بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 تشرين الثاني 2024 12:00ص حول عملية طوفان الأقصى وذيولها: أجمل التاريخ كان غداً

حجم الخط
د. حسن محمود قبيسي*

وسط المتابعة - ليس إلّا - العربية والإسلامية، والدعم اللامتناهي الأميركي والغربي استلحاقاً، تكون هزيمة العدو الصهيوني بمنعه من تحقيق أهداف حربه، هي المكسب المقدور عليه، إن عملنا. وإشعال حرب أهلية هدف وأسلوب، هو الإنجاز الاستراتيجي الأهم وما زال يعمل له منذ 1975 حتى اليوم. فحذار.
الحقيقة أن هناك محفّزات مقتصرة على ما تُهيّئ للمراهنين على سراب نصر صهيوني في صحاري مخيّلاتهم القاحلة، ومقدمات الحرب الأهلية الفاعلة بجعجعة القتلة المدانيين.
في مجريات الحرب وخضم المعارك؛ كل مهاترة أو فرز أو تراشق بين أبناء الوطن الواحد «جدل بيزنطي» أقلّ تداعياته: الهزيمة، وفي سقوط بيزنطة ومنها عبرة. ولا مساواة هنا بين المفتري المتعامي عن مجازر العدو الصهيوني والمفترى عليه، وتشكيك جماعة ما خصّنا بسؤال «الحق على مين»؟ على العدو أم على أهلنا ومواطنيننا، والمساواة بينهم أو الوقوف على الحياد، وأحياناً تحميلهم المسؤولية، خيانة وطنية من أولئك السفلة، خيانة وطنية نعم، ولا تجني عليهم.
فكفى مهاترات... كفى مزايدات.

مربع الانجازات: الاستعداد والاستدراك

- الحرب تعبئة وتثوير وتدريب وإعداد وتجهيز، هذا على الصعيد العسكري؛ للتصدّي. وعلى مستوى الصمود تأمين المستلزمات الحياتية والخدمات الاجتماعية للجماهير، لا للبيئة الحاضنة وحدها، فهي ليست المتضررة وحدها.
وتعزيز التحالفات السياسية المحلية والإقليمية والدولية على الصعيد السياسي، وتتقدم الوحدة الوطنية الشعبية، على سائر التحالفات والعلاقات، حتى لا تتفلّت جماعة أو شخص من موجباتها، وتشرّد.
- الإعلام، ويمكن استدراك تقصيره وفشله فوراً بنقلة نوعية، من إشاعته أجواء من الاحباط بتصويره دمار مناطقنا وجثث شهدائنا المجاهدين والمظلومين، دون عرض ما ينزل بالعدو الصهيوني كردٍّ على جرائمهم، وإن كان وراء عرض تلك الجرائم حصراً على شاشتنا فضح العدو الصهيوني أمام الرأي العام العالمي، فهناك ترتيبات أخرى لفضحه وزعزعة ثقة المحتلين الصهاينة بحكومتهم وجيشهم وبقدرتهم، وتثبيت مشاعر القلق والخوف وانتظار الأسوأ.
- طموح بعض الحلفاء، ظنّاً منهم أنه آن الآوان لمشاركة فعلية كاملة، وتهرّب آخرين من تحمّل مسؤولياتهم، بذريعة أن قيادة المقاومة لا تشاورهم ولا تطلعهم على كل كبيرة وصغيرة لاتخاذ القرارات التكتيكية والاستراتيجية، بعيد كل البُعد عن أسس العلاقات الجبهوية بين حلفاء الصف الواحد؛ فالقرار بين الحلفاء للأقوى، والقوة متنوعة، وفي المثل الفرنسي: «Qui donne ordonne» قاعدة مركزية للعمل الجبهوي.
حققت قوى الممانعة العربية - حصراً - عدة أهداف في مرمى العدو: أوقفت هجمة التطبيع، وأجهضت المشروع الإبراهيمي، وأشعرت الصهيوني أن لا استقرار في فلسطين، وأفشلت محاولات الصهاينة بإطلاق سراح أسراهم، ونزل بجماهيرها ما أنزلت بالصهاينة - ولو بنسب متفاوتة كمّاً ونوعاً وهذا له أسبابه - من تهجير وقتل وتدمير و...
وهذا ليس وحده اعتبار النصر والهزيمة. الإرادة والقناعة أهم من المحصلة العسكرية.
قناعتك أنك لم تُهزم، وإرادتك في استكمال نضالك، خطوات على طريق النصر.
اكتساحات نابليون وهتلر بعده أوروبا لم تحسم تداعيات الحروب ولا نتائجها. وفي تنصيب هتلر للخائن الفرنسي «بيتان» وتدميره للندن وستالينغراد وهشاشة المحصلة، كلها تؤكد استحالة الجزم بمن سينتصر في النهاية، وفي كل حروبنا مع الصهاينة، كنا نخرج أقوى وتنبثق مقومات أشرس أكثر جذرية.
فـ«أجمل التاريخ كان غداً».

*المؤرّخ والكاتب السياسي