يكتسب الاحتفال المرّ بمجزرة صبرا وشاتيلا هذه السنة رمزية أكثر إيلاما وسط المذابح اليومية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كما في الضفة الغربية.
فالمناسبة الـ 42 للمجزرة التي ما تزال بشاعتها راسخة في الوجدان لكن تستحق أن تستقر في صدارة أكثر عمليات القتل همجية في التاريخ الحديث، لها معنى خاص واستثنائي مع استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني ومع حالة العجز المخزية وطبعا التآمر وإزدواجية المعايير عالميا.
القيّمون على إحياء المناسبة يؤكدون على رمزيتها الزمنية في هذه الأيام. فهي تصادف إبادة جماعية في غزة وتطهيرا عرقيا وتهجيرا قسريا وانتهاكا لكل القوانين والأعراف الدولية، بل محاولة لطمس القضية الفلسطينية في موازاة عمليات التطبيع، كما يشدّد رئيس «مؤسسة عامل الدولية» الدكتور كامل مهنا. ويزيد حول نقطة إيجابية تخرق السواد هي ان القضية الفلسطينية عادت إلى البروز لتصبح عنوانا لقضية تحرير الإنسانية في العالم من الطغيان والهيمنة.
حول المناسبة اليوم التي تصادف في 16 الشهر الحالي والتي يعود الاحتفال بها إلى أكثر من 12 سنة بعد إنشاء لجنة «كي لا ننسى مجزرة صبرا وشاتيلا» والتي شاركت جريدة «السفير» في تأسيسها، يشير مهنا إلى انتظار العديد من الوفود الأوروبية المتضامنة التي ستأتي.
هو يشدّد هنا على دور الشعوب التي ظهر دورها في مشاركة واسعة ضد العدوان في الجامعات والشوارع الأوروبية دعما للقضية ولحقوق الشعب الفلسطيني، في موازاة تشديده أيضا على النفاق الرسمي الغربي حيال جريمة العصر لمحو غزة من الوجود، وإزدواجية المعايير عند الدول التي ترفع شعارات حقوق الإنسان والديموقراطية والتي التحقت بالسياسة الإسرائيلية العدوانية.
على ان الهدف اليوم في احياء الذكرى بمشاركة اللجنة وجمعية «بيت أطفال الصمود» ومديرها قاسم عينا، رفد النشاط السنوي بما يقرب تلك الذكرى من الوجدان.
جهّزت «عامل» قاعة مخصصة لمعرض حول المجزرة في مبناها في حارة حريك، وثمة عمل على توفير مقتنيات للشهداء لن تقتصر على المناسبة، بل ان الطموح بالتطوير دفع بالمنظمين إلى الخروج بفكرة متحف ومركز للدراسات وللأبحاث.
هي فكرة مبتكرة من وحي التقصير حيال المجزرة وبهدف الاهتمام في إنعاش الذاكرة العربية والعالمية. وعلى الأرض المسمّاة الشهداء ثمة تخطيط طويل الأمد للمتحف.
يشيد مهنا هنا بمبادرة بلدية الغبيري ورئيسها معن الخليل، وبالتجهيز الذي قام به الدكتور غازي مكداشي لتصميم المتحف ولمركز الدراسات إذ أعدّ الماكيت لها. لكن يبقى الأهم التركيز على حملة عالمية بالتعاون مع البلدية لجمع تبرعات لمبلغ مليون و250 ألف دولار ثمنا للأرض ولبناء المكان. على أن تتولى هيئة متابعة الإشراف على تنفيذ المشروع.
طبعا هو طموح بعيد سيتم العمل عليه، أما في ما يتعلق بإحياء الذكرى فستكون أعداد المتضامنين أقل من السابق نظرا للظروف ولأحوال الطيران بعد إيقاف بعض الدول رحلاتها إلى لبنان، ومن المنتظر أن يأتي نحو 30 متضامنا القسم الأكبر منهم من إيطاليا مع حضور إسباني كما من دول أخرى. البرنامج سيشمل زيارات قصيرة وبعيدة المدى سيعلن عنه اليوم الساعة 12 في مبنى «السفير» في منطقة الحمراء وسيكون على مدار أسبوع كامل تحت عنوان «أسبوع كي لا ننسى صبرا وشاتيلا».
على ان مهنا يشدّد على الرمزية الشعبية للمناسبة، وإذا كانت الوفود كما في الماضي يسارية الطابع، فإن دائرة المتعاطفين مع القضية الفلسطينية توسّعت كثيرا مع ورود أخبار وصور الإبادة والتهجير اليومية في غزة. وهو يتوقف مثلا عند مشاعر التعاطف في جامعة كولومبيا الأميركية وهي الجامعة التي ساهمت حركات احتجاجها ماضيا في انسحاب الجيش الأميركي من فيتنام، كما مهّدت الأرضية في الستينيات من القرن الماضي للثورة في فرنسا، علما ان شرائح متنوعة تشارك فيها اليوم بما فيها يهود ضد المذابح اليومية في غزة.
من هنا ثمة طروحات لإقامة معارض مشابهة في الخارج للحديث عن عدالة القضية الفلسطينية، وقد يكون استذكار المأساة في لبنان سنويا حافزا لمعارض مشابهة في الخارج طالما ان الرهان هو على الشعوب.