عبدالرحمن قنديل
منذ بداية الأزمة الإقتصادية التي عصفت بالبلاد منتصف العام 2019 وبخاصّة على إثر تدهور العملة الوطنية مقابل سعر صرف الدولار، بدأت تقديمات الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي تفقد قيمتها الفعليّة التي لطالما كانت تشكّل الأمان للمضمونين على الصعيدين الصحيّ والإجتماعي.
رفع مدير عام صندوق الضمان الإجتماعي محمد كركي كتاباً الى مجلس الإدارة بتاريخ 24/1/2024 حمل الرقم 210 طلب بموجبه اعتماد سعر صرف الدولار الرسمي الأعلى المعتمد من قبل مصرف لبنان وذلك من أجل تأمين موارد مالية إضافية للصندوق توظّف بشكل مباشر بغية تحسين تقديمات الضمان وبخاصّة الصحيّة منها، فلا يتكبّد المضمونين الجزء الأكبر من فواتيرها العلاجية، باعتباره آلية تصحيحية ولو جزئياً، في إيرادات صندوق الضمان، بالتوازي مع تصحيح جزئي في تعويضات العمال أيضاً.
أهمية التصحيح، أنّ الإيرادات التي تموّل التغطية الصحية للمضمونين وللمسجّلين على اسمهم، قد انهارت ممّا نسبته 90% من فواتير الاستشفاء و85% من قيمة الفواتير الطبية، إلى أقلّ من 10% للاثنين معاً ،كل ذلك يأتي فيما المضمونون منكشفون ومكبّلون، بعد هدر ودائعهم المصرفية واضمحلال قيمة رواتبهم ونهاية خدمتهم، فلا يجدون من يغطّي طبابتهم واستشفائهم مع رفع فواتير الإستشفاء الى ما كانت عليه قبل الأزمة المالية وزيادة الأقساط التأمينية لدى الشركات الخاصة.
لذلك أوضح مدير عام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي في حديث لـ«اللواء أن هذا القرار كان في دائرة النقاش منذ فترة طويلة في نقاش ضمن مجلس إدارة الضمان الإجتماعي أي منذ أن أخذنا قرار تطبيق الـ 15 ألف وكان هناك إلتزام في القرار الصادر عن وزارة المالية بأن التصريح عن الدولار للمؤسسات التي تصرح بأنها تدفع بالدولار لموظفيها، لذلك كانوا يصرحون للضمان على أساس ال 15 ألف ليرة بحسب ما كان صادراً عن وزارة المالية لأن الضمان لا يتصرح له من خلال الدولار.
ولفت كركي إلى أن هذا الموضوع يحرم الضمان الإجتماعي نسبة كبيرة من الإشتراكات، فعلى سبيل المثال من يقبض الألف دولار يصرح بأن الضمان دفع له على ال 15 ألف ليرة 15 مليون وبالتالي تأخذ الإشتراكات على ال 15 مليون ليرة،في حين أن من يقبض فعلياً 20 مليون ولا يقبض بالـ«الدولار» يدفع إشتراكات أكثر من الذي يقبض ألف دولار، وبالتالي هنا العدالة باتت مفقودة وأصبحت وسيلة للتهرب بحجة دفع الدولار ويصرحوا على أساس الـ15 ألف لكي يتهربوا من الدفع المتوجب عليهم للضمان الإجتماعي.
وكشف أنه خاطبنا وزارة المالية لتعيد النظر في هذا القرار ولكن عندما لم يأتِ الجواب الشافي بالسرعة المطلوبة،أصبح هناك تواصل ما بين مجلس إدارة الضمان ووزير العمل الذي بلغ مجلس الإدارة أن هذا القرار يعود إلى مجلس إدارة الضمان، وبالتالي الأجهزة الثلاثة في الضمان إن كان الإدارة أو اللجنة الفنية ومجلس إدارة الضمان، وبمباركة من وزير العمل إرتئينا أن لا شيء بعد الآن إسمه الـ 15 ألف خاصة بعدما صدر قانون الموازنة وتم التصويت عليه،وبالتالي من بعد التصويت عليها لم يعد هناك مبرر لفرض الضرائب على الـ15 ألف،ولم يعد هناك سوى السعر الرسمي لمصرف لبنان وهو 89500، لذلك الضمان الإجتماعي كما كل المؤسسات في البلد أشار إلى أن من يريد أن يعتبر أن الضمان يدفع بالدولار للموظفين ويريد المحاسبة بسبب دفع الإشتراكات ،فالضمان كان يحسبهم على الـ15 ألف ولكن الآن سيتم إحتسابهم على الـ 90 ألف.
واعتبر أنه عملياً نحن لا نعرف حجم المؤسسات ما إذا كانت كبيرة أم لا ،لأن كل ما هو واضح بالنسبة لأننا لا نملك الأرقام الدقيقة التي تحدد حجمها بالشكل الدقيق سواء 3 أو 4 أو حتى 5% من تلك المؤسسات أو عدد الأجراء التي كانت تطبق هذا القرار لمعرفة تأثيرها على الضمان الإجتماعي،ولكن تماشياً مع كل سياسات الدولة ومجلس النواب والمصرف المركزي والحكومة ذهبنا بإتجاه هذا الإطار.
وتخوف كركي من أن كل المؤسسات أصبحت تفكر بإتجاه تقسيم الرواتب من خلال التوجه لدفع الإشتراكات إلى الضمان بجزء باللبناني والجزء الآخر بالدولار لكي تخفض الإشتراكات التي تدفعها للضمان الإجتماعي،وبالتالي هذه الخطوة ضرورية لترسم مرحلة جديدة لذلك لم نُعطِ هذا القرار مفعولاً رجعياً وبدأنا في تنفيذه أوائل شباط.
وأشار إلى أن الضمان أصدر قراراً مؤخراً أن كل المؤسسات التي تصرح عن أي عامل لديها بأقل من 20 مليون ستحال إلى التفتيش من إيقاف أي معاملة لأن هناك أشخاص بدأت تقول وكأن مدير عام الضمان يحدد الحد الأدنى للأجور أو يريد عرقلة معاملات الناس، ولكن باتت هناك شكوك بأن لا يوجد موظف في لبنان يستطيع أن يعمل بأقل من 300 دولار،لذلك يتم التصريح بأقل من 20 مليون للعامل، لهذا السبب هذا التصريح هو غير دقيق لذلك يجب أن يتم التصريح على ما يدفع فعلياً.
وتفاجأ كركي بأن هناك قطاعات مثل المصارف ما زالت تصرح للضمان بال 9 مليون في حين أن هذه المصارف كانت تجني الأرباح الطائلة على مدى الأربعين سنة الماضية، وهذا الأمر سائر على أغلب القاطاعات بمن فيها المستشفيات، لذلك الضمان لا يرد الفواتير كما كانت في السابق لأن ليس هناك تصريح عن الأجور الحقيقية كما كان في السابق لأنهم يصرحون ب10 أو 20% من القيمة الفعلية للأجور،فعندما كان هناك تصريح حقيقي كان الضمان يستطيع أن يمول.
وكشف أنه خلال الأيام القادمة ستصدر قرارات مهمة تتعلق بالدواء والإستشفاء وغسيل الكلى بالضمان الإجتماعي وكل الإشتراكات التي يطالب بتحصيلها الضمان هي تصب في خانة المريض المضمون لكي نستطيع زيادة نسبة تغطية الضمان ونعود تدريجياً إلى ما كنا عليه أي بدفع 90% من فاتورة الإستشفاء و80% من فاتورة الدواء فيجب التصريح عن الأجور الحقيقية من قبل أصحاب العمل والعمال لمساعدة الضمان الإجتماعي لنستطيع العودة إلى التغطية الصحية كما كنا في السابق.
ولفت إلى أنه كل ما يتم التصريح عن الأجور الحقيقية كلما كانت تعويضات نهاية الخدمة للناس تزيد، لذلك كل الخطوات التي تقوم بها إدارة الضمان تصب في نهاية الأمر في مصلحة المضمون إن كانت من خلال زيادة التعويضات العائلية أو من خلال زيادة التقديمات الصحية مثلما هو مقرر نهاية الأسبوع، مشيراً إلى أنه يجب أن يكون هناك شفافية وتعاون مع الهيئات الإقتصادية لنصل إلى الحلول الناجعة لتعود تقديمات الضمان إن كان من خلال الطبابة أو الإستشفاء أو الدواء.