في خضم التناتش الإعلامي العلني والسياسي باللون الرمادي الذي يُشيع ضباباً على الوضع العام في الوطن نتيجة تسجيل النقاط التافهة على العهد وعلى تشكيل الحكومة نتيجة التحاصص في اختيار الوزراء وكأنّ العهد المزري الماضي أصبح مُسلّمة يجب أنْ تسود في عهد الرئيس جوزاف عون.. وكأنّ عموم السياسيين الذين أيّدوا خطاب القسم بالأمس القريب.. وجدنا أنّ أصحاب المصالح الطائفية والمذهبية طلّوا برؤوسهم لعلهم يُسجّلون النقاط على العهد.. تُرى لماذا؟.. نعم إنّهم يحاولون وبكل طاقاتهم السيطرة على الأوضاع العامة والخاصة السياسية والمالية والمجتمعية لإعادة فتح مغارة أو مغاور علي بابا بسرقة المال العام واستلاب حقوق المواطن في العيش الكريم؟!..
سؤال نابع من الضمير إذا بات هناك ضمائر: ألم تشبعوا؟!.. ألم تكتفوا من التغوّل على المناصب ومزاريبها؟!.. كفى بالله عليكم إذا كُنتم تؤمنون بوجود الله أنْ تعودوا عن غيّكم.. المرحلة الماضية انتهت وعليكم أنْ تكونوا جميعاً مواطنين أسوياء بالسر والسريرة لنعمل معاً على إعادة بناء الوطن.. آهٍ يا وطني الأخضر لبنان ما زالوا يريدون تحويلك إلى أرض جرداء؟!.. اللعنة كل اللعنة على مَنْ يضع العراقيل في وجه إعادة بناء ماهدّمتموه.. وفي وجه عدم تأليف الحكومة؟!..
نعلم علم اليقين أنّ الوضع على حدودنا الجنوبية ليس بسهل.. فقد وصلتنا المفاجأة الإسرائيلية يوم الأحد الماضي بعد أنْ نشرت القناة «الـ12» الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي أوصى باستمرار التواجد في نقاط استراتيجية في الميدان.. ويقول التقرير بتبلور توصية عسكرية واضحة بحفاظ إسرائيل على وجودها في النقاط الاستراتيجية الرئيسية في الأراضي اللبنانية حتى يصبح الجيش اللبناني مُستعدّاً بالكامل في جنوب لبنان.. وأنّ الجيش الإسرائيلي سينسحب تدريجياً وليس انسحاباً كاملاً من الميدان؟.. والمؤسف قوله إنّه سيُقيم بؤراً استيطانية دائمة للجيش الإسرائيلي أمام كل مستوطنة لتوفير الدفاع المستمر على المدى الطويل.. ويرى أيضاً أنّ الوجود على الأراضي اللبنانية يُسهّل الدفاع عن التجمّعات الإسرائيلية.. وهذا يعني أنّ القوّات الإسرائيلية ستكون في أجزاء من الجنوب.. ويُسهّل لها العملاء في المنطقة الجنوبية أخبار ما يجري؟!..
ما هو الواقع الآن على الأرض؟!.. هل سيعود القتال على الجبهة الجنوبية.. أم إنّنا سنترك لجيشنا المغوار تأمين الحدود وللدولة في الضغط على إسرائيل من قِبل المؤيّدين للسلام على الساحة الجنوبية لردع إسرائيل وخروجها خروجاً نهائياً من الأرض اللبنانية والعودة إلى حدودنا المرسّمة مع إسرائيل الغاصبة حتى تستقر الأحوال ويعود أهلنا إلى قراهم بأمان مع ورشة الإعمار التي وُعِدنا بها حتى تعود للأسر الجنوبية الطمأنينة ليعيشوا حياة كريمة بعيداً عن الاحتراب الذي جُزينا بها؟!..
لحظة تأمل أتمنّى فيها لشعبنا العيش الكريم في حدودنا الجنوبية التي سُقِيَتْ بالدم وعُبِّدَتْ بأجساد الشهداء عليهم شآبيب الرحمة؟!.. كيف نُعيد بناء الإنسان بدون تغوّل من جهة على أخرى.. وأنْ نعتبر أنّنا جميعاً مواطنين جديرين بهذا الوطن حتى تعود ثقة المانحين بوطننا بعد أنْ وصل بعضهم ورحلوا.. لأنّهم لم يروا الالتزام من قِبل بعض الفئات التي تريد تسجيل النقاط؟!.. هذا الزمان ولّى وأخشى إنْ لم نلتزم كيف سيضيع لبنان؟!..