رغم إعلان حزب الله استعداده للبحث في مسألة سلاحه تحت سقف الاستراتيجية الدفاعية والحوار الوطني الشامل إلّا ان حفلة جنون التصريحات حوله لم تتوقف وتتزايد يوما بعد يوم على لسان الحلفاء قبل الخصوم، وعلى حد تعبير أحد قياديي الصف الأول في الثنائي الوطني فان مشكلة الجميع هي التعاطي مع ملف السلاح وكأنه لعبة أو هدية نهديها أو نتنازل عنها وانتهى الموضوع، فيما المسألة ترتبط بترتيبات أساسية وجوهرية في الدولة والجيش والسياسة والنظام اللبناني ككل، أو بمعنى أوضح فان حل ملف السلاح ضمن الاستراتيجية الدفاعية مرتبط بتعديلات جوهرية وبإعادة نظر شاملة في الطائف والدستور والنظام السياسي.
يقول القيادي ان الأولوية اليوم هي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وانسحاب العدو من كل الأراضي اللبنانية المحتلة ونحن لا نتحدث هنا عن النقاط الخمس التي احتلها العدو بعد عدوان أيلول بل عن كافة الأراضي اللبنانية المحتلة، وبالتالي أنا لا أكشف سرا إذا أعلنت بان ترتيب ملف السلاح مع الدولة اللبنانية لن يبدأ بمعزل عن بدء الحكومة اللبنانية ورئيس الجمهورية مفاوضات جديّة مع الدول الداعمة للعدو لوقف العدوان أولا ولتقديم رؤيا شاملة حول انسحابه من كل الأراضي اللبنانية المحتلة بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
وبصريح العبارة أقول ان موافقة الحزب على البحث في أي استراتيجية دفاعية لن يبدأ قبل تحرير كل الأرض وبسط الجيش اللبناني سلطته على كل حبة تراب من الجنوب اللبناني، ووقف استباحة العدو للبنان برا وبحرا وجوا.
وبطبيعة الحال، ما تقدّم يترافق مع تقديم الدولة ضمانات ملموسة حول سبل مواجهتها أي عدوان أو انتهاك للعدو للأراضي اللبنانية، وبالموازاة بدئها جديّا إعادة إعمار القرى الأمامية قبل أي منطقة أخرى استهدفها العدو في عدوان أيلول، وخلال الأشهر التي تلت اتفاق وقف إطلاق النار.
وكان لافتا تركيز القيادي على نقطتين أساسيتين لا بد أن يسبقا جلوس الجميع على طاولة واحدة للبحث في الاستراتيجية الدفاعية:
النقطة الأولى: من هي مرجعية القرار السياسي الحقيقية للجيش اللبناني للتعاطي مع أي خروقات إسرائيلية في أي مرحلة من المراحل بمعزل عن هوية رئيس الجمهورية أو شكل الحكومة واسم رئيسها.
النقطة الثانية: ما هي الصلاحيات التي ستعطى للجيش في مواجهة أي عدوان، فنحن اليوم نشاهد نسخة سيئة جدا سواء من المرجعية السياسية أو من القيادة نفسها وسط عدم إعطاء الجيش على الأرض أي سلطة حقيقية للدفاع عن لبنان.
وشدّد القيادي على ان ملف السلاح هو ملف لبناني استراتيجي و«دستور عسكري» إذا صح التعبير لحماية لبنان والحفاظ على سيادته وأمن شعبه، والحفاظ عليه هو المدخل لبناء دولة قوية صاحبة قرار وغير مرتهنة للخارج، ويدنا ممدودة لأي لبناني يريد البحث في موضوع السلاح انطلاقا من هذه الثوابت وخدمة لها.
في اختصار شديد، فان لبنان يمرُّ اليوم في مرحلة حسّاسة جدا، ولا بد من القول للرؤوس الحامية أن تهدأ قليلا، فالبحث في ملف السلاح لا بد أن يترافق مع حوار وطني شامل قد يشمل الدستور والطائف ويغيّر في المعادلات السياسية الداخلية بشكل جذري، ولن يكون بكبسة زر أو تطبيقا لأي املاءات خارجية.. وبطبيعة الحال، لا بد أن يترافق مع استعادة لبنان آخر حبة تراب في جنوبه.