السياسي والأديب والمفكر والكاتب والملتزم بالعروبة والوحدة والمنحاز دائما للفقراء ومعاناتهم وهو ابن منطقة الكرنتينا والمسلخ والذي تجلّى وافتخر بهذا الانتماء في العديد من مقالاته الصحافية وبكتبه العديدة والتي كتبها من جحيم المعاناة والفقر والعوز وآخرها كان لي شرف إصدارها «الدروب المتقاطعة»...
هو ابن الثورة القومية العربية والمنظمين والمنظّرين لها فكانت الحلقات والخلايا التنظيمية الثورية الطليعية في منطقتنا التزاما قوميا عربيا بالوطن العربي الكبير وبلبنان عدالة اجتماعية وبمنطقته عزيزة كريمة تخرج من غياهب الفقر والجهل والنسيان... وإذا كان من فضل ومكرمة لوعي وتنظيم العديد من شباب المنطقة بتشكيل وعيهم وثقافتهم الوطنية والقومية فبلا منازع يعود الجزء الكبير لهذا الوعي والإلتزام لشخصه وجهده وعطائه وثقافته..
عاش الغربة بكل مرارتها ووجعها وآلامها فكتب وترجم وأجاد في صنع ورسم المعاناة والحنين الى الوطن في العشرات من مؤلفاته.
وعن الوطن ومعاناته طبع اسمه في العديد من الكتب والتي تحاكي الواقع المأساوي الملموس فاستحق جائزة اتحاد الكتّاب اللبنانيين، فيما لم ينل ما يستحق من الدولة من التكريم لإنجازاته وعطاياه الثقافية والأدبية.
كان حوله تلتف مجموعات من الشباب وهم في ربيع نضجهم وثقافتهم السياسية والاجتماعية وكان الموجّه والمرشد والأستاذ ردعا لأي انحراف من هنا أو عصبية عشائرية أو طائفية أو مذهبية من هنالك...
للعروبة وللوحدة وللالتزام بالقومية العربية وبالخط والمسار الناصري عاش وكافح وناضل حتى أتعبه الوجع والألم وحتى الرحيل في بداية عام جديد والذكرى السنوية لاجتياح المنطقة التي أحبها وافتخر واعتز بها كما نحن وكتب لها مقالات وكتب وحكايات ثورية نضالية بطولية...
وأخيرا كما ختم في إحدى مقالاته:
المعاناة والهواجس والأحلام هي نفسها... ألسنا في النهاية شعبا واحداً توحّده هموم التخلّف والجهل والفقر والتجزئة قبل أن توحّده اللغة والدين والتاريخ والمشاعر المتجانسة..
قيمة كبيرة وقامة معطاءة وأستاذ بحجم مدرسة رحل اليوم خاشعا تقيّاً ورعاً... ستبقى ذاكرته وعطائه سراجا للعدالة وللحرية وللثقافة وللالتزام القومي والوطني ولن يغيب..
تركي ضاهر