وينبلج نهارٌ بعد نهار وانحناءات وتجعّدات باهتة.. تجعّدات شابت والسؤال أمرّ من العلقم.. تجعّدات في كل شيء وسط تداخل الألوان.. والسؤال يطرح نفسه عن سبب أهمية الشكل؟ وإهمال المضمون! في حين المتاهات وعوالم الغيب تسيطر على العقول!! ولا أحد يرى ذلك الواقف في مستنقعات السؤال والتائه في المتاهات اللزجة.. المستقبل داكن.. العناوين صارخة وبرّاقة.. لحظة المخاض بعيدة.. بعيدة.. الأرض حُبلى.. من يرانا؟ من يراني؟ سأل صديق.. وصمت وصمتت الكلمات! لكن الحياة سبقتنا واستمرت.. لم تتوقف، بينما نحن ندور وندور حول أنفسنا، وحول أسئلة تجاوزها الزمن.. بينما الصوت لم يتوقف عن ترداد وبإصرار: «من يملك الحقيقة كاملة فليجهر بها الآن الآن»..
لحظتئدٍ راحت النوارس تحلّق في السماء المكفهرة والحزينة.. وأخذت تسأل: «أين مجتمعكم؟ مجتمع الإيمان والعدالة والحرية».. عناوين وعناوين، حتى جدران المدينة تئنّ من كثرة العناوين التي شوّهت وجهها!! وسألت لماذا لا تجمعوا كل هذه العناوين في عنوان واحد؟ لماذا لا تجتمعوا على كلمة سواء وتطرحون السؤال بكل جرأة: أيُّ غدٍ تريدون؟ لأن هذا الغد لا يمكن أن ينبلج بعيداً عن إرادتكم ومن قواعد تحدّد إيقاعات المستقبل.. وهل تملكون المقدرة؟ لم يجب أحد.. عمّ الصمت ثانية، لأننا تطوّرنا في الشكل ولأننا نعاني من محنة في العقل، محنة لا تزال قائمة رغم المتغيّرات في الشكل.. محنة تعود جذورها إلى عمق التاريخ البعيد البعيد.. ولكن من يملك منّا الإرادة التي تتطهّر من تلك الرواسب البغيضة، لننطلق في ركب الحضارة كأي مجتمع متحضّر تخلّص من كل العوائق التي تقف في طريق تقدّمه..