مَسَرّتي وقعَت في الجُبّ واحْتَبَسا
دمعيْ، وبات دميْ المكسورُ مُلتَبِسا
من أين أعبرُ نحوي؟ والمَدى مِزَقٌ
والشمس تركَبُ من أعصابِها فَرَسا!
حتى الكنَارُ المُغنّي فوق رأسيَ لا
أدري أكانَ كنَاراً رَقَّ أَمْ.. نَحَسَا؟
لا تُبصرُ العينُ إلّا ما يُهدّمُها
وفي الفؤادِ رِماحٌ لا تكِفُّ قَسَا
وبابُ بيتيَ بالغيلانِ مزدَحِمٌ
وخلف ظهريَ جَرْفٌ بالرّدى هَجَسَا
صوتي رصاصةُ أرضي، مَن سِواي لهُ
كرامتي، وبوجهِ القَهْرِ ما نَبَسَا؟
يا مَن تسائلُ عن حالي أنا قمرٌ
والذئبُ ليس وحيداً كانَ مُفْتَرِسا
و«يوسفٌ» تُستعادُ اليومَ قصّتُهُ
أدهى وأشنَعَ مِمّا جاءَ مُقتَبَسا
أهلي تقَطّعَتِ الدنيا بهِمْ سُبُلاً
وأصبحوا لِلَيالي خوفهِمْ حرَسا
والناظرونّ إليهِمْ بالشماتةِ قُلْ
إلى ضميرٍِ أسِيرٍ وَجّهوا الخَرَسا
ألمُغرمونَ بألطافِ اليهودِ فلا
عِرْقٌ يؤنّبُهُمْ جَهراً ولا غَلَسَا
ومَن أحَبّ عدوّاً بالجهالةِ لم
يسلَمْ، فكيف إذا أضحى لهُ وَنَسَا
سُودُ القلوبِ على سُود الوجوه على
سُودِ النفوسِ التي شريانُها يَبِسَا
أبناءُ جِلْدَتِهِمْ لاذوا إلى يَدِهمْ
وفَوْقَهُمْ نَبْلُ أبناءِ الزّنى غُرِسَا
فزغردوا فَرَحاً من خلفِ أقنعةٍ
وما لإبليسِهِمْ أن يُخفيَ البَلَسَا
أهلُ النِّفاقِ المُفَدّى إنْ نظَرتَ إلى
مِرْآتِهِمْ.. بَانَ وجهُ اللِّصِّ مُنعَكِسَا
أيدي اليهودِ من التدميرِ قد يئستْ
وجَمعُهُمْ مَن هَوى التدمير ما يَئِسَا
يرنونَ للحربِ أن تُعطَى مكافأةً
من العدوّ لهُمْ كي يُكْمِلوا الهَلَسَا
حروفهُمْ منْ سُمومٍ، والكلامُ لظَىً
شَدّوا عليهِ ابتغاءَ المَقْتَلِ، المَرَسَا
يفاخرون بأطباعِ العبيدِ، وقد
حطُّوا لها في بلادِ الأرزةِ الأُسُسَا
ماذا فعلنا لهم؟ تحرير دِيرتنا؟
ولم يكَلِّفْهُمُ التحريرُ فِلْسَ نِسَا؟
ولم يموتوا.. ولا تاهُوا.. ولا تعبُوا
ماذا إذَنْ حَضَّهُمْ أن يَحقدوا هَوَسَا؟
فما تحرّرَ شِبْرٌ من ترابِ قُرىً
إلّا ودقّوا لنا من غيظهِمْ جرَسَا
أنترُكُ الأرضَ للملعونِ منظرُهُمْ
وشَرُّهُمْ بدمِ الأجيال قد غُمِسَا؟
هل الغرامُ بإسرائيلَ باتَ هُدىً
وكلّ هَدْيٍ سواهُ اغْتيلَ أو طُمِسَا؟
مِنّا الخساراتُ لا منكمْ، وليس لكُمْ
أنْ تنصحوا مَن على الأعداءِ قد شَرِسَا
«إنْ كان سَرَّكُمُ» الوحشُ المُلِمُّ بنا
هنيئاً الدّبْسُ والنِّمْسُ الذي دَبَسَا
أفكارُكُمْ شَذَرٌ.. أخبارُكُمْ مَذَرٌ
وما تَبقّى يعاني العُقْمَ والعَنَسَا
لقد رضيتُم بِمُحتلّين، فانصَرِفوا
فليسَ منكُمْ دَعِيٌّ أصْلَهُ درَسَا؟
على العدوّ عَضاريطٌ، ويُغضِبُكُمْ
مقاومٌ إنْ على آلامهِ عَطَسَا
وباسْمكُمْ يوغِلُ القصفُ «الذكيّ» بنا
فتستَزيدونَهُ لُؤماً.. لَعَلّ.. عَسى
وراءَ بَهجتِكُمْ وَهْمُ السيادة كم
رَقَبْتُموه، فخابَ الحَدْسُ ما حَدَسَا
أيتامُ داعشةٍ أزلامُ فاحِشةٍ
وأَوْطَأُ الخَلْقِ ممّن ربكُمْ كَنَسَا
مَلأتُمُ الزمنَ المَخصيَّ ثرثرةً
وخلفَ إِعلامِكُمْ وجهُ العُلى نُكِسَا
تسائلونَ لمَن هذي الدماءُ؟ لكُمْ
كي لا تكونوا لديهِمْ خُدَّماً تُعَسَا
مُسْتأجَرونَ لتقديم الشهادةِ في
خَرابِنا خالِطينَ الرأيَ.. والعَدَسَا
ألَم ترَوا أُمّةَ التسليمِ ضائعةً
شَرْوَى نقيرٍ، ومَغْنَىً عامراً درَسَا؟
لم تصنعوا وطناً حرّاً بفكرتهِ
لا بل نَفَختُمْ بأعلى خَيْلِه الدّنَسَا
سَتلْبَسون غداً عارَ الضعيفِ كما
مِنْ قبلِكُمْ كلُّ عَارٍ، عارَه لبَسَا
الشرقُ والغربُ في لبنان معتَرَكٌ
كلٌّ يريد لهُ في أرضنا نفَسَا
فهل تريدونَ منّا رَفْعَ رايتِنا ؟
وبين خيطانِها وَعْدُ السماءِ رَسَى؟
وكيف للسنديانِ المُستقيمِ على
أَرَائكِ الصخرِ، أن يَسْتَعْذِبَ النَّعَسَا؟
أهلاً وسَهلاً.. تُحَيّيكُمْ بدائعُنا
تَسْبي الأجانبَ والأَعرابَ والفُرُسَا
ونُصْدِرُ القولَ: لا زُلْفَى ولا وهَناً
لن تَفهَموا الحربَ ما لم تَفهَمُوا القُدُسَا
حربُ اليهودِ بنا.. لا رَبَّ يرفَعُها
عنِ البريءِ، ولا يَحْنو إذا الْتُمِسا
يكاد من سَطْوةِ الكُفْرَانِ، مُعتكِفٌ
يُغضي حياءً، كمَن من حالِهِ يَئِسا
دَع عنكَ لائمةَ الربّ الذي عبَدوا
وقُل لربّكَ دَعْني أحمِل القَبَسا
واضْرِب بطاحونةِ النار التي حُفِظَتْ
لِيَومِ قارعةٍ فيها الجحيمُ كِسَا
وانْصُب على شاشةِ الدنيا مشانِقَهُمْ
ليصبحوا فُرْجةَ العُميانِ صُبحَ مَسَا
لبنانُ أكبرُ من دينٍ يكبِّلُهُ
ومن نظامٍ يُداوينا أسىً بأسى
لبنانُ شعبٌ إذا لم تُخرجوه إلى
العدلِ الكبيرِ سيغدو كلُّهُ عَسَسَا
ما ماتَ لبنانُ بل ماتَ الذينَ رأَوا
فيهِ جَبَاناً على خِنّاقِهِ دُعِسَا
نَبُوسُ منهُ تُراباً طابَ رائحةً
ونسمعُ الآهَةَ الغَرّاءَ.. إنْ هَمَسَا
والحربُ ما الحربُ؟ لو خِفْنا لها ثمَناً
حُسَينُ ما قامَ، والعبّاسُ ما عَبَسا
هُنا الجنوبُ فسَبِّحْ باسْمِ خالقهِ
واكْتُبْ على بابِهِ: نشتاقُ أنْدَلُسَا..