بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 حزيران 2024 12:00ص عن المؤتمرات

حجم الخط
الأحداث المصيرية التي عصفت بلبنان، كياناً وإنساناً وعمراناً حتى تسعينات القرن الماضي، عرفت أن تكمَّ، ردحاً من الزمان، أفواه عدد من حملة الأقلام، ولكنها لم تستطع أن تكتم الأنفاس الحرّة التي تنطوي عليها صدورهم، فكانت المؤتمرات التي شاركنا في عقدها في سبيل استعادة مختلف مظاهر السلم (الأهلي والبيئي والحقوقي). وكنا قد تابعنا مسيرتنا على غير صعيد قبل نهاية تلك الأحداث بالوسائل المتاحة، تجسيداً لحقيقة لبنان وتحسيساً لبنيه بعمق المعاناة وتصدّيهم الجديّ لابعادها المستقبلية.
ان مواجهة التحديات التي تنتظر وطننا في الوقت الحالي وبعده، تستلزم استجماع الطاقات الفكرية والثقافية والتربوية والاجتماعية والصحية والبيئة. نحن، بكل تواضع ومثابرة دائبة، تكفّلنا بهذه المهمة، وما زلنا نعتبر ان رحاب الجامعة الوطنية هي أفضل مساحة تحتضن أنشطة المؤتمرات للتداول في معاناة لبنان الحاضر، وفي استشراف التحديات التي تنتظر لبنان المستقبل. 
وبدلاً من التلهي ببعض القشور والكيديات الموسمية التي طبعت خصوصاً المراحل التي سبقت استحقاقاتنا الانتخابية، ينبغي أن تتجلّى الأنشطة العامة والمؤتمرات من الشمولية والموضوعية وارتقاء المستوى الفكري، بحيث انها تستقطب فعلا جميع الاتجاهات السياسية والحزبية، وتضم جميع الفاعليات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وتفسح في المجال أمام البحوث والمداخلات التي قد تتناقض أو تتضارب في بعض طروحاتها، ولكنها تتلو فعل الإيمان بالحرية والاستقلال، وتغني الوطن بثمرات الأقلام ونتاج العقول، وتترجم عن أصدق ما في نفوس الشرفاء العقلاء وما في قلوبهم من آراء ومشاعر تصبّ كلها - ويجب أن تصبّ بلا استثناء - في مصلحة الوطن الذي أتعبته جراحه، وتمادى به ظلام ليله المأسوي الطويل.
ان أرجح الأسباب التي أسبغت دوما على المؤتمرات الجديّة أهمية وألقاً ورفعة مستوى، فترددت أصداؤها الإعلامية الواسعة لدى قطاعات هامة من الجماهير، في لبنان والخارج، ان المؤتمرين كانوا فيه متعددي الألسن، وان المناقشات التي تخلّلته، قد أثبتت مقدار الأداء الحضاري الذي يتميّز به اللبنانيون، يوم يستقيل السلاح ويبارح الميدان تاركاً للفكر أن يتفاعل ويتكامل، وأن يرتقي بالوطن فيرتقي الوطن به.
بهذه الروحية الوطنية والثقافية الطيبة، نعبّر عن ثقتنا التامة بأن أنشطة جامعية جامعة من شأنها بعد أن تفتح الباب واسعا أمام الحوار الديمقراطي، وانها الخطوة الأولى التي لا تراجع بعدها، إذا ثبتت تقليدا، في الطريق الى إعادة بناء البشر أولاً والى استعاده دورنا الحضاري والريادي الكبير.
نرى في حسن مبادئ طلابنا وطالباتنا وهممهم العالية ما يكفل لهم أن يمشوا في مقدمة مجتمعنا في الابتعاد عن العوائد القديمة البالية أو المستوردة والمستهجنة وممارسة أعلى الفضائل الاجتماعية وأسماها. نحن واثقون بانهم لا يخيّبون الآمال إن أتيح لهم فعلا التحرّك ليس في الشارع وإنما على المؤسسات القائمة. فماذا ننتظر؟