الحرّة، ويتمتعون بالكفاءة والجرأة على تخطّي التدخّلات والضغوط السياسية، ووضع الحق في نصابه الصحيح، وتحقيق العدالة ضد المفترين، ورفع الظلم عن المضطهدين.
وكان المقدسي قد تعرّض لدعوى إفتراء من وزير الإعلام السابق ملحم الرياشي، بتهمة الفساد والهدر في إدارة تلفزيون لبنان، في الفترة بين ٢٠١٣ و٢٠١٧، وإتخاذ  إجراءات مجحفة ضده متجاوزاً صلاحيته القانونية، كما ورد في مطالعة مجلس الشورى، عوضاً عن تكريمه على انجازاته وإنقاذ تلفزيون لبنان من موته السريري. وأخذت الدعوى مسارها القضائي الطويل والمتشعب، بدءا من النيابة العامة المالية، إلى قضاة التحقيق، وصولاً إلى الهيئة الاتهامية.
أدّى هذا الافتراء إلى فرض حجز قضائي احتياطي على أموال المقدسي وعائلته في المصارف اللبنانية، وعند الإعتراض على هذا القرار، حسب الأصول القضائية، وبعد تسعة أشهر من الحجز بطلب النيابة العامة المالية تم رفع السرية المصرفية عن حساباته، قرار رحّب به المقدسي لأنه لطالما نادي بإعتماد قانون الاثراء غير المشروع، ويتمنى معاملة المفترين بالمثل ورفع السرية المصرفية عن حساباتهم، فهل هناك من يتجرأ على ذلك؟!
واستمرت تطورات الدعوى والتحقيقات المختلفة تتنقل طوال ثلاث سنوات، بين النيابة المالية وقضاة التحقيق، وإنتهت عند الهيئة الإتهامية، التي أصدرت القرار الفصل بثبوت البراءة، وإلغاء كل الإجراءات التي اتخذت بحقه، بما فيها الحجز على أمواله، بعد أن طارت مع ودائع اللبنانيين في إنهيار الليرة وتداعياته على النظام المصرفي!
فكان أن ثبُتَت براءة طلال المقدسي، ولكنه خسر جنى عمره، كما أصاب الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، لأنه لم يستطع إنقاذ مدخراته من المصارف.
ولكن الأهم بالنسبة لرجل الأعمال العصامي، كان إثبات براءته من التهم المفبركة ضده، والحفاظ على تاريخه المهني ناصعاً، ونظيفاً من الشوائب التي تفرزها، عادة، الوظيفة في القطاع العام. ولا سيّما أن تقارير الخبراء في المحاسبة والشؤون المالية، المكلفين من الهيئة الاتهامية، أثبتت، بلغة الأرقام، عدم وجود أي هدر أو فساد أو أي مخالفة مالية أو إدارية في مالية تلفزيون لبنان خلال إدارة المقدسي، بل على العكس أوردت تلك التقارير عدة وقائع عن عمليات توفير وضبط نفقات، تُقدر بمئات الألوف من الدولارات، سواء في تأمين شراء معدات جديدة ومتطورة، مثل سيارة النقل المباشر OB Van، التي تم تخفيض ثمنها إلى النصف تقريباً، بمفاوضات شاقة أجرتها إدارته مع الشركة المعنية، وكذلك بالنسبة لتجهيز الإستديوهات والكاميرات الجديدة.
وثمة واقعة أحدثت ضجة إعلامية كبيرة في لبنان وفي الخارج، حيث بادر مدير التلفزيون اللبناني الرسمي يومها طلال المقدسي إلى نقل مباريات المونديال عام ٢٠١٤ دون تكليف الدولة فلساً واحداً، في حين حامت شبهات الفساد، بعد مغادرته إدارة التلفزيون، حول الصفقات التي عُقدت في الدورات اللاحقة للمونديال، وكلفت إحداها الخزينة عشرة ملايين دولار، ذهب معظمها إلى جيوب مسؤولين فاسدين.
إيمان الرجل بـ«لبنان الرسالة» لم يتزحزح في وجدانه، رغم الضغوط وخيبات الأمل والصدمات التي تلقاها في وطنه، فقرر العودة إلى الوطن واتخذ بيروت مقراً جديداً لإدارة شركاته التي تتعاطى الإعلان والإعلام والعلاقات العامة والتسويق... مجموعة تضم 1200 موظفاً، يعملون بـ 49 شركة، في 16 بلداً. وكان ذلك مع عودة الأمن والسلام، وإنطلاقة ورشة الإعمار والإنماء كانت الحافز الأول.
ولكن سنوات الأمل سرعان ما اندثرت مع إستشهاد الرئيس رفيق الحريري رجل الرؤيا والإنجازات. وكانت الصدمة موجعة عندما إحترقت مكاتب مؤسساته، وأتت النيران على ملفاته المهنية والشخصية، في حريق مبنى السفارة الدانمركية في الأشرفية، عام ٢٠٠٦.
ولكنه لم ييأس، فإنتقل إلى منطقة سن الفيل، وتابع نشاطه المهني في البلاد العربية، وعمل على تأسيس «جمعية طلال المقدسي الخيرية الإجتماعية» لخدمة أبناء منطقته في قضاء بعلبك، على مختلف المستويات الصحية والتربوية والمعيشية... وعمل مع زملاء على إنشاء جمعية «أخضر دايم»، التي أمّنت شراء 3 طائرات هليكوبتر لإطفاء الحرائق والبحث والإنقاذ. وترأس جمعية «حياة لإنسان» التي تُعنى بأحوال المساجين وتهتم بتسديد غراماتهم المالية بعد انتهاء مدة محكوميتهم.
قصة طلال المقدسي مع محاربة الفساد فصولاً لا تنتهي، وقد يكشف بعضها قريباً في مؤتمر صحفي، يبرز من خلاله ما جرى معه قضائياً وتبرئته أولاً من قبل قاضي التحقيق وتكراراً، ومن ثم الهيئة الاتهامية... ويعلن فيه عن خطواته المستقبلية.