بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 كانون الثاني 2024 12:00ص عجاقة لـ«اللواء»: موازنة لا تلبي تطلعات اللبنانيين

الموازنة وإقرارها...«ما بتقدِّم ولا بتأخِّر»

حجم الخط
عبد الرحمن قنديل

«المكتوب مبيِّن من عنوانه» لسان حال الشعب اللبناني منذ أن أقرت موازنة عام 2024 في مجلس الوزراء في أيلول من العام الماضي وصولاً إلى جلسات  مجلس النواب التي إنعقدت من أجل إقرارها.
لا أحد يعلم ما في الغيب،ولكن تعوَّد الشعب اللبناني على مشاهدة مجلس النواب بجلسات فلكلورية للبحث في كيفية إقرار الموازنة على مدى السنوات الماضية ونوابهم الكرام كما بات يطلقون عليهم «الطبقة السياسية الحاكمة»، وهي ترقص على آلام وجرح اللبنانيين من دون أي رحمة أو شفقة أو حتى حق على اللبنانيين بأن يعرفوا على أي أساس نواب أمتهم صوتوا أم لم يصوتوا على الموازنة بسبب معارضتهم لها،دائماً يستخدمون جلسات الموازنة لتحويلها إلى حلبة مصارعة بين الأطراف السياسية لإيصال رسائلهم على ظهر الشعب اللبناني ومن بعدها تقر الموازنة «في ليلة ما فيها ضو قمر».
لا شك أنه منذ أواخر عام 2023،نزل مشروع موازنة عام 2024 على اللبنانيين كضربة موجعة بدأوا يلتمسوا تداعياتها التي كان من أبرزها إستحداث الضرائب والرسوم وفرضها بشكل عشوائي على اللبنانيين،أو من خلال ما هو منتظر من التعميم 151 الذي سيصدره حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري بعد إقرار الموازنة الذي يقضي بإعطاء 150 دولارا شهرياً من ودائعهم، ولكن ما إن عاد الحديث عن إقرارها وإجراء بعض التعديلات كيف سيكون أثرها على اللبنانيين؟.
ولكن ينتظر اللبنانيون من مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2024، على أن تكون أكثر واقعية، من خلال توحيد سعر صرف الليرة مقابل الدولار، والتخلص من الأسعار الثلاثة الموجودة بالحد الأدنى لصرف الليرة، وهي: السعر الرسمي 15 ألف ليرة للدولار الواحد، ومنصة صيرفة 85 ألف ليرة للدولار الواحد، والسوق الموازية 89 ألف ليرة للدولار الواحد، لذلك تُعدّ مسألة توحيد أسعار الصرف من أحد الشروط المسبقة لحصول لبنان على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
وفي نهاية جولة وفد الصندوق الأخيرة على المسؤولين في لبنان في الشهر الماضي، أكد الصندوق أن «من شأن توحيد أسعار الصرف وضع حد لفرص تحقيق الريع، وتخفيض الضغوط على احتياطات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، وتمهيد الطريق أمام سعر الصرف الذي تحدده قوى السوق، مشدداً على أنه ينبغي أن تقترن هذه العملية بضوابط مالية مؤقتة للمساعدة على حماية موارد النقد الأجنبي المحدودة في النظام المالي اللازمة لضمان الوصول إلى حلول منصفة للمودعين.
أشار أستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية البروفيسور جاسم عجاقة إلى أنه بين موازنة سيئة وغياب الموازنة دائماً يجب أن يكون هناك موازنة،ولكن بالرغم من هذا كله تبقى الموازنة لا تلبي تطلعات اللبنانيين خاصة على الصعيد الإجتماعي والصحي بالتحديد بالإضافة إلى عدم تلبيتها التحديات التي يواجهها الإقتصاد والمالية العامة.
ولفت عجاقة في حديث لـ«اللواء» إلى أن اليوم تم إهمال الدين العام الذي هو 85% منه دين داخلي أي من أموال المودعين وهذا ما سيكون لها تأثير على الشعب اللبناني بشكل كبير ،ناهيك عن إرتفاع الضرائب والرسوم الذي سيؤثر بشكل كبير على الواقع اللبناني وعلى الناس.
وعن قدرة الناس على تحمل ضرائب على سعر الـ 89000 أعرب عجاقة عن إعتقاده أن من ليس لديه القدرة على التحمل و الصمود فلم يبقَ أمامه سوى اللجوء إلى التهرب الضريبي، وهذا في حال كان يدفع هذه الضرائب والرسوم أساساً.
واعتبر أن الإرادات الموجودة في الموازنة هي إرادات ليست مؤكدة،لأنه أغلب الظن إذا كان الإقتصاد هو إقتصاد «الكاش» وهذا سيكون مؤشرا خطيرا يدل على أن هذه الإرادات لن تتحقق، وبالتالي سنخرج بعجز لأنه لا يوجد شيء إسمه صفر عجز في الموازنة.
أما عن توحيد سعر الصرف رأى عجاقة أن في الموازنة يوجد ثلاث أسعار أو أكثر لا يمكننا أن نعرف أي سعر ممكن أن يعتمد،ولكن في كل الأحوال إذا كانت ضمن منصة «بلومبرغ» لليرة تلقائياً ما سيعتمد هو السعر على منصة «بلومبرغ» ولكن هذا الأمر لن يكون هناك تأثير فيه لأن إقتصادنا مدولر بغض النظر عن الأرقام وتأثير الوضع على المنصة، لن يكون هناك له تداعيات إلا في حالة تخفيف «الهيركات» على المودعين الذي يخضعون له اليوم من خلال التعميم 151،معتبراً أنه بالمطلق لا نتوقع تعديلا أو تغييرا في الأسس الإقتصادية وذلك لأننا بإنتظار أن يكون لدينا مشاريع قوانين إصلاحية لتتناقش، غير أن كل هذه المشاريع والقوانين لا تصب في مصلحة لبنان ولا شعبه ولا إقتصاده.
ولكن بعيداً عن فلكلور المجلس النيابي في جلسات إقرار الموازنة فقد الشعب اللبناني نفسه الأمل في الطبقة السياسية ومجلسها النيابي الحاكم منذ عام 2019 بالتحديد،فباتوا على قناعة راسخة بأن حاميها حراميها، فكيف إذا كانوا ممن يهندسون الموازنات طيلة السنوات الماضية فباتوا مقتنعين بأن «المكتوب مبيِّن من عنوانه» حتى لو أدخل عليها تعديلات فواقع هذا البلد بأزمته الإقتصادية التي تشتد قسواتها على اللبنانيين حياتياً فلن تساهم في حلحلة مشاكلهم الحياتية التي أثرت عليهم منذ إندلاع أزمة 2019.
يرى اللبنانييون أن الطبقة السياسية الحاكمة ليس في إهتمامها المواطنين ولا شؤونهم ولا حتى كيف ممكن أن يدفعوا هذه الضرائب، فهم همهم الأول والأخير سرقة جيوب المواطنين وإفقارهم كل ما إستطاعوا أن يفعلوا ذلك.
كل ما أتت موازنة تصبح أضرب من سابقاتها،هذا هو لسان حال اللبنانيين الذين يترقبون إقرار موازنة عام 2024 سواء تم تعديل بعض من بنودها أم لم يتم تعديلها لأنهم على قناعة كاملة بأنها لن تقدِّم ولن تؤخِّر، فبالنسبة لهم كل يوم يزداد فقرهم أكثر من قبل مع إشتداد الأزمة الإقتصادية، فالفقر سيستمر وسيزيد، فمنذ أن قال رئيس الجمهورية السابق ميشال عون بأن لبنان ذاهب إلى جهنم بات اللبنانيون على قناعة بأنهم أصبحوا «أربعين طابق تحت جهنم».