بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 آذار 2024 12:00ص ضريبة على الدولة للشعب اللبناني

حجم الخط
ضريبة على الدولة للشعب اللبناني

يبدو أن التحلل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمالي لن يتوقف في ظل غياب حالي لوجود شخصيات من الطبقة السياسية، أو من خارجها قادرة مؤهلة ومتحضرة لديها الضمير الانساني والوطني والاجتماعي والمنطق الأخلاقي والعدالة ،كما الوعي والمعرفة والذكاء العلمي لما ذكرنا الشخصيات السياسية ومن خارجها على أنها غير مؤهلة لوقف التحلل، ذلك لأننا سمعنا آراءها وأفكارها على مدى أربع أو خمس سنوات من تاريخ الفضيحة المدوية في السياسة وفي المال ؛ ولم تؤدِ تلك الأفكار والحلول الا الى الاساءة أكثر فأكثر بسمعة الوطن وأبنائه وكل من له علاقة في لبنان.
السمعة السياسية:
لقد أثبت اللبنانيون أنهم غير ضالعين بالعلم السياسي لإدارة الشؤون العامة، انما هم قادرون على ادارة شؤونهم الخاصة ومصالحهم من خلال براعتهم في المبادرة الفردية ؛ والدليل على ذلك، أن العالم بأسره يقول لهم ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم،لكنهم لن يقوموا بذلك؛ بل استشرى الفساد السياسي والمالي وانكشف أمام العالم بأسره، ولم يتمكنوا من انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.
السمعة المالية:
لقد أعلن لبنان افلاسه أمام العالم وبكل وقاحة في آذار ٢٠٢٠ حين تمنع عن سداد اليورو بوند، في حين أنه كان يستطيع تفادي ذلك من خلال عدة اجراءات ومفاوضات واصلاحات سياسية واقتصادية، ان النظام المصرفي العالمي المبني على السمعة أولا، دائما ما يسعى فيه مسؤولو هذه المؤسسات الى بناء سمعة وتاريخ لتتراكم السمعة للوصول الى الثقة في لبنان، فقد اختفت هذه السمعة وبسرعة بعدما كانت موجودة منذ زمن بعيد وذلك لسبب أساسي وهو التوقف عن الدفع، وأكثر من ذلك هي الأساليب والمبررات والتحايل المتبعين في القطاعين المالي العام والخاص الأصحاب الحقوق في لبنان وخارج لبنان، ونتكلم هنا عن أصحاب الحقوق الغير لبنانيين مما زاد في انتشار السمعة السيئة في أرجاء العالم وخاصة في العالم العربي ، وأدى بالنتيجة أيضا الى تدني أجور اللبنانيين العاملين في هذه المنطقة. ان أصحاب الحقوق الغير لبنانيين لن يعيدوا ثقتهم بالاستثمار في لبنان الا بعد جيلين أو أكثر أن تصححت الأمور اليوم. ان اعادة السمعة والتي تؤدي الى بناء الثقة لن تعود بسهولة مهما اعتقد اللبنانيون انهم شطّار وحتى لو أعاد لبنان جميع ودائع اللبنانيين والعرب. إن تدمير سمعة وطن بكامله هو ارتكاب شنيع بحق الأجيال الناشئة وبسمعة شعب. فالسمعة ليست فقط قيمة في النظام الاجتماعي انما هي قيمة أساسية في النظام المالي والاقتصادي، فالسرقة ومحاولة السرقة من خلال القوانين والقرارات التي نشهدها ونسمعها كل يوم على شاشات التلفاز، تأخذنا الى الافلاس الأخلاقي أمام المجتمعين العربي والدولي.
غياب الخوارزمية:
هل صحيح أن المجتمع اللبناني لا يوجد فيه أشخاص لديهم حلول وأفكار علمية حسابية ، واذا كانوا موجودين فأين هم ولماذا لم يتقدموا الى الواجهة؟
ان الحلول العلمية والحسابية يلزمها الواقعية والضمير والتخلي عن الأنا والنرجسية، إن اللبناني بطبيعته يتّكل على نفسه بكل شيء والمبادرة الفردية ولا يفكر الا بنفسه أولا، وذلك بسبب غياب المواطنة والتي سببها النظام والمجتمع الطائفي في لبنان (الطائفية الاقتصادية). لذلك، غياب الخوارزمية عند المسؤولين هو شيء ظاهر.
ان الدولة لديها ذراع مالي أساسي هو البنك المركزي الذي وقع أو أوقعوه في فجوة مالية ضخمة لا يستطيع معالجتها وحده لأنه هناك مسؤول عنه ألا وهي الدولة التي تمتلك القرار، وتملُّك القرار عند الدول يكون سياديا وله قيمة معنوية ومادية اذا كان صحيحا، ولكن يبقى سياديا. لذا فعلى الدولة أولا، أن تتخذ قرارا تعترف فيه بالفجوة التي حصلت لدى ذراعها المالي وتتعهد بتحمل المسؤولية لاغلاق هذه الفجوة. هذا التعهد والاعتراف يطمئن الى حد ما المودعين العرب واللبنانيين، ومن هنا تبدأ الخطوة الأولى نحو اعادة بناء السمعة. فبعد كل هذا التخبط وسوء الادارة والفساد، يتوجب على الدولة أن تكون سيادية ومسؤولة عن مؤسساتها وأن تفرض ضريبة على نفسها من خلال اقتطاع نسبة مئوية من مداخيلها ووارداتها لسد فجوة ذراعها المالي، تزامنا مع رسم خطة لاعادة انتظام الدورة الاقتصادية مع تطبيق ما يسمى «light goverment».

يتبع
- الادارة الاجرائية والمواطنة
- العلاقة بين الطبقة السياسية وطبقات المجتمع
نبيل سوبره