تبنى مجلس الأمن الدولي، مساء أمس مشروع قرار أميركياً يدعم خطة وقف إطلاق النار في غزة وتطبيق غير مشروط للصفقة المقترحة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي جو بايدن في الوقت الذي بدأ فيه وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن جولة في المنطقة للضغط على "حماس" لقبول المقترح فيما رحبت الحركة أمس في أول رد فعل لها بالقرار الجديد الذي صوت عليه مجلس الأمن مبديةً استعدادها «بالتعاون مع الوسطاء».
وحصل النص الذي «يرحب» باقتراح الهدنة الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن في 31 أيار ويدعو إسرائيل و«حماس»: «إلى التطبيق الكامل لشروطه بدون تأخير ودون شروط» على 14 صوتاً من أصل 15 وامتنعت روسيا عن التصويت.
وينص مشروع القرار الأميركي على "وقف إطلاق نار دائم والانسحاب التام من غزة، وتبادل الأسرى والإعمار وعودة النازحين ورفض أي تغيير ديمغرافي للقطاع" .
وبحسب النسخة الثالثة لمشروع القرار، ينص المقترح في مرحلة أولى على وقف إطلاق نار "فوري وكامل" وإطلاق سراح الرهائن وانسحاب الجيش الإسرائيلي من "المناطق المأهولة في غزة " وإدخال مساعدات إنسانية.
ووفقاً للنص، إذا استغرق تنفيذ المرحلة الأولى أكثر من 6 أسابيع، فإن وقف إطلاق النار سيتواصل "طالما استمرت المفاوضات".
وقالت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن جميع الدول الأعضاء في المجلس «تريد وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن»، وإن الصفقة المطروحة «تلبي مطالب إسرائيل وتتيح إدخال المساعدات إلى غزة».وأضافت غرينفيلد «ننتظر أن توافق (حماس) على هذه الصفقة ولا يمكننا تحمل الانتظار إلى ما لا نهاية».
ودعت غرينفيلد إسرائيل إلى لاتخاذ جميع التدابير لحماية المدنيين، وقالت إن الفلسطينيين «يدفعون الثمن والأوضاع الإنسانية في غزة آخذة في التدهور».
من جهتها، رحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بقرار مجلس الأمن، قائلة إنها ترحب بما تضمنه القرار حول وقف إطلاق النار الدائم في غزة والانسحاب التام من القطاع.
وقالت حماس في بيان أصدرته إنها تجدد استعدادها للتعاون مع الوسطاء للدخول في مفاوضات غير مباشرة (مع إسرائيل) حول تطبيق مبادئ القرار.
بدوره قال نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية إن الرئاسة "مع أي قرار يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار ويحافظ على وحدة الأراضي الفلسطينية".
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد دعا أمس الحكومات العربية للضغط على "حماس" للموافقة على مقترح الصفقة محملاً إياها مسؤولية عرقلة تفاهمات الهدنة في القطاع، فيما اتهمت الحركة بلينكن بـ"الانحياز لإسرائيل"، واصفة موقفه بـ"العقبة الحقيقية أمام التوصل إلى اتفاق".
وقال بلينكن بعد لقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، إن "حماس" هي "الطرف الوحيد" الذي لم يوافق حتى الآن على مقترح وقف إطلاق النار أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن في 31 أيار الماضي، والذي تقول واشنطن إن إسرائيل قبلته بالفعل.
وأشار بلينكن للصحافيين قبل مغادرته مصر متوجهاً إلى إسرائيل إلى أن "رسالتي لحكومات المنطقة وشعوبها هي إذا كنتم تريدون وقف إطلاق النار، فاضغطوا على (حماس) للموافقة".
وتابع: "إذا كنتم تريدون تخفيف المعاناة الرهيبة للفلسطينيين في غزة، اضغطوا على (حماس) لتقول نعم. وإذا كنتم تريدون إعادة جميع الأسرى إلى ديارهم، اضغطوا على (حماس) لتقول نعم. وإذا كنتم تريدون وضع الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء على المسار نحو سلام وأمن أكثر استدامة، يجب الضغط على (حماس) لتقول نعم".
من جهتها قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن بلينكن أطلع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الجهود الدبلوماسية الجارية للتخطيط لفترة "ما بعد الحرب" وأهميتها مضيفا أن الوزير الأميركي أكد لنتنياهو أن مقترح الاتفاق سيتيح الهدوء في الشمال واندماجا أكثر مع دول المنطقة.
كما شدد بلينكن خلال لقائه نتنياهو على أهمية منع توسع الصراع.
بدوره قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن نتنياهو سيبحث مع بلينكن "الصفقة الأحادية" التي أوردتها شبكة NBC، والتي تشير إلى أن إدارة بايدن تعتزم التفاوض مع حركة "حماس" لإطلاق سراح محتجزين أميركيين، من دون مشاركة تل أبيب.
وأضاف مكتب نتنياهو أن "إسرائيل ترحب بأي محاولة لإطلاق سراح المحتجزين".
في المقابل أعلنت حركتي "حماس" و"الجهاد" تمسكهما بشروطهما لقبول أي مقترح لوقف إطلاق النار في غزة.
وجاء في بيان على الموقع الالكتروني لحركة حماس أن الحركتين أكدتا "أن أي اتفاق يجب أن يتضمن وقفا دائما للعدوان (الإسرائيلي) وانسحابا شاملا من القطاع وإعادة الإعمار وإنهاء الحصار وصفقة تبادل جادة".
وكان سامي أبو زهري القيادي الكبير في "حماس" حث الولايات المتحدة على الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة وذلك قبيل زيارة بلينكن.
وقال أبو زهري رئيس الدائرة السياسية في الحركة في الخارج "نطالب الإدارة الأميركية بالضغط على الاحتلال لوقف الحرب على غزة، وحركة حماس مستعدة للتعامل بشكل إيجابي مع أي مبادرة تضمن إنهاء الحرب".
ميدانيا قالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس" إنها أوقعت قوة إسرائيلية بمخيم الشابورة في رفح بجنوب قطاع غزة بين قتيل وجريح.
وذكرت "القسام"، في بيان على "تليغرام": "تمكن مجاهدونا من تفجير منزل مفخخ في قوة صهيونية تحصنت بداخله في مخيم الشابورة بمدينة رفح، وأوقعوا أفراد القوة بين قتيل وجريح".
وأضافت: "فور وصول قوة الإنقاذ دك مقاتلونا محيط المنزل الذي تم تفجيره بقذائف الهاون".
من جهة أخرى نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين مطلعين أن الاستخبارات الأميركية تساعد إسرائيل في رسم خريطة لشبكة أنفاق حماس تحت الأرض بغزة.
بدورها سعت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أمس إلى تبديد ما قالت إنها تصورات خاطئة بأن إسرائيل نظمت جزءاً من عمليات إنقاذ الرهائن عبر رصيف الجيش الأميركي العائم قبالة غزة، مؤكدة عدم صحة ذلك وعدم مشاركة أي أفراد أميركيين، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء.
غير أن المتحدث باسم البنتاغون الميجر الجنرال باتريك رايدر أقر بتحليق طائرات هليكوبتر إسرائيلية في منطقة «قريبة» من الرصيف الذي أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن إقامته كوسيلة لجلب المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون بشدة.
في المقابل أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة أمس أن برنامج الأغذية العالمي المسؤول عن نقل المساعدات إلى غزة عبر الرصيف الأميركي العائم، علق عملياته لتقييم الوضع الأمني.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة: «أخبرنا زملاؤنا في برنامج الأغذية العالمي أننا نعلق العمليات مؤقتاً على الرصيف العائم حتى يتم إجراء تقييم أمني لضمان سلامة موظفينا وشركائنا».
ورداً على سؤال حول أسباب هذا القرار، أشار إلى العملية الإسرائيلية السبت لتحرير أربعة رهائن في النصيرات.
وقال: «رأينا جميعنا ما حدث في غزة في نهاية الأسبوع الماضي، وشاهدنا بعض التقارير الإعلامية، وأخذنا علماً بالتصريحات العلنية الصادرة عن القيادة المركزية الأميركية التي أكدت أن الرصيف لم يستخدم في العملية التي نفذتها القوات الإسرائيلية لتحرير الرهائن».
وأضاف: «أعتقد أنه من الطبيعي بعد مثل هذه العملية التي تسببت بسقوط هذا العدد الكبير من الضحايا، أن يقرر زملاؤنا في المجال الإنساني التعليق لفترة لتفقد الوضع»، معرباً عن الأمل في استئناف العمليات «في أسرع وقت ممكن من جانبنا».
إلى ذلك كشف تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أمس عن زيادة "هائلة" في مبيعات الأسلحة الصربية إلى إسرائيل خلال فترة الحرب على غزة، المستمرة منذ أكثر من 8 أشهر.
وأظهر التحقيق أن صربيا تجاهلت نداءات واسعة النطاق، بما في ذلك التي أطلقتها مجموعة من خبراء الأمم المتحدة في 23 شباط الماضي، حيث ناشدت دول العالم أن توقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل نظرا لخطر استخدامها في انتهاك القانون الدولي الإنساني.
وحسب التحقيق -الذي أجرته هآرتس بالاشتراك مع شبكة التحقيقات الاستقصائية في البلقان (بي آي آر إن)- قامت صربيا بتصدير أسلحة إلى إسرائيل تبلغ قيمتها الإجمالية 16.3 مليون يورو (17.5 مليون دولار) منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول 2023.
وبلغت قيمة صادرات الأسلحة الصربية إلى إسرائيل 15.7 مليون يورو خلال أشهر شباط وآذار وأيار من العام الجاري، ويضاف ذلك إلى صادرات بقيمة 540 ألف يورو في تشرين الأول 2023.
وأظهر التحقيق أن أغلب هذه الأسلحة نقل على متن طائرات عسكرية إسرائيلية، حيث تم تحديد 7 رحلات إلى صربيا منذ تشرين الأول 2023.
وأشار التحقيق إلى رحلة ثامنة، لكنه قال إنها أجريت بطائرة "مملوكة للقطاع الخاص، من النوع المعروف بنقل أنواع مختلفة من البضائع، بما في ذلك الأسلحة".
في الشأن الداخلي الإسرائيلي وصف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير انسحاب بيني غانتس من حكومة الطوارئ بأنه فرصة عظيمة لتحقيق النصر، مؤكدا أنه هو الأحق بعضوية مجلس الحرب، لأنه كان يدعو دائما لقصف غزة وتنفيذ الاغتيالات، حسب تعبيره.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن بن غفير قوله، أمس "علينا أن ننتقل إلى مرحلة الحسم والانتصار، ومن الصواب أن يكون من طالب بقصف غزة ووقف دخول العمال (الفلسطينيين) عضوا في مجلس الحرب".
من جهته قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إنه لن يدعم المقترح الحالي للإفراج عن المختطفين، وإنهم "سيقلبون كل حجر بغزة لإعادتهم"، بحسب تعبيره.
ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن سموتريتش قوله "نحن في حرب بغزة خلال العامين المقبلين".
(الوكالات)