أحدث إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين عن هبة المليار يورو للبنان، عاصفة من التجاذبات بين السلطة الحكومية وداعميها من جهة والقوى المعارضة من جهة مقابلة، وسيوضع هذا الملف على مشرحة المجلس النيابي في جلسة المناقشة العامة الذي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري منتصف الأسبوع المقبل.
ومن المقرر أن يحط موضوع النازحين السوريين أيضا اليوم في بكركي حيث ستعقد بعد ظهر اليوم طاولة مستديرة، يشارك فيها حسب المعلومات أعضاء اللجان الاستشارية القانونية والدستورية في الصرح البطريركي، وعدد من الوزراء المعنيين من بينهم وزراء الخارجية والشؤون الاجتماعية والعدل، إضافة الى شخصيات متخصصة في شؤون الهجرة.
في الأثناء، يواصل اللقاء الديموقراطي جولاته السياسية على المعنيين لعرض الورقة التي أعدّها الحزب التقدمي الاشتراكي حول النزوح السوري في لبنان، ولهذه الغاية التقى وفدا من اللقاء برئاسة رئيسه تيمور جنبلاط أمس رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
عضو اللقاء الديموقراطي النائب هادي أبو الحسن كشف لـ«اللواء» بان الورقة التي أعدّها الحزب التقدمي الاشتراكي هي ورقة عملية تعزز موقف لبنان ورئيس الحكومة في مؤتمر بروكسل الذي من المقرر أن يعقد نهاية هذا الشهر، وأشار الى ان وفدا من اللقاء سيتابع جولته تباعا على المعنيين، لعرض مضمون الورقة المؤلفة من عدد من الأفكار تشكّل إجماعا وطنيا وتتضمن 7 نقاط أساسية أبرزها: كيفية إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، وتعزيز البنى التحتية والنظام الصحي اللبناني، وشبكة الأمان الاجتماعي بالإضافة الى دعم الجيش والقوى الأمنية.
ولفت أبو الحسن الى ان الاشتباك السياسي على خلفية الهبة الأوروبية سيعرض بشكل مفصّل على الجلسة العامة الأربعاء المقبل والتي ستكون فرصة لإظهار حقيقة الأمور، مشيرا الى انه مطلوب من الحكومة أن تُظهر كل ما لديها من معلومات حول هذا الملف، كما انه من حق النواب طرح كل ما لديهم من تساؤلات حول هذا الموضوع لإظهار حقيقة الأمور للشعب اللبناني، رافضا أن تكون هبة المليار يورو عوضا عن بقاء النازحين السوريين في لبنان، مشدّدا على ضرورة أن لا يكون أي دعم للبنان مشروطا ببقاء السوريين فيه.
وكشف النائب الاشتراكي الى ان الورقة المُعدّة من قبل الحزب هي عملية واقعية شاملة تقوم على الاحصاء والتصنيف وتشدّد على فكرة تعزيز الوضع في لبنان كونه دولة مضيفة، والطلب من الدولة أن تنسق مع الحكومة السورية والاتحاد الأوروبي ومفوضية اللاجئين «UNHCR» لعودة النازحين الى بلادهم وتقديم المساعدات لهم هناك، كذلك تدعو الورقة الى ضرورة ضبط الحدود من الجانبين، وتحديدا من الجانب السوري بالتعاون مع القوى الفاعلة، إضافة الى انها تتطرق أيضا الى أوضاع المساجين السوريين في لبنان وكيفية التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية على هذا الصعيد.
وحول كيفية وضع الورقة، أشار أبو الحسن انه بعد التشاور مع الرئيس ميقاتي وقائد الجيش، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي، تمت مناقشة الملف داخل الحزب التقدمي واللقاء الديمقراطي وعلى هذا الأساس تم وضع الورقة، كاشفا الى ان رد «حزب الله» كان إيجابيا عليها بعد تسلُّمها خلال زيارة وفد الحزب الأخيرة الى كليمنصو.
مصادر نيابية معارضة تطالب عبر «اللواء» بعودة النازحين الى بلادهم بطريقة آمنة وكريمة، داعية لإبقاء السوريين الذين هم في حركة مستمرة ذهابا وإيابا من والى سوريا للبقاء فيها، خصوصا انه بات هناك مناطق آمنة كثيرة داخل الأراضي السورية، أما بالنسبة للذين لديهم مشاكل أمنية مع النظام السوري فترى المصادر بأن هناك إمكانية لمعالجة وضعهم مع المجتمع الدولي من أجل عودتهم الى المناطق الآمنة لا سيما في شمال سوريا.
وشدّدت المصادر على ان لا مصلحة للبنان لتحويل قضية النازحين الى قضية طائفية أو عنصرية، ولكن في المقابل أكدت على ضرورة حل هذا الملف والتعامل معه بوقائع حقيقية من خلال التوافق الوطني بعيدا عن المزايدات، خصوصا ان هناك إجماعا على ان هذا الملف بات ضاغطا ويشكّل عبئا حقيقيا على لبنان وشعبه.