عبدالرحمن قنديل
أنجزت حكومة تصريف الأعمال مشروع قانون «إسترجاع الودائع ومعالجة أوضاع المصارف»، وسط خلافات فيما بينها حول أحقية شطب الودائع من عدمه مما خلف إنقسام بين الوزراء حول هذا المشروع إستدعى تأجيل مجلس الوزاء الذي كان مقرر عقدها الجمعة الماضية والتي كانت تتضمن هذا البند المتفجر ضمن جدول أعمالها, وسط كثرة التساؤلات حول النيّة الحقيقية لإسترداد هذه الودائع أو أن هناك نيّة مبطنة للحكومة لتشريع الهيركات، وطي هذه الصفحة من دون تحمل أي مسؤولية؟
تشير مصادر مصرفية لـ«اللواء» إلى أن الموضوع الأساسي لمعارضة المصارف هي الفجوة الحاصلة في مصرف لبنان وباعتباره مملوك من قبل الدولة فهو مسؤول عن هذه الفجوة الموجودة،وهذا هو جوهر المشكلة الذي عبر عنها قرار مجلس الشورى بوضوح عندما أن الدولة لا تستطيع شطب الودائع في المصارف لأنه في حال شطبت الودائع فلم يعد بإستطاعتها رد الودائع للناس.
ولفتت المصادر إلى أن هذا المشروع بالطريقة المقدم فيها سيكون من خلاله جزء كبير من الودائع «مشطوبة» ،وهذا سيؤدي مع الوقت إلى عدم القدرة على رد الودائع للناس لهذا السبب هناك إعتراض مصرفي لأن الأساس في أي مشروع أن تقوم الدولة باعتبارها هي المسؤولة عن الخسائر في مصرف لبنان كما تدعي بالبحث عن الطرق المناسبة للقيام بتعويض هذه الخسائر على مصرف لبنان من خلال أن يكون هناك صندوق لإسترداد الودائع لتكون الدولة متنازلة بشكل واضح عن الإرادات المستقبلية لتغطي الفجوة المالية في مصرف لبنان.
واعتبرت أن المصارف والمودعين في نفس الدائرة لأن الدولة تقول أن المصارف هي من تتحمل عملياً بشكل واسع مسؤولية رد الودائع للمودعين،ولكن بحال الدولة لم تتحمل مسؤوليتها ممكن أن يكون بإستطاعتها رد جزء محدود جداً منها لا أكثر،لذلك يجب على الدولة تحمل مسؤوليتها لأنها قانونياً هي المسؤولة عن خسائر مصرف لبنان وعليها أن تساهم بشكل أساسي برد الودائع لكي تتمكن بتسكير الفجوة الحاصلة في مصرف لبنان.
وشددت المصادر على أن إذا هناك فجوة في مصرف لبنان بسبب سياسة الدعم وتثبيت سعر الصرف ومصروف الدولة،لا تستطيع الدولة أن تقول أنها هي المسؤولة عن هذه الخسائر وتتلكأ من القيام بواجباتها وتتهرب من تغطية هذه الخسائر عملياً يجب أن تساهم في تغطية هذه الفجوة لكي تتمكن من رد أموال الودائع ،فإذا لم تساهم في التغطية وتركت المسؤولية على المصارف أن تغطي خسائر مصرف لبنان سنفشل في رد الودائع للناس،لذلك فإن مصلحة المودعين هي مع مصلحة المصارف في هذا الأمر.
وأكدت أن قرار مجلس الشورى أكد دستورياً وقانونياً لا يحق للدولة أن تشطب أموال المودعين في المصارف،لذلك يجب على الدولة تحمل مسؤوليتها ومشاركتها بشكل واضح وفعال في رد الودائع للناس من خلال تسكير الفجوة المالية الحاصلة في مصرف لبنان.
ورأت أن المصارف تضع كل إمكانياتها في سبيل رد أموال المودعين بقدر إستطاعتها،ولكن هذه الإمكانيات لا تستطيع أن تؤدي غرضها بشكل المطلوب لأن الفجوة الأساسية هي في مصرف لبنان لأن المشروع المنطقي أن الـ100 ألف دولار إما أن ترد بشكل فوري أو وفق مراحل واضحة المعالم حسب المشروع ولكن الأفضل بحسب رأي المصادرهي في ردها بشكل فوري ،أي أن ترد كودائع وبقية المبلغ يذهب لصندوق إسترداد الودائع وجزء من أرباح المصارف المستقبلية لأنها ستستخدم في رد الودائع كما جزء الأرباح المستقبلية في إدارة أصول الدولة أيضاً لكي يتم رد الودائع بأسرع وقت ممكن بقية الودائع.
وأردفت أنه ليس هناك قدرة على رد الثقة الداخلية أو الخارجية في القطاع المصرفي إلا من خلال معالجة الفجوة المالية في مصرف لبنان لأن اليوم هناك أموال وضعت في مصرف لبنان بسبب إجراءات وتعميم الذي أصدرها المصرف، والدولة بشكل غير محق وغير قانوني صرفت هذه الأموال سواء من خلال سياسة الدعم وتثبيت سعر الصرف التي كانت معتمدة أو لقضاء حاجاتها من خلال شراء فيول للكهرباء على سبيل المثال وغير ذلك.
وتابعت أن الدولة قامت بوضع يدها على أموال المصارف والمودعين في مصرف لبنان وقامت بإستخدامهم ،اليوم الطريقة الوحيدة قانونياً ستكون الدولة هي المسؤولة أن تسكر العجز في مصرف لبنان لأنها صرفت هذه الأموال بغير حق لأنها ليس لها أي أحقية في أن تقترب من هذه الأموال .
ودعت المصادر الدولة اللبنانية إلى تخصيص جزء من إرادات أصولها لحل هذه الأزمة باعتبارها قادرة على إدارة هذه الأصول،كما حصل في مصر على سبيل المثال عندما قاموا بيبيع حوالي ثلثي من عقار موجود على البحر مما ساهم في تأمين إستثمارات من أبو ظبي ب 35 مليار دولار وقلب المعادلة بأكملها إقتصادياً،فإذا الدولة إستطاعت إدارة أصولها تستطيع أن حصيل مداخيل كبيرة وتخصص جزء من هذه المداخيل المستقبلية وإن كانت بنسبة 20% من هذه المداخيل لتغطي هذه الفجوة ،فمن خلال هذا الحل ممكن أن تستطيع أن سد هذه الفجوة في وقت مقبول،فضلاً عن مشروع النفط والغاز فإذا سارت الدولة في هذا المشروع ستحقق إرادات مالية ضخمة،لذلك الموضوع يحتاج إلى إدارة أفضل لأصول الدولة.
وأشارت إلى أن المصارف لا تتهرب من مسؤوليتها وهي مستعدة للمساهمة في جزء من أرباحها لسد هذه الفجوة،ويجب ان يكون هناك قانون واضح من قبل المصرف المركزي يقر ،ويقبل به صندوق النقد الدولي لإنعاش الإقتصاد لتحسين إدارة أصول الدولة الذي لا شك إذا حدث هذا الأمر صندوق النقد الدولي سيلعب دور أساسي في إدارة أصول الدولة،لذلك يجب أن يكون قانون متكامل لأن ليس باستطاعة مصرف لبنان أن يسير بهذا المشروع بمفرده،هذا المشروع يجب أن يصبح قانون ويتم الموافقة عليه من قبل الجهات الدولية ليتزامن مع القيام بإصلاحات أساسية في الدولة.