بعد موجة أخرى من الضربات الجوية الإسرائيلية التي لا هوادة فيها على شمال غزة هرع سكان بيت لاهيا إلى منزل مجاور يتألف من أربعة طوابق قصفته ضربات أمس لينتشلوا من وسط ركام جدرانه وأرضياته أشلاء جثث في بحث لا يكل عن أي ناجين.
وحول الهجوم الصاروخي المنزل إلى بيت رعب يغص بأرواح 93 شخصا على الأقل بين شهيد أو مفقود معظمهم من عائلة أبو نصر الممتدة، أصحاب المنزل، فضلا عن نازحين كانوا يلتمسون الأمان في كل مساحة ممكنة، بحسب وزارة الصحة في غزة.
وتقصف إسرائيل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع شمال غزة بكثافة في حربها المستمرة منذ عام على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بدعوى أن مقاتليها أعادوا تنظيم صفوفهم هناك.
وأصبح المدنيون هم الأكثر تضررا مرة أخرى.
وفي منزل أبو نصر، عكف الجيران على التنقيب وسط أكوام من حطام الخرسانة، ولفوا ما استطاعوا العثور عليها من أشلاء في بطانيات وأنزلوها بحبال من شرفة لوضعها على أرض ارتوت بالدماء بجوار جثث كاملة الأعضاء.
وسحب الناس قطعا من حطام المنزل لتظهر تحتها أطراف محاصرين، فقد كثيرون منهم الحياة عند انتشالهم.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن 20 من الشهداء على الأقل من الأطفال.
وقال شاهد يدعى إسماعيل عويضة، كان يساعد في انتشال الجثث، في مقطع مصور انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي "تم قصف منزل عائلة أبو نصر في حي مشروع بيت لاهيا مكون من أربع طوابق، عدد من الشهداء، عشرات الشهداء وعشرات النازحين أقاموا في هذا المنزل، يعني تم قصف المنزل من غير سابق إنذار على هذا المنزل… زي ما أنت شايف الشهداء هنا الأشلاء على الحيطان معلقة”.
وعبرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن "الفزع” من وقوع أحد أكثر الهجمات دموية منذ نحو ثلاثة أشهر، داعية إلى إجراء تحقيق سريع وشفاف في الملابسات.
وقال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أمس إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من عدد القتلى الذين سقطوا في الهجوم واصفا إياه بأنه "حادث مروع له نتيجة مروعة”.
وذكر ميلر للصحفيين أن مسؤولين أميركيين تواصلوا مع حكومة إسرائيل لمعرفة ما حدث مضيفا أنه لا يستطيع الحديث عن إجمالي عدد القتلى لكنه على علم بتقارير تفيد بأن كثيرين منهم أطفال.
من جهة أخرى ذكر موقع أكسيوس نقلا عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز طرح اتفاقا لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 28 يوما وإطلاق سراح نحو ثمانية رهائن محتجزين لدى (حماس) وإطلاق سراح عشرات السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل.
وأضاف الموقع أن بيرنز ناقش الفكرة خلال اجتماع عقده الأحد مع نظيريه الإسرائيلي والقطري.
بدورها نقلت هيئة البث عن مصدر أجنبي يشارك بالمحادثات أن الخطوط العريضة لإسرائيل لا تتضمن صراحة وقف القتال أو الانسحاب من غزة.
كما نقلت عن نفس المصدر الأجنبي المشارك في المحادثات قوله إن استقالة أحد كبار أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي ليست علامة جيدة.
من جهتها قالت «حماس» أمس إنها «منفتحة» على أي اتفاق أو أفكار تُنهي معاناة الفلسطينيين وتوقف إطلاق النار بشكل نهائي.
وأوضحت الحركة في بيان أنها استجابت لطلب الوسطاء لبحث مقترحات جديدة بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وأكدت أن «لقاءات أخرى سوف تعقد في نفس السياق».
على الصعيد الإنساني قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن تطبيق قانون يحظر على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) العمل في إسرائيل "قد يكون له عواقب مدمرة على اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو أمر غير مقبول”.
وأضاف في بيان "لا يوجد بديل للأونروا. إن تطبيق هذه القوانين سيكون مضرا بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والسلام والأمن في المنطقة ككل. وكما قلت من قبل، فإن الأونروا لا غنى عنها”.
وذكر غوتيريش أنه سيعرض الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضوا.
وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد أمس إن إسرائيل لا تعالج "الأزمة الإنسانية الكارثية” في غزة، وذلك مع اقتراب الموعد النهائي الذي حددته واشنطن لإسرائيل لتحسين الوضع أو مواجهة إمكانية فرض قيود على المساعدات العسكرية الأميركية.
وأضافت أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "أقوال إسرائيل يجب أن تقترن بأفعال على أرض الواقع، وهو ما لا يحدث في الوقت الراهن ويجب أن يتغير، وعلى الفور”.
وتأتي تصريحات المندوبة الأميركية في الوقت الذي قالت فيه النرويج إنها ستقترح على الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن ما إذا كانت إسرائيل تنتهك القانون الدولي من خلال منع الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية والدول من تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
وقال وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي "من خلال هذه المبادرة، تسعى النرويج لتأكيد أنه لا توجد دولة مستثناة من التزاماتها القانونية الدولية، وهو ما يشمل إسرائيل”.
وأضاف إيدي لرويترز أن النرويج تأمل في طرح مشروع القرار للتصويت في الجمعية العامة التي تضم 193 عضوا في الأسابيع المقبلة وأن من المرجح أن يتم تبنيه.
عربيا أدانت السعودية واستنكرت بأشد العبارات التشريع الإسرائيلي.
وعدّت في بيان لوزارة خارجيتها، هذه الخطوة، انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، مجددة دعمها وتضامنها مع «الأونروا» بمهمتها الإنسانية لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في المجالات كافة.
إلى ذلك قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الكنيست قرر عدم السماح بإنشاء أي قنصليات أو بعثات دبلوماسية بالقدس باستثناء السفارات.
وفي الخامس من حزيران الماضي، صادق الكنيست الإسرائيلي بقراءة أولية على مشروع قانون يمنع فتح بعثات دبلوماسية في القدس لتقديم خدمات للفلسطينيين، لتفادي احتمال ظهور وضع فعلي للقدس كمدينة مشتركة.
وتقدم بهذا المشروع زئيف إلكين، عضو الكنيست من حزب الليكود بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكان بحاجة للتصويت عليه بـ3 قراءات إضافية ليصبح قانونا نافذا.
وينص المشروع على أن إسرائيل لن تسمح لكيان سياسي أجنبي بفتح أو تشغيل بعثة دبلوماسية في القدس لخدمة غير مقيمين في إسرائيل.
ميدانيا أقرّ متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بسقوط ضابط و3 جنود، وإصابة جندي آخر بجروح خطيرة خلال المعارك في شمالي قطاع غزة.
وفي وقت لاحق أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بإصابة شخصين بعملية دهس في حي أرمون هنتسيف بالقدس المحتلة، وأكدت إطلاق النار على سائق المركبة.
(الوكالات)