بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 تشرين الأول 2018 01:15ص قراءة في كتاب «آيات الجهاديِّين قراءة اخرى» للدكتور «سعد كموني»

العتبة الطبيعية لمغالبة الإنسداد الحضاري

حجم الخط
يحاول الدكتور «سعد كموني»  في كتابه «آيات الجهاديين» قراءة اخرى الصادر عن المركز الثقافي العربي «درء الثقافة السلبية التي تستهدف البنية الثقافية لمجتمعاتنا» مختزلا كل التراكمات الراسخة في التأويلات التي لم تقدم الحلول،  ولم تستطع توصيل المفهوم القرآني كما ينبغي.  خاصة وأن التطور في المعاني والدلالات هو تحديث للفهم اللغوي ايضا، المبني على تشريح المعنى وتحريك السلوك الذهني، ليضعنا على العتبة الطبيعية لمغالبة الأنسداد الحضاري ، كما يقول في الفصل الأول من الكتاب تحت عنوان «الاتباعية بين القران والسنة نحو تجديد في الثقافة العربية» التي تشهد في كل عصر من العصور تحولات هي انفتاحية بالدرجة الأولى، وما تشريحه لايات الجهاد الا لالتقاط الفهم المبني على أدلة بنائية لتفسير هو أشبه بالبناء الحضاري الذي أشار اليه، والذي يتطلب عملا مؤسسا على المعرفة والوعي، والفهم المتقدم لايات هي للارشاد ولخلق الاسس الأنسانية التي تدعو الى القيم والمبادىء. وزرعها في العقول لتنير الدروب المعتمة «والمؤمن حقا يعرف ما يقتضيه الإيمان بالله من حرص على الوعي والفهم ، ويعرف حقا أنه مكلف لا يجوز له أن يغفل عن واجبه الدنيوي» فهل يحاول الدكتور «سعد كموني» تحريك ذهن القارىء لاستكشاف بواطن آيات الجهاد وحقيقتها بعيداً عن الانسداد الفكري او الحضاري؟.
تبرز تقطة التحول الكبرى في القراءة الاخرى لايات الجهاديين التي قدمها الدكتور «سعد كموني» كبحث غني يزيل من خلاله الفهم المغلق لايات اعتمد عليها الداعشيين. لخلق بلبلة ذهنية لا تنتهي الا بإعادة الفهم لايات دون ادعاء بانها قراءة نهائية.  فالايات القرانية هي تطور متجدد قائم على التحديث التابع للمكان والزمان «لانتزاع النص من أسريه» معتمداً على التساؤولات والاختلاف الزماني والمكاني، ومدلولات كثيرة سلط الضوء عليها، واستخرج منها البراهين والأدلة بتؤدة دون المس بقدسية النص او الآية، بل! بمنحها الاتساع المعرفي لرصد المقاصد واستثمارها في أي زمان ومكان، لما في ذلك من خير «لصالح الاجتماع الإنساني» وفق الصالح العام الذي يفصلنا  عن متاهات التشتت الذي ابعدنا عن الأمم، ووضعنا في اطار لا ينتمي للنص القدسي مشددا كموني على اقتراحات وضعها تحت خيمة المجلس الاعلى للثقافة، وفق نقاط تلخصت برصد المواضيع، واعادة النظر فيها من خلال «رصدها في القرآن الكريم وفق قراءات ذكية وعلمية جديدة» ومن ثم عقد المؤتمرات،  وبتجديد يترافق مع انشاء موقع على الشبكة العنكبوتية للنقد والتصويب.  فهل يفصل الدكتور «سعد كموني»  بين الدراسة الاسلوبية الدلالية والتفسير القائم على مضمون الزمن الذي عرفناه سابقا في الكثير من كتب التفاسير؟ 
اشكاليات فصّلها وشرحها في الفصل الثاني، وعبر العديد من مراجع التفاسير الفقهية وغيرها في الفصل الثالث، والعلاقة مع المشركين واهل الكتاب متسائلا بعد استخراجه الكثير من الايات واظهار حقيقة معانيها خاصة تلك التي تدعو الى الحوار والتسامح  والتعايش والموادعة معتمدا بذلك على «علوم اللغة قديمها وحديثها، وخاصة أساليب القول في اللغة العربية زمن التنزل القرأني» لتصحيح التصورات الخاطئة التي نتج عنها سوء فهم لايات الجهاد، واشكالياتها التي برهنها في كتابه بمنطق التجديد والتحديث اللغوي او اعادة التفسير بالاعتماد على الكثير من المعاني اللغوية، والدلالات والاشتقاقات، مستخلصا من ذلك اي في الفصل الثالث «ان الأمر بالمقاتلة ليس امراً بالعدوان على اناس امنين مطمئنين، بل هو استنهاض للهمم في مواجهة المعتدين المقاتلين» وبتحليل موضوعي ذي منهج وصفي قائم على الاسس البحثية، لتصحيح الكثير من المغالطات في سبيل «نسف الثقافة الجاهلية التي تسببت في الكثير من الشوائب التي نحتاج اليوم الى ازالتها ومغالبة الانسداد الحضاري بالفهم والتدبر والتبصر والتحديث في الشرح والفهم فهل نجح في ذلك؟
ضحى عبدالرؤوف المل
dohamol@hotmail.com