فُجِعتُ يوم السبت الماضي وأنا أسير في الشارع لقضاء بعض الحوائج.. ويا ليتني لم أذهب لقضائها في هذا الوقت.. عندما سمعتُ مجموعة من الكهول يتحدّثون بصوت عالٍ.. لاعنين الحياة الضنك والوطن.. الحياة الضنك نتيجة تراكم الويلات من الحرب الدائرة على مساحة الجنوب الأبي.. إلى حرب الأقطاب السياسيين الذين هم في مجملهم يعملون لتحقيق مشروع السيطرة على الوطن.. مع إنّهم جميعاً أعداء الوطن الحقيقيون الذين دمّروا الوطن.. وا أسفاه على لبنان الذي يسكن الشرفاء الذين يفخرون به ويرفضون عموم هذه السياسات لأقزام الاخلاق في حب الوطن؟!..
هل يصدّق العقل أنّ البذاءة الفكرية لهذه الشريحة من أبناء الوطن أصبحت تلعن وطنها؟!.. نعم الجوع كافر.. والحاجة مُلحّة ولا يمكن تأمينها لجعل الإنسان حكيماً في استعمال ألفاظه الفظّة التي تُسقِطه إلى أسفل مفهوم اجتماعي وهو قلّة الأخلاق والفهم والإدراك الحكيم؟!.. ترى من مربّع الزعماء على كراسي الحكم الذين أصبحوا أصحاب ميليشيات يعملون لمصالحهم ولطوائفهم وكأنهم جحافل مغول نبتت شيطانياً في سرقة القرار والتقاسم في سرقة المال العام إلى جانب المُرابين من المصارف الذين أذلّوا المودعين وحوّلوهم إلى مُجرّد متسوّلين للحصول مؤخّراً على 150 دولاراً من أموالهم شهرياً والتي لا تُسمِن ولا تُغني من جوع!..
الأجداد ما كانوا يؤمنون بالمصارف ويعتبرونها من المرابين.. وكانوا يقولون: "مالك في عبّك لا تضعه في يد مرابي يسرق عقلك" فعلاً صدقوا.. وحرص الأجداد لم يكن نابعاً من فراغ وإنّما كان ينبع من عقول رشيدة.. تعرف كيف ترشد حياتها حتى لا تكون لقمة سائغة للتحكّم في رقابها؟!..
نحن اليوم في حرب في الجنوب اللبناني الذي دمّرته إسرائيل.. وقتلت العديد من سكانه وهجّرت معظم سكان القرى والبلدات التي أصبحت بيوتها وبساتينها وسهولها أرضاً خراب.. بالإمكان تعميرها إذا تقدّمت المساعدات لتعميرها.. ولكن إذا كان هناك مَنْ سيساعدون وهم الذين يؤيّدون جميعاً إسرائيل في العلن دون وازعٍ عرقي أو أخلاقي وكأنّهم من سبط إسرائيلي والعياذ بالله؟!..
مع بداية الحرب في غزّة في السابع من تشرين أول "أكتوبر 2023" كانت القلوب والعقول تأمل أنْ تتوقّف حرب غزّة وأنْ لا تحدث المجازر والتشرّد لأهلها.. لكنني أسأل اليوم أي قلوب وعقول تتعاطف مع شعبنا بعد كل هذا الخراب والدمار؟!.. فعلاً لا مُغيث لنا إلا الله.. نعم هو القادر المُقتدِر على محق المُعتدين ومَنْ يموّلهم من المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة؟!..
رغم أنّ الخير الذي يسكنني لكنني أتمنى لكل مَنْ ساعد وفرّح بالحرب على غزّة ولبنان أن تتحطّم بلاده ويتشرّد سكانه ويجوعون تماماً كما يحدث في غزّة وفي لبنان؟!..
وفي عز هذه الأيام الجِسام برزت مُحاكمة حاكم المصرف المركزي السابق رياض سلامة.. نحن كشعب مع محاكمته للإفصاح عن تستّره على نهب المال العام وتحويل أموال الناهبين إلى الخارج.. برافو القضاء اللبناني وعقبال أصحاب مغارات السرقة؟!..