ألوف بن
لقد دخلت الحرب الإيرانية - الإسرائيلية على الهيمنة في الشرق الأوسط، والتي بدأت بهجوم «حماس» في 7 تشرين الأول/أكتوبر، مرحلة جديدة مع عملية البيجر ضد حزب لله في 17 أيلول/سبتمبر، وتصعيد هجمات إسرائيل في لبنان، حتى وصولها إلى الذروة مع اغتيال حسن نصر لله. لكن حتى من دون الأمين العام لحزب لله، الذي جرى تقديمه طوال سنوات إلى الرأي العام الإسرائيلي كعدو أسطوري، وبعد الضربة القاسية التي لحقت بحزب لله، فإن تهديد حلقة النار لم يزُل، ويمكن للصواريخ الثقيلة أن تصل إلى الجبهة الخلفية والبنى التحتية، وستبقى مستوطنات الجليل الأعلى، الواقعة تحت تهديد الصواريخ المضادة للمدرعات، والصواريخ القصيرة المدى، خالية.
إن النجاحات العملانية في الشمال أعادت ثقة الجمهور بقدرات الجيش الإسرائيلي، بعد أن تقوضت هذه الثقة بشدّة جرّاء الهزيمة الأولى في الجنوب. والتأييد الكبير للمجتمع اليهودي لتصعيد الحرب ضد حزب لله، وربما ضد إيران، يقرّب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى الاتجاه العام في إسرائيل بعد عامين من التخندق مع اليمن المتطرف والحريديم. وفجأة، نتنياهو والجيش يتعانقان ويحتفلان معاً بالنصر الذي أعلنه رئيس الحكومة في الأمم المتحدة، وعناقات أُخرى من هذا النوع يمكن أن يدفع حركة «إخوة في السلاح» [هي منظمة من الرجال والنساء الاحتياطيين من وحدات متعددة في جيش الدفاع الإسرائيلي، وتعمل كجزء من الاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي] إلى دعوته إلى إلقاء كلمة ضد نفسه في التظاهرات.
وبعد الانتهاء من شرب الشمبانيا، وبعد أن يتبدّد الغبار من فوق دمار الضاحية، سيكون مطلوباً من إسرائيل أن تقرر إلى أين تتوجه من هنا، ومن البدائل: «مناورة» في جنوب لبنان، وتدمير قرى شيعية، ومنع عودة السكان إلى قراهم، وضم المنطقة حتى نهر الليطاني، وستشرح إسرائيل للعالم أن لبنان تخلّى عملياً عن سيادته في الجنوب، لذا يحق لها تحريك الحدود واستبدال السكان. هذا ما تقوله مجموعات الـ«واتس أب» من اليمين، لكن إعادة إقامة حزام أمني يطرح مشكلات أخلاقية صعبة، ويعرّض جنودنا للخطر، ولن يزيل الخطر عن الجبهة الداخلية.
وفي الوقت عينه، فإن إعادة تطبيق القرار رقم 1701، الذي دعا إلى إبعاد حزب لله عن الحدود في نهاية حرب لبنان الثانية، لا يثير حماسة كبيرة بعد الفشل في تطبيقه لسنوات كثيرة، وبدلاً من العودة إلى فصل القوات الذي فشل، يتعين على إسرائيل أن تقترح خطوة أكثر جرأة؛ نزع سلاح حزب لله نزعاً كاملاً، وخصوصاً الصواريخ الثقيلة، وفرْض رقابة دولية.
إن الخطاب الإسرائيلي يفضّل استخدام القوة على الدبلوماسية، ويفرح لقصف المفاعلين النوويَين في العراق وسورية. لكن إسرائيل ربحت من نزع أسلحة الدمار الشامل في العراق وليبيا وسورية، والذي قامت به الأمم المتحدة بدعم الدول الكبرى، قرارَ الأمم المتحدة رقم 687 الذي أنهى حرب الخليج، والذي قضى على البرنامج النووي الذي طوّره صدام حسين بعد قصف مفاعله. واضطرت سورية سنة 2013 إلى التخلّي عن سلاحها الكيماوي، وتوقفت إسرائيل عن توزيع الأقنعة المضادة للغازات على مواطنيها، كما تخلّت ليبيا قبل ذلك عن مشروعها النووي خوفاً من أن تتعرض للهجوم.
في السنة الأخيرة، أظهرت إسرائيل قدرتها على استخدام القوة من دون ضوابط، وحتى عندما يصرخ العالم بأن هذا «إبادة، ويجري التهديد بإصدار مذكرات توقيف ضد زعمائها، ويخفضون درجة تصنيفها الائتماني. في غزة، قامت إسرائيل بنفسها بتفكيك قدرات «حماس»، نفقاً تلو النفق، وهي تدفع قُدُماً بعملية كهذه في الشمال أيضاً، من الجو بصورة أساسية. وقبل أن يتحوّل لبنان إلى غزة 2، يتعيّن على إسرائيل أن تطلب من المجتمع الدولي استخدام القرار 687، وتشكيل آلية لنزع سلاح حزب لله وفرض سيادة الدولة اللبنانية على المنطقة. وبدلاً من تخليف مزيد من الخراب السياسي، فإن الأجدى إرسال مراقبين مع خوذ زرقاء لتدمير الصواريخ ومنشآت إنتاجها. سيتوقف التصعيد، وسكان الشمال سيعودون إلى منازلهم، وفي إمكان إسرائيل التوصل إلى وقف إطلاق النار وإعادة المخطوفين إلى منازلهم، وذلك بعد أن أثبتت لأعدائها أن من الأفضل لهم عدم استفزازها.
المصدر: هآرتس
اعداد: مؤسسة الدراسات الفلسطينية