بات من المؤكد ان تنفيذ القرار 1701 بكافة مندرجاته هو الحجر الأساس لوقف العمليات العسكرية في جنوب لبنان، وبالتالي وقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة في عمق الأراضي اللبنانية، والتحرك الذي قام به الموفد الأميركي اموس هوكشتاين بين لبنان وتل أبيب يؤكد على ضرورة التقيّد بتنفيذ هذا القرار، وفي الوقت الذي لا تزال الأنظار تتجه الى المفاوضات الجارية في القاهرة للوصول الى اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة والمفترض أن يبدأ قبل حلول شهر رمضان، فان حبس الأنفاس مستمر لبنانيا لمعرفة ما إذا كان وقف اطلاق النار في غزة سينسحب أيضا على الجبهة الجنوبية، خصوصا بعد الكلام الصادر عن هوكشتاين والذي استبعد احتمال أن تنسحب الهدنة في غزة ان تم التوصل إليها، تلقائيا على لبنان.
ولكن مهما يكن يبقى موضوع دعم الجيش اللبناني هو الأساس في الفترة الراهنة كونه المؤسسة الوحيدة التي يثق بها اللبنانيون لحمايتهم وحماية حدودهم واستقرار بلدهم، وهو ما أكد عليه أيضا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال إطلالته المتلفزة الأخيرة حين شدّد على ضرورة تعزيز الجيش وتقويته ليقوم بواجبه كاملا في الجنوب.
من هنا، من المنتظر أن يلعب الجيش اللبناني دورا هاما وأساسيا في المرحلة المقبلة من خلال تحمّله مسؤولية الأمن في منطقة عمل قوات الطوارئ الدولية بالتنسيق والتعاون معها، وكذلك إخلاء المنطقة من أي مراكز عسكرية ومظاهر مسلحة خارج إطار الجيش اللبناني.
وفي هذا الإطار، وتمهيدا لتفعيل دور المؤسسة العسكرية نظمت الدولة الإيطالية نهاية الأسبوع الماضي اجتماعا في روما، خصص للبحث في حاجات الجيش اللبناني ودعمه بمشاركة قائد الجيش العماد جوزاف عون وحضور قادة جيوش إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا، وبحسب معلومات «اللواء» فان قائد الجيش شرح بشكل مفصّل لنظرائه أوضاع الجيش اللبناني والتحديات التي يواجهها على مختلف الأصعدة.
مصادر متابعة لزيارة قائد الجيش الى العاصمة الايطالية وصفت لـ«اللواء» الزيارة الخاطفة الذي قام بها العماد عون الى روما بالممتازة، مشيرة الى انه كان له على هامش مشاركته في مؤتمر دعم الجيش سلسلة من اللقاءات مع عدد من المسؤولين الإيطاليين وهم: وزير الدفاع، ووزير الخارجية ومدير المخابرات الخارجية، حيث تركّز البحث على السبل الآيلة لتطوير العلاقات الثنائية وتقديم الدعم والمساعدة الممكنة للمؤسسة العسكرية.
ولفتت المصادر الى أهمية الاجتماع الذي عقد في روما بمبادرة من الدولة الايطالية التي وجّهت دعوات الى خمس دول أوروبية هامة معنية بدعم الجيش اللبناني، مشيرة الى ان الهدف الأساسي للاجتماع كان لبحث أوضاع المؤسسة العسكرية والصعوبات التي تواجهها وكيفية مساعدتها وعلى أي أصعدة، واعتبرت المصادر الى ان هذا الاجتماع لم يرقَ للوصول لوصفه مؤتمرا، كاشفة انه بعد استماع قادة الجيوش على مطالب العماد عون والصعوبات التي تواجه المؤسسة العسكرية بما فيها الأوضاع المادية، وعدوا باعداد تقارير بحاجات الجيش اللبناني لرفعها الى المسؤولين في دولهم لا سيما الى وزراء الدفاع في بلدانهم وحكوماتهم كي يتم الأخذ بعين الاعتبار ما يمكن تقديمه الى لبنان، ولفتت المصادر الى ان قيادة الجيش بحاجة الى العديد من الاحتياجات الضرورية والأساسية منها المحروقات ومساعدات للطبابة العسكرية، إضافة الى مساعدات عسكرية كي يتمكن الجيش من تنفيذ المهام التي يمكن طلبه منه لتوسيع انتشاره في الجنوب وزيادة العديد هناك.
وإذ أكدت المصادر على ان العماد عون لمس استعدادا من قبل المشاركين في الاجتماع لتقديم الدعم والجيش، ودعت لانتظار الخطوات التي ستقوم بها الدول المشاركة على هذا الصعيد خصوصا انهم لم يعدوا بشيء واضح بانتظار قرار دولهم.
وحول ما حكيّ عن التحضير لعقد مؤتمر كبير لدعم الجيش اللبناني في باريس، نفت المصادر جديّة هذا الموضوع، وقالت «لم يكن هناك أي شيء رسمي حول هذا الأمر، ولم يتم توجيه أي دعوة لمثل هكذا مؤتمر»، مشيرة الى ان فرنسا ربما كانت تحاول السعي لعقده ولكن ليس هناك من أي قرار جديّ وواضح حتى الساعة لعقده.
وعما إذا كان هناك إمكانية لعقد مؤتمر في روما في المرحلة المقبلة للغاية نفسها، كشفت المصادر الى انه ليس على جدول البحث في المرحلة الراهنة عقد مثل هكذا مؤتمر، ولكنها لم تستبعد ذلك، مؤكدة انه لم يتم الحديث في اجتماع روما عن أي مؤتمر على هذا الصعيد.
وعن المساعدات الذي يتلقّاها الجيش في الفترة الراهنة، كشفت المصادر ان الولايات المتحدة الأميركية من أكبر الداعمين لمساعدة الجيش اللبناني، حيث كانت خصصت مبالغ مالية وزعت على الضباط والعناصر لدعمهم في ظل الظروف الصعبة الذي تمرّ بها المؤسسة العسكرية، مشيرة أيضا الى ان دولة قطر قدمت مبالغ مالية للغاية نفسها، كاشفة ان المبلغ المتبقي لا يزال يكفي لمدة شهرين مقبلين آملة تجديد هذه المساعدة.
وختمت المصادر بالتأكيد ان أي انتشارا للجيش اللبناني، يحتاج أولا وأخيرا الى قرار سياسي يجب التوافق عليه من قبل كافة الأطراف السياسية الداخلية من دون استثناء.