بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 تموز 2024 12:00ص من يحمي مستوردي النفايات النووي ويغطي إنتشارها؟

الموت النووي يهدد المناطق اللبنانية

حجم الخط
بدون ضجيج ولا صخب.. تحوّل لبنان إلى مستورِدٍ للمواد النووية الخطرة والخطرة جداً، على أيدي مافيات تقوم باستيرادها وتخزينها في مختلف المناطق اللبنانية، خلافاً للقانون وخلافاً لكلّ قواعد السلامة العامة، محوِّلين لبنان إلى مخزنٍ للنفايات المُشِعّة والكعكة الصفراء حتى بات الشعب اللبناني معرَّضاً بالمعنى الحرفيّ للكلمة للإبادة الشاملة، نظراً لسوء التخزين المعتمد لهذه الموادّ ولخطرها المباشر على كلّ أشكال الحياة، وهذا ما يفسِّر الارتفاع المتصاعد في الإصابات بأمراض السرطان المختلفة، في ظلّ صمتٍ مريب ومُستنكَر يمارسه المعنيون فيستمرّ طمس الحقائق المرعبة التي يجري إخفاؤها عن الناس الذين يُقتلون «على البطيء» منذ سنوات.
منذ أشهر جرى الكشف عن وجود 80 حاوية مليئة بالنفايات النووية المصنفة خطرة وخطرة جداً في مصفاة طرابلس - البداوي، وقام الجيش اللبناني بالكشف عليها وتأكيد خطورتها وعلمت كلّ الوزارات المعنية بحقيقتها، لكنّها لم تزل في مكانها ولا أحد يبادر إلى التخلّص منها بالشكل المطلوب علمياً وصحياً، ويدور الحديث عن ضرورة قيام وزارة الطاقة بإجراء مناقصة لهذه الغاية، لكنّ السؤال الأهم والأخطر هو: من الذي أدخل هذه النفايات النووية إلى البلد، ومن الذي تمكّن من نقلها إلى مصفاة طرابلس؟ وهل حظي بإذن وزارة الطاقة؟ وكيف يمكن السماح أصلاً باستيراد هذه المواد القاتلة التي تمتنع الدول عن إبقاء بضعة عشرات من الغرامات منها على أراضيها؟
من يختار أماكن دفن النفايات النووية ومن يستطيع التحرّك بهذا المستوى من الحرية والقدرة ليفرض على المناطق هذا الموت الزؤام؟
لا يقتصر نشر النفايات النووية على طرابلس فقط، فقط وصلت إلى مناطق كثيرة في جبل لبنان وجرت محاولات فاشلة لدفنها في المصيلح - النبطية، كما أنّ الجغرافيا اللبنانية مستباحة ويمكن لهذه العصابات رمي هذه النفايات السامة في الأماكن النائية من دون حسيب ولا رقيب.
يذكر بعض الخبراء أنّ فرنسا تمنع الاحتفاظ بالكعكة الصفراء على أراضيها، كما أنّ اليابان أعلنت حالة التأهّب عندما اكتشفت 30 غراماً من المواد النووية على سطح إحدى السفن.. فكيف يكون الحال وقد تحوّلت الأراضي اللبنانية إلى مخازن غير مشروعة تقوم بإنشائها شركات وهمية تستأجر العقارات وتقيم الهنغارات وتضع النفايات النووية فيها وتختفي عن الوجود كما حصل في إحدى المناطق التي لا تزال هذه النفايات موجودة فيها حتى الآن.. وبعضها مخزَّن غير بعيد عن مرفق دولي حيوي في العاصمة.
مخاطر النفايات النووية لا تقتصر على احتمال تعرّضها للانفجار بسبب عوامل الطقس أو الحرائق في الأماكن المجاورة لتخزينها.. بل إنّها تنشر السموم القاتلة في شعاع 100 كلم، وهذا يعني على سبيل المثال أنّ أهالي طرابلس والشمال يستنشقون النفايات السامة منذ سنوات وهذا الأمر سيتفاقم في الفترات المقبلة مع استمرار هذه العصابات بالتحرّك وممارسة تجارة النفايات النووية، وهذا بدوره سيضع الشعب اللبناني أمام خطرٍ وجوديّ حقيقي..
لماذا يصمت الرؤساء والوزراء والنواب والسياسيون والأحزاب والجمعيات البيئية والمجتمع المدني وعموم الرأي العام على هذه الكارثة، وهي تطالهم جميعاً أم أنّهم استطابوا «الموت النووي» فاستسلموا له بلا حول ولا قوة! وكيف يمكن فهم هذا الحجم من الاختراق في النظام الأمني الولج حماية البلد من إدخال أيّ مواد تشكل خطراً على السلامة العامة، لكنّ هذا الأمر لا يعودُ مستغرباً بعد تجربة جريمة تفجير مرفأ بيروت وما كان يختزنه من مواد أدّى تفجيرها إلى نسف العاصمة وقتل أهلها.
وكما كان الرئيس السابق ميشال عون يعلم بوجود الخطر الداهم في المرفأ وكما علم حسان دياب وألغى جولته التفقّدية، هناك من يستمرّ في حماية نشر المواد النووية الخطرة جداً على امتداد الأراضي اللبنانية.