بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 حزيران 2024 12:00ص الزمن الرديء

حجم الخط
تبّاً لك أيها الزمن ما أقبحك فيك تحجرت القلوب وتجمدت العقول وانتفى منك الورعا
زمن الاستخفاف بالحليم والاستهجان بالشريف والباطل صار لكل الأبواب مشرّعا
زمن وجهه مشوه وفمه معوج وسلوكه معدوم ولجميع سبل سيره للألباب مُفجعا
زمن صار فيه الجهل واضحاً والسداد بعيداً والفكر مناوراً مهما حاول وتصنْع وابدعا
وصارت القلوب ترقص طرباً على قلوب تقطر أسى تضحك حينما ترى في العيون ادمعا
زمن أصبح فيه الايمان نقيصة والحسنات خسيسة وطغى على كل شيء الأنا مطمعا
زمن كفيف البصر فاقد البصيرة لا يرى سوى مصالحه مهما بحلاوة اللسان تصنعا
وباتت سبل الضلالة فيه تطغى على سبل الرشد والهدى وكأنه من كأس الكفر تجرّعا 
وأصبحت الفضيلة أمر يتندَّر به المنحلون والمنحرفون دون وازع أمام كل مسمعا
يا هذا الزمن الرديء ما أمقتك وكم لك في قلوبنا نفوراً وعن كراهيتنا لك لن نتراجعا
قد رأيت فيك الخساسة والمكر والدهاء وكل جميل كان منك وفيك قد زال وتصدّعا
وباتت النفوس منك ملدوغة وأنت تزحف إلينا كعقرب بسُمِّك كل وفاء تلسعا
يا هذا الزمن الرديء ما أقبحك وأنت ضلال بعدما أفلت شمسك للأبد مودّعا
أصبحنا تائهين في دياجير أيامك وفقدان معايير انسانيتك مكاناً وموضعا
ما كنت لأحسبني سأراك ماكراً غادراً تجرف الحسنات وتهجر الخير مختاراً طيعا
كم تمنيت صبوة لو يغشيني الله نعاساً لعلّ عينيّ لا تراك وتنساك وأنت للخير رادعا
ويعود سلفك عوضاً عنك بأيامه الغابرات التي كانت تمنح بسخاء حقاً ومحبة وتبرّعا
إلا ليتك تتحرك أيها الزمن الرديء تعيدنا للوراء كما كنا شلالات بالهدى والوفاء انبعا
نرتع من أصالة حسناتك تهبنا السعادة حباً لنضعك مودة في القلوب والأضلعا
النفس تطلب لكنها تعجز وما باليد حيلة سوى الابتهال للمولى جلَّ جلاله أملاً وتضرّعا
فما لرجائها في هذه الدنيا الفانية سوى زمن ودود مخلص يرعى الحقوق بالحق ولعا
زمن يعطينا بالوفاء والغيرية للحياة طالما الحياة تدب في أوصالنا أجمعا
أيها الزمن الرديء لعمري ما رأيت مثلك جاحداً ناكراً تأخذ ولا تعطي بأنانية ولا ابشعا
صار الوفاء بأيامك مهانة والشرف جهلا والفضيلة غبناً ومخافة الله سبحانه لا تنفعا
وصارت طاعة الحق أطاحة والاخلاص المرغوب مسلوب ظناً منك أنك الأعمق والأوسعا
وأصبحت النصيحة هراء وكلاماً فارغاً وكأن عقول أهل زمنك هي الأصقل والألمعا
أيها الزمن الرديء زمن الغرور والشرور والاستهتار والمجون علناً والشمس متقشعا
ويحك من زمن ألا ليتك تواريت وما أتيت مسبباً للنفوس حسرة وللقلوب توجعا
أيها الزمن الرديء أنت للأجيال القادمة نذير شؤم ستحصد ما زرعت فاليد تحصد ما تزرعا
وسترى أن يد الله سبحانه وتعالى فوق كل يد والحساب آت لا مفر وستلاقي شراً افظعا
يومها سوف تتحسر قائلاً هذا ما جنيته على نفسي يوم بعت ضميري طمعاً وشجعا