بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 حزيران 2024 12:00ص هل اقترب حزب الله وإسرائيل من الحرب الشاملة؟

الحلو وحمادة لـ«اللواء»: إسرائيل لا تستطيع القيام بعمل عسكري ضد لبنان بدون غطاء من أميركا

حجم الخط
عبد الرحمن قنديل

تزايد التصعيد على الجبهة الجنوبية بين حزب الله وإسرائيل بوتيرة غير مسبوقة من خلال العمليات الأخيرة المتبادلة بين الطرفين، ناهيك عن التصريحات الكلامية إن كان لجهة التهديدات الإسرائيلية بإقترابها من ساعة الصفر واتخاذ القرار بتوسيع العملية العسكرية ضد لبنان أي «الحرب الشاملة» أو من جهة جهوزية حزب الله واستعداده لخوض الحرب في حال فرضت عليه من إسرائيل، ولكن مع ارتفاع وتيرة هذا التصعيد سواء الإعلامي منه أو حتى الميداني فهل هذا مؤشر على أن الحرب أصبحت على الأبواب؟

أشار الخبير في الشؤون العسكرية الإستراتيجية العميد المتقاعد خليل الحلو إلى أن من خلال الوقائع الميدانية، فإن التصعيد  الذي نشهده مؤخراً من إسرائيل بداية مع التذكير بأن حزب الله هو من بدء بفتح جبهة الجنوب في 8 تشرين الأول لـ«مساندة غزة» على الرغم من أن هذه الجبهة لم تلبِّ غرضه المطلوب على الإطلاق، ولكن إبتداءً من شهر تشرين الثاني بالتحديد أصبحت المبادرة بمعظمها في يد إسرائيل.
ولفت الحلو في حديث لـ«اللواء» أنه بدء حزب الله في بداية المواجهة بالـ«الرمايات» بمعدل 4 إلى 14 عمليات في النهار الواحد وإسرائيل تقوم بعدها بالرد، ولكن من أواخر تشرين الثاني وبداية كانون الأول حتى هذه اللحظة إنعكست المبادرة، بدأت إسرائيل باستهداف مراكز الذخيرة ومقرات القيادة التابعة لحزب الله والأنفاق، فعلى سبيل المثال فإن وحدة 8200 الإسرائيلية تعمل على مدار سنين لرصد هذه الإنفاق من خلال تحديد مواقعها والكشف عن مداخلها وإلى ما هنالك وعلى هذا الأساس إسرائيل تقوم بإستهداف هذه الأماكن ناهيك عن الاغتيالات وحزب الله يقوم بدوره بالرد.
ورأى أنه في المرحلة الأخيرة، بدأت عملية التصاعد في الاغتيالات لكوادر حزب الله، ورأينا نوعية ذخيرة يستخدمها الإسرائيليين في هذه العملية من النوع «الثقيل»، فزينة هذه الذخائر تتراوح بين الـ50 إلى 900 كيلو، فعلى سبيل المثال هناك مسيّرات ترمي ذخيرة خفيفة ولكن هذه الذخيرة تكون دقيقة جداً في إصابة الهدف وتصل ذخيرة الطيران العادي الذي يقوم برميها إلى الـ1000 كيلو، وفي الآونة الأخيرة هناك 30% زيادة في العمليات بالنسبة لما كان يجري في السابق سواء من قبل إسرائيل أو من قبل حزب الله أي أن معدل عمليات حزب الله من 15 أيار حتى اليوم يتجاوز الـ10 عمليات في اليوم على سبيل المثال أي أن وتيرة العمليات سواء عند الحزب أو إسرائيل مرتفعة بنسبة الثلث.
وأوضح أنها ليس الوتيرة فقط المرتفعة وحسب، إنما أيضاً النوعية من خلال نوعية الذخائر التي تملكها إسرائيل ونوعية الذخائر التي يستخدمها حزب الله في الحرب أي أن حزب الله يقوم باستخدام المسيّرات، وهو قادر أن يقوم بتسييرها في بشكل منخفض باعتبارها صغيرة جداً والردارات الإسرائيلية لا تستطيع أن ترصدها لذلك لا تقوم بإطلاق صافرات الإنذارات أثناء عبورها، فهي لا تستطيع أن يتم رصدها أو إصطيادها إلّا من خلال رادارات من الجو، والحزب مؤخراً بات يستعمل أسلحة وصواريخ مضادة للطائرات بوتيرة لم يتم مشاهدتها في السابق يتم إجبار الطيران الإسرائيلي من خلالها على أن يغيب عن الأجواء وهذا ما يجعل الحزب مستفيد من هذا الغياب ليقوموا بإرسال المسيّرات، إنما المسيّرات التي يرسلها الحزب مرة واحدة أو مرتين في النهار الواحد على الرغم من أن الوتيرة ليست مرتفعة إنما باتوا يصيبون أهداف عسكرية لم يكن هناك القدرة على إصابتها في السابق.
واعتبر أن إسرائيل خلال الحرب على جبهة جنوب لبنان من ثمانية أشهر حتى اللحظة تكبّدت 25 قتيلا، وآخر 5 قتلى لقوا حتفهم خلال الشهر الأخير وهذا ما يدلّ على زيادة فعالية الرماية لـ«حزب الله»، وعلى الرغم من تجاوز عدد قتلى «حزب الله» الـ320 قتيلا، إضافة إلى ذلك هناك قرى الجنوب المدمرة أجبرت «حزب الله» على سحب جزء من قواه في جبهة الجنوب بحسب المراقبين وبالتالي لا يمكن تقدير عدد عناصر الحزب المنتشر في الجنوب ولكن يقارب البضعة آلاف ليس أكثر من ذلك أي 60 أو 70% منهم ناهيك عن التحصينات الموجودة تحت الأرض والصواريخ التي ترمى من مداخل الأنفاق أي من «تحت الأرض» أو الصواريخ التي ترمى من الآليات المتحركة كـ«البركان» و«الفالق»، وإسرائيل تستطيع في بعض الأحيان تدمير هذه الآليات وفي بعض الأحيان لا تستطيع بحسب توقيت رصدها، فضلاً عن مداخل الأنفاق الذين يشكّلون عرضة للرمي الإسرائيلي، وعيتا الشعب كأحد الأمثلة بسبب كثافة الرمايات الإسرائيلية فيها، وصواريخ الحزب تكشف عندما يتم تدوير راداراتها التي توجه هذه الصواريخ عندما تُرمى، وعندما يدور الرادار الطيران المأهول الذي يتحكم به الطيار  يستطيع كشف الرادار وضربه، ومن خلال «جدار الصوت» تجبر إسرائيل حزب الله على كشف راداراته أو على استعمال صواريخه للكشف عن مكانهم ولكن حتى هذه اللحظة لم يتبيّن إذا تم كشفهم أو لم يتم.
وكشف أن هناك معطى أساسيا يتعلق بإسرائيل من خلال وجود 4 فرق عسكرية تابعة لها على الحدود مع لبنان، والفرقة العسكرية الواحدة تتكوّن بين 50 إلى 7000 عسكري إسرائيلي وفي حالة الـ4 فرق فهناك 25000 جندي تقريباً على الحدود بالإضافة إلى ألوية مستقلة مساندة، إضافة إلى استدعاء 50000 جندي إحتياطي، هذه الأعداد من المؤكد أنها ليست للتسلية فبغض النظر عن التصريحات الكلامية بين إسرائيل وحزب الله عندما يكون هناك استعدادات ميدانية من هذا النوع، هذا يعني أن العمل العسكري ضد لبنان بات وارداً في أي لحظة أي في حال قامت الحكومة الإسرائيلية بالطلب من الجيش الإسرائيلي بعمل عسكري ضد لبنان فالجيش العسكري إنطلاقاً من هذه التخضيرات سيكون جاهز للتحرك خصوصاً أن هذه الألوية أو الفرق تجري المناورات تحضيراً للعمل العسكري ضد لبنان منذ شهر نيسان أي منذ أن قامت إيران بعملية ردها على إسرائيل عقب اغتيال الرئيس الإيراني، وبالتحديد في الثامن من نيسان بدأت هذه الفرق بالتمرين تحضيراً لساعة الصفر، وهذه المناورات انتهت منذ أسبوع تقريباً وأعلنت إسرائيل عن نهايتها بعدما استمرت لمدة شهر ونصف وهذا ما يدلّ على أن العمل العسكري ضد لبنان بات وارداً.
وختم الحلو قائلاً: «أن القرار بأي عمل عسكري ضد لبنان تأخذه الحكومة الإسرائيلية مباشرة، والعوامل التي تأخذها الحكومة الإسرائيلية إزاء هكذا قرار: أولاً إنعدام الأمن في شمال إسرائيل، والأضرار الذي يسببها حزب الله في الممتلكات في مدن إسرائيلية تعتبر مهمة كـ«المطلة» و«المنارة» ناهيك عن «كريات شمونة» وهو يقوم بتركيز رماياته على هذه المحاور الثلاث لكي يمعن في الضرر وعندما يصبح هناك رمايات مركّزة على مدينة معينة يبدأ الخراب بالظهور فيها شيئاً فشيئاً، وهذا ما يجعل البلديات في شمال إسرائيل والنازحين فضلاً عن سموتريتش وبن غفير أن يعلوا الصوت بالتدخل وإجراء عملية عسكرية ضد لبنان، ثانياً الولايات المتحدة الأميركية باعتبار أن إسرائيل حليفتها وهذا ما يجعل إسرائيل تأخذ هذا العامل بكثير من الجديّة حرصاً على عدم ضرر الولايات المتحدة إستراتيجياً لذلك لم تقوم بعمل يلحق الضرر الإستراتيجي بالولايات المتحدة الأميركية، والولايات المتحدة تكرر يومياً أنه في حال نشبت حرب في شمال اسرائيل فمن الممكن أن تدخل إيران في المعركة بشكل مباشر وبالتالي فالولايات المتحدة ستدخل الحرب بشكل مباشر وبالتالي فمن الممكن أن تمتد الحرب إلى العراق وسوريا وحتى الخليج باعتبار أن هناك 40000 عسكري أميركي في الخليج وهذا بعيد 200 كلم عن إيران أي على مرمى الصواريخ الإيرانية لذلك لا تريد أن تتورط الولايات المتحدة الأميركية في أي حرب في الشرق الأوسط في الوقت الحالي وبالتالي فإن الحكومة الإسرائيلية تأخذ قرار العملية العسكرية ضد لبنان تحصل من خلال أمرين: إما من خلال تلقّي إسرائيل الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأميركية وتكون العملية العسكرية محدودة ولا نريد شيئاً من حزب الله فقط أن يتراجع 5 كلم فممكن أن يحدث هذا أمر من خلال صفقة يتم إبرامها مع إيران، أما الثاني فمن الممكن مع مرور الوقت أن لا يعود هناك قيمة للضغوط الأميركية ولا تعود فاعلية وهذا الأمر يكون في حال تراجع بايدن في استطلاعات الإنتخابات الأميركية وتقدم ترامب».
أما مدير المنتدى الإقليمي للدراسات والاستشارات العميد الركن خالد حمادة فأشار إلى أنه ترتبط إحتمالات توسّع الصراع في جنوب لبنان بين حزب الله وإسرائيل بمجموعة من العوامل لا تزال حتى الآن غير محققة، فعلى مستوى القرار السياسي كان هناك أكثر من تصريح إيراني يؤكد بأن إيران غير راغبة بتوسيع الحرب أو العملية العسكرية، وتردد هذا الكلام أكثر من مرة على لسان مسؤولين إيرانيين ولسان الأمين العام لحزب الله، ومن الجهة الأميركية كان هناك توضيح المواكب لكل محطات الحرب الممتدة منذ الثامن من تشرين الأول بأن الولايات المتحدة تدعو دائماً لعودة الإستقرار.
وأردف حمادة في حديث لـ«اللواء» قائلاً: «أنه على مستوى القرارات الكبرى نحن ندرك تماماً أن إسرائيل لا تستطيع أن تقوم بحرب إذا كانت الولايات المتحدة لا تعطي الضوء الأخضر لذلك، كذلك حزب الله لا يستطيع أن يقوم بحرب خصوصاً مع الوتيرة المنخفضة لعملياته في الجنوب إلّا بقرار من إيران، إذاً على مستوى هذه القرارات التي يتقيّد بها الطرفين لا يوجد قرار».
وأكد أنه على المستوى الميداني يجب أن يتم حصول أي متغيّر ميداني كبير يؤدي إلى نشوب هذه الحرب، وهذا لا يحصل حتى هذه اللحظة لأن حزب الله لغاية الآن  يقوم بمعالجة أهداف عسكرية من خلال ضرب قواعد، ومراكز تجمعات لعسكريين وآليات للعدو ناهيك عن مراكز إتصالات، وكذلك إسرائيل تقوم باستهداف مقاتلين ولكن ليس هناك مؤشرات بأن هذا الصراع بدأ يأخذ التصعيد الذي يستوجب سواء من طهران أو من الولايات المتحدة الأميركية أن تتخذ قرار بتوسيع العملية العسكرية.
وكشف أن هناك مؤشرا أو عاملا ضاغطا على الولايات المتحدة يحول دون إتخاذ قرارات حالياً بتوسعة الحرب، وهو الإنتخابات الرئاسية التي لن تتخذ في هذه الفترة الولايات المتحدة قرارات بهذه الأهمية نظراً لمسألتين الأولى التأثير على اللوبيات سواء الصهيونية أو العربية الناخبة في إسرائيل أو حتى ذات أصول أخرى والتي أصبحت متأثرة كرأي عام في موضوع الحرب نتيجة تأثير الحرب في غزة وتحديداً على الرأي العام الأميركي.
وختم حمادة قائلاً: «أن المسألة مرتبطة بالهدف السياسي التي تريد تحقيقة الولايات المتحدة الأميركية من خلال الحرب، لأن إذا كان هناك حرب فيجب أن يكون لها هدف سياسي، وبالنسبة لها فالهدف هو حماية إستقرار إسرائيل سواء عن طريق تطبيق القرار 1701 أو أي قرار آخر، وإيران ليست في وارد أن تدفع في إتجاه الحرب لأن إيران تعتبر أن العودة إلى ما قبل 7 تشرين الأول هو أقسى ما يمكن أن تكسبه في لبنان من خلال إنتشار حزب الله في الجنوب وسيطرته على الحدود الشرقية، ومتدخل في كل مكان وقابض على القرار السياسي في لبنان لذلك إيران حريصة على عدم تغيير هذه المعادلة، أما من الجهة الأميركية فإذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تخرج إسرائيل من مأزق التوتر على الحدود والذهاب إلى حل سياسي دائم فهذا يعني أن الولايات المتحدة تريد الذهاب إلى تطبيق القرار 1701 أو أي قرار دولي آخر وهذا ما تم الإشارة له من خلال الزيارات الأميركية التي قام بها أموس هوكشتاين إلى لبنان، فإذا لم يكن هناك وسيلة لتحقيق إستقرار إسرائيل من خلال الوسائل الديبلوماسية فطبعاً سيتحوّل الصراع إلى حرب كبرى ولكن لا أعتقد أن هذا متاح في ظل هذه المرحلة أو قبل الإنتهاء من موضوع غزة».