10 تموز 2024 12:00ص صفوة الإبداع

حجم الخط
متى يبدع أهل القلم والريشة والنغم.. وفي أيّ حال يكون كل واحد منهم حين يحلّق في فضاء الإبداع حاملاً بيئته وواقعه، وفي أيّ حال يكون حين يضيء اللمحات ويحوّل الجزيئات الى قضايا هامة وخطيرة.. أسئله نطرحها، لأن البعض يرى على سبيل المثال، إن الأديب لا يكتب شعراً أو نثراً إلّا حين يتخذ القرار.. وآخرون يرون إن القضية أبعد من إتخاذ القرار لأنه حين يكون في «صفوة الإبداع» تتجمّع في أعماقه كل الألفاظ والكلمات والأفكار التي تراكمت في أعماق نفسه الشفافة، ومن ثم يطلقها في لحظة الولادة الطبيعية، والذي نزعمه هنا إن المبدع في تلك اللحظات لا يكون في ذهنه سوى التغيير ورفض الواقع المتخلّف بفكره وأساليب عيشه.. وإذا خلا الإبداع من علاقته المتينة ببيئته وإنسانه تحوّل إلى شكل دون مضمون.. وليس المطلوب هنا أن تترفّع «أناه» عن واقعه المعاش، بل عليه أن يجسّد الأفكار والأحلام التي تراود أهله وناسه، وأن يكون المرآة التي تعكس أمانيهم ومطالبهم الاجتماعية والسياسية، ومن المعروف إن المبدع يخزّن في ذاكرته هموم الناس وقضاياهم الحيوية، وهو لا يخرج من حالة التخزين، إلّا متى جاءت لحظة صفوة الإبداع، حيث يحلّق في فضاء الكلمات أو اللون أو اللحن، حيث تتشكّل القوالب الفنية المناسبة لكل فئة من تلك الفئات، فتتخذ أشكالاً وأنماطاً مختلفة ولكنها تعبّر عن فكرة واحدة، ومما لا شك فيه أن المبدع لحظة العطاء يكون أكثر وعياً وإدراكاً وأكثر إحساساً والتصاقاً بالقضايا الإنسانية التي تعني أهله وتعنيه ومن واجبه التصدّي لها ورفضها، والذي نعتقده جازمين إن المبدع حين يفجّر مكنونات نفسه ومجتمعه، ويُقيم على كل فكرة برهانها، تطمئن النفوس لحظتئذٍ، فتتبنّاها وتلتزم بها.