بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

15 نيسان 2025 12:00ص لبنان سيبقى سويسرا الشرق؟!

حجم الخط
في بلاد العالم المُستقرّة تحتفل الدول ومواطنوها بذكريات تاريخية جميلة... تحمل الإنفة بالإنجاز مهما كان... لكن نحن ذكرياتنا منذ وُلِدنا كانت فيها الزلازل والحروب؟!... في عام 1955 حدث الزلزال في لبنان ودمّر البيوت فوق رؤوس أصحابها... وكل ما أتذكّره عندما خرجتُ من غرفة النوم إلى أرض الدار المكشوفة رأيتُ حجراً ينهار من الطابق الثاني... ورحتُ أصرخ بأعلى صوتي بابا... ماما... إخوتي... وكان الرأي أنْ نذهب إلى أقرب بقعة من شاطئ البحر... جلسنا في مركب الوالد... والحمد الله أنّ والديَّ وإخوتي خرجوا بأمان من المنزل الذي يقطنون به... رحتُ أضحك وأبكي أنّني رأيتهم بخير؟!...
مسلسل الطفولة بدأ بالزلزال ثم بحرب عام 1958 ومحاصرة المُدُن وخاصة محاصرة مدينة صيدا من جميع الاتجاهات... حتى جاع الناس واشتهوا رغيف الخبز وحبّة البندورة؟!... انتهت الحرب بوصول فخامة الرئيس الأمير فؤاد شهاب الذي أعاد الأمن وبناء الدولة والمؤسّسات وحتى تاريخه أعتبره الرئيس الفريد في مناقبيته وإلغاء الفساد على جميع الصعد؟!... وما أنْ تنفّس البلد الصعداء حتى بدأت الحرب الأهلية اللبنانية وتقطعت الأوصال... وأصبحنا في بيروت منطقة شرقية لها ميليشياتها المسيحية ومنطقة غربية لها ميليشياتها الإسلامية... وكل هذا من أجل تقسيم الوطن وترحيل أبو عمّار والفلسطينيين من لبنان إلى تونس واليمن... في 13 نيسان/أبريل الماضي مضى نصف قرن على الحرب الأهلية... أتمنّى أنْ يجتمع عموم أبناء الوطن حول دولتهم دون أنْ يكون هناك أي انتماء إلى الخارج ونحن ما زلنا نعيش تحت الغارات الإسرائيلية من الجنوب وحتى البقاع والشمال والضاحية الجنوبية... نعم نحن نتألّم ولكن للأسف لم نتعلّم وفي عهد فخامة الرئيس جوزاف عون يجب أنْ نكون موحّدين لإعادة بناء الوطن بعيداً عن الفساد والاصطفافات السلبية؟!...
في أيام شيخوختي هذه التي بدأت مع العقد الحالي... أتمنّى أنْ يعود لبنان إلى سؤدده وإلى كينونته الحضارية وثقافته العريقة التي علمت الدول العربية الحضارة والثقافة وأنْ يعود لبيروت الحبيبة دورها بالإشعاع وإعادة لبنان إلى رونقه بأنّه «سويسرا الشرق»... الحضارة ليست بالمال وإنّما الحضارة هي ثقافة متجذّرة في عقول اللبنانيين منذ أبد الآبدين؟!... اللهم احمِ لبنان من زلّات الزمن واختم أيامنا بالفخر بوطننا الذي نعشقه بجباله وسهله ووديانه وأصالة حضارته العميقة؟!...
الحرب الأهلية أثّرت في نفوس مَنْ عاشوها... وتأثّرت نفسيّاتهم ووجودهم من مرارة حرب الأخوة الأعداء... لكن اللبناني متسامح وتسامحه هو علّة وجوده البرّاق حول محيطه رغم كل الويلات التي مررنا بها من انفجار المرفأ وسرقة المال العام على يد الطغمة الفاسدة ممن مسكوا مقاليد الوطن؟!...
رغم كل هذه الظروف ما زلتُ أُحب لبنان... كما كُنتُ وأعملُ من أجل وطني الأسمر... كُنتُ أُسافر عبر البحر إلى قبرص ومنها إلى أمكنة أخرى لمساعدة رفيقي الغالي ولي الصحراء... ألتقيه وأُنفّذ ما كان يطلبه منّي رغم صعوبة السفر... لكنّني كُنتُ أعمل لنجدة شعبي بالكلمة والنضال من أجل الحرية ضد الغاصب لأرضنا السمراء إلى أنْ أتى يوم السادس من حزيران/ جون الذي اختطف منّي الأمل والقرار... استشهد القائد واستشهدت الروح معه... وا أسفاه على كل مكان؟!...
أخبار ذات صلة