15 آذار 2024 12:00ص عصب لبنان الخدماتي بين الفوضى والاهمال

حجم الخط
حسن علي شرف الدين

بعد تعميم الأمن العام وتحذير نقيب أصحاب وكالات السياحة والسفر من المواقع الإلكترونية الوهمية ووكالات السفر غير الشرعية ما زال المواطن يتعرض لعمليات نصب وآخرهم كانت الضحية زهراء الشيخ علي، نظرا لغياب دور الرقابة والتفتيش السياحية، وفي ظل تقاعس من جهات عدة، إذا هذا المقال يسلّط لكم الضوء عن واقع هذا القطاع وخباياه في سبيل توعوية المواطن وتحسين القطاع الذي بات العصا التي يتكئ عليها اقتصاد لبنان.
في السنتين الأخيرتين، ازدادت بشكل ملحوظ ظاهرة «تجار الشنطة»، أفراد يمارسون مهنة السياحة والسفر من بيوتهم، إضافة إلى عدد كبير من المكاتب غير الشرعية، في ظل غياب تام للرقابة والتفتيش.
يعمد هؤلاء الأفراد إلى التعامل مع وكالات سفر مرخصة كبيرة Iata بغية تحصيل نظام الحجز الموحّد GDS، الذي يعتبر العمود الفقري لكل مكتب سفر، إذ يقوم بعضها مؤخرا بتقديم عروض وحسومات للوكالات الصغيرة أو الجديدة، سواء كانت مرخصة أو حتى غير مرخصة، لتحقيق أرباح وإيجاد منافسة غير عادلة وما زاد الطين بلّة، أن شركات الطيران لها اليد العليا لفرض شروط على الـ GDS، كونها تتحمّل تكاليف التعاقد للحصول على خدمة الانضمام إليه، ولهذا السبب بعض شركات الطيران الأجنبيّة لا تسمح لأي وكالة سفر بالحجز معها أبدا إلّا عبر التأكد من رخصة المكتب، وتعتبره شرطا أساسيا لإعطاء username يخوّلهم العمل عبر نظام الحجز الذي ذُكر.
والصدمة أن معظم باقي شركات الطيران لا تأبه بالقوانين، ولا مشكلة لديها في التعامل مع شركات غير مرخصة.
مع العلم أن شركات الطيران تخضع لسلطة وزارة الأشغال العامة والنقل، وبناء عليه لا بد أن يلزم وزير النقل هذه الشركات بتطبيق القانون.
وفي الآونة الأخيرة تنتشر شركات حجوزات تذاكر وفنادق عبر الـ «أونلاين» محليّة وأجنبيّة، بمعظمها وهمي فيقع المواطن بسبب عدم التوعية كضحية في الفخ.
وبعد التمادي في هذه التجاوزات المؤذية للقطاع، قامت الوكالات المرخصة برفع صوتها محذّرة من هذه الظواهر التي تشجع على عمليات النصب والاحتيال والمنافسة غير المشروعة.
وفي هذا السياق، عُقد اجتماع في شهر مايو من العام الماضي بحضور وزير السياحة السيد وليد نصار وممثلي شركات الطيران وشركات GDS، ونقيب أصحاب وكالات السياحة والسفر حيث تم اتخاذ إجراءات لمكافحة تلك الظواهر والمخالفات، بما في ذلك:
- تطبيق شروط صارمة لمنح الرخص، مثل الخبرة المهنية وامتلاك مكتب مخصص، بالإضافة إلى توظيف موظفين مسجلين في الضمان الاجتماعي، مع مراعاة الالتزام بالشروط التقنية اللازمة وضمن فترة زمنية محددة.
- تسليط الضوء على شركات السفر المتمادية بغية وضح حدّ لها.
وقد طالبت النقابة بمؤازرة الشرطة السياحية في تنفيذ حملات تفتيش على جميع الأراضي اللبنانية للكشف عن المكاتب السياحية، والاستعداد لتغطية نفقات المحروقات.
إلّا أن تلك الخطوات لم تُنفذ وظلت المقررات حبراً على ورق، وحتى يومنا هذا اكتفت النقابة بإصدار تعاميم ونشر فيديو توعوي تحذيري! فلمصلحة من عدم التحرك الجديّ في هذا الموضوع؟
نأمل من معالي الوزير وليد نصار تكملة ما وعد به في أيار الماضي، وتشديد اجراءاته من خلال الشرطة السياحية، وخاصة أن موضوع المحروقات بعد المقترح لم يعد يشكّل أي عبء على الدولة بعد تكفّل النقابة به واستعدادها التام للتعاون مع الوزارة في هذا الملف.
وفقاً لمصادرنا، قدّم اقتراح عملي ينظم سوق السفر لشركات الطيران، ويتمثل بفرض إرسال نسخة من رخصة وزارة السياحة من قبل كل مكتب سفريات يزاول المهنة في مدة أقصاها أسبوع. وفي حال عدم الامتثال، سيتم حجب حجوزات الرحلات، بشكل فوري، ورغم تقديم الاقتراح منذ أكثر من سنة، إلّا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى الآن.
يناشد أصحاب مكاتب السفريات وزير الأشغال العامة والنقل الدكتور علي حميّة لتشديد الرقابة على شركات الطيران، مطالبين الوزير بإلزام هذه الشركات بالحصول على رخص المكاتب قبل التعامل معها، نظراً لانتشار التعامل غير الشرعي وتجار الشنط في سبيل ضمان شرعية العمل وحماية القطاع من المخاطر المحتملة.
في الختام، لا بد من تطبيق القوانين وتشديد الرقابة والتفتيش لان قطاع السياحة من أهم القطاعات الخدماتية، على أن ينتشل المعنيون هذا القطاع من هذا الواقع المزري والذي يواصل انحداره يوما بعد يوم.