أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس بأن إسرائيل وجّهت ضربات مباشرة لحماس وحزب الله والحوثيين، خلال "الأسابيع الماضية"، بدون أن يتطرّق لاستشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في طهران.
وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان أمس اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية مشيرة إلى أنه "قضى إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران"، وأكد أحد قادة الحركة أن عملية الاغتيال لن تمر سدى.
من جهته قال الحرس الثوري الإيراني إنه يدرس أبعاد حادثة استشهاد هنية في طهران وسيعلن نتائج التحقيق لاحقا.
وذكر نتنياهو في مؤتمره الصحفي مساء أمس أنه "منذ بداية الحرب أوضحت أننا نخوض معركة ضد محور الشر الإيراني؛ إنها حرب وجود ضد قبضة الجيوش الإرهابية، والصواريخ التي تريد إيران تشديد وثاقها حول رقابنا".
وأضاف أن ما وصفه بـ"المحور"، "يتألف من ثلاثة فروع: حماس والحوثيين وحزب الله"، مشيرا إلى أنه "في الأيام القليلة الماضية، وّجهنا ضربات ساحقة لكل منهم".
وفي ما يتعلّق بالضربة الإسرائيلية التي استهدفت بناية سكنية في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، قال نتنياهو: "لقد قمنا بتصفية نائب نصر الله المسؤول عن قتل الأطفال، والعديد من الإسرائيليين الآخرين"، على حدّ قوله.
وتابع: "لقد أغلقنا حسابات مع (القائد العسكري بحزب الله، فؤاد شكر) محسن، وسنغلق الحسابات مع أي شخص يسيء إلى بلادنا"، مضيفا: "منذ هجوم بيروت، سمعت التهديدات من جميع الجهات".
وشدد نتنياهو: "نحن مستعدّون لأي سيناريو، وسنقف مركّزين، ومصمّمين ضدّ أي تهديد، وستجبي إسرائيل ثمنا باهظا، إزاء أي عدوان علينا من أي ساحة".
وأضاف: "لقد قلت بالفعل في الأيام الأولى للحرب إن الأمر سيستغرق وقتا ويتطلب الصبر منا جميعا، وسأكرّر ذلك اليوم أيضا".
ونعت حركة حماس في بيان، "إلى أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم، وإلى الأمة العربية والإسلامية، وإلى كل أحرار العالم، الأخ القائد الشهيد المجاهد إسماعيل هنية، رئيس الحركة، الذي قضى إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران، بعد مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد".
من جانبها قالت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس أن "عملية الاغتيال الإجرامية بحق القائد هنية وفي قلب العاصمة الإيرانية هي حدث فارق وخطير، ينقل المعركة إلى أبعاد جديدة وسيكون لها تداعيات كبيرة على المنطقة بأسرها. إن العدو قد أخطأ التقدير بتوسيعه لدائرة العدوان واغتيال قادة المقاومة في مختلف الساحات وانتهاك سيادة دول المنطقة، وإن المجرم نتنياهو الذي أعماه جنون العظمة يسير بكيان الاحتلال نحو الهاوية ويعجل بانهياره وزواله عن أرض فلسطين مرة وإلى الأبد".
بدوره أكّد الحرس الثوري الإيراني "استشهاد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس وأحد أفراد فريق حمايته في طهران"، مضيفا أنه "يدرس أبعاد الحادثة... وسنعلن عن نتائج التحقيق لاحقا".
وفي وقت لاحق أكد الحرس في بيان أن حادث الاغتيال سيقابل بـ"رد قاس وموجع".
وأضاف أن "هذه الجريمة هي انتهاك للقواعد والأعراف الدولية"، مضيفاً أن "إيران وجبهة المقاومة سيردان على هذه الجريمة".
وكان هنيّة يتواجد في طهران، لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، والذي كان قد التقاه، أمس الأول في العاصمة الإيرانية كذلك، حيث بحثا آخر التطورات السياسية والميدانية المتعلقة بالحرب الإسرائيلية على غزة. وأظهرت آخر لقطات له قبل اغتياله، وهو يصافح بيزشكيان، ويعقد اجتماعاً معه.
من جهته قال القيادي في "حماس" خليل الحية إن الحركة وإيران لا تريدان حرباً إقليمية لكن هناك جريمة يتعين معاقبة مرتكبها.
وأضاف أن "اغتيال هنية في إيران ومحاولة اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر في لبنان الهدف منهما إشعال المنطقة، من أجل التغطية على فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها في قطاع غزة".
وأشار الحية إلى أن :صاروخاً ضرب الغرفة التي كان فيها هنية في طهران وأصابه إصابة مباشرة:، وأن حماس :تنتظر التحقيقات الكامل من الجهات المعنية".
وأضاف أن إسرائيل "لا تريد اتفاقاً ولا صفقة في قطاع غزة، ولكنها تريد استمرار العدوان... العدو لا يؤمن بحلول ولا حقوق ولا يجدي معه إلا المقاومة".
لكنه نفى نية الحركة الانسحاب من المفاوضات وقال إن الأمر "رهن التطورات".
وأكد الحية أن الحركة ستفعل كل ما يتطلبه الموقف بشأن مفاوضات غزة، "تلبية لمصالح شعبنا".
وكانت وسائل إعلام إيرانية رسمية قالت إن عملية اغتيال هنية، وقعت في حوالي الثانية صباحاً بتوقيت إيران، بقذيفة أطلقت من الجو على مقر إقامته.
وأشارت إلى أنه كان يقيم في مقر خاص لقدامى المحاربين في طهران.
وقالت إنه "يتم إجراء المزيد من التحقيقات لمعرفة ملابسات هذه العملية الإرهابية مثل الموقع الذي أطلقت منه القذيفة".
من جهته كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، نقلا عن مسؤولين إيرانيين، مساء أمس أن المرشد الأعلى علي خامنئي أمر بالرد بشكل مباشر على إسرائيل.
وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين، ومن بينهم اثنان من الحرس الثوري، إن خامنئي أصدر الأمر في اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني صباحا بعد وقت قصير من إعلان طهران اغتيال هنية.
وأوضح المسؤولون الإيرانيون أن "القادة العسكريين الإيرانيين يفكرون في هجوم مشترك بطائرات بدون طيار وصواريخ على أهداف عسكرية في محيط تل أبيب وحيفا، لكنهم سيحرصون على تجنب الضربات على أهداف مدنية".
وتابعوا: "من بين الخيارات التي توجد قيد الدراسة هو هجوم منسق من إيران وجبهات أخرى حيث لديها قوات متحالفة، بما في ذلك اليمن وسوريا والعراق، لتحقيق أقصى قدر من التأثير".
وفي وقت سابق أمس قال خامنئي، إن من "واجب إيران الانتقام لحادثة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية المريرة والصعبة".
كما قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن طهران ستجعل "المحتلين الإرهابيين يندمون على فعلتهم الجبانة".
إلى ذلك نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إسرائيل تقف وراء اغتيال هنية.
وأضاف المسؤولون أن إدارة بايدن قلقة من أن يؤدي اغتيال هنية لعرقلة المفاوضات وزيادة خطر حرب إقليمية.
وتابعوا: قلقون من أن يضغط مقتل شكر وهنية على إيران وحزب الله للرد بقسوة أكبر مما خططوا له مشيرين إلى أنهم يتوقعون تعليق المفاوضات بشأن الرهائن في المدى القريب.لكن منسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض جون كيربي قال إن الولايات المتحدة "لا تزال تعتقد أن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة يمكنها الاستمرار"، مضيفاً: "لا نزال نعمل على دفع محادثات وقف إطلاق النار للأمام".وفي تعليقه على اغتيال هنية، قال: "لا يمكننا تأكيد تقارير بوفاة قائد حماس"، لافتاً إلى "إطلاع الرئيس جو بايدن على التقارير الواردة من الشرق الأوسط".
وكان مسؤول أميركي رفيع أكد للجزيرة أن الولايات المتحدة لم تشارك في عملية اغتيال هنية ولم تكن على علم بها.
إلى ذلك نقلت نيويورك تايمز عن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قوله إن "الولايات المتحدة لم تكن تعلم مسبقا بالهجوم على هنية".كما نقلت واشنطن بوست عن بلينكن أن "إدارة بايدن لم تتلق تحذيرا مسبقا بشأن الهجوم على هنية ولم يكن لها أي دور فيه".
بدوره قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن للصحافيين لدى سؤاله عما إذا كانت إسرائيل متورطة في الاغتيال وما إذا كانت الولايات المتحدة على علم مسبق بالعملية: "لا شيء لدي لأقوله لكم بهذا الشأن".
في الأثناء يعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جلسة طارئة في الوقت الذي يضغط فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أجل اتخاذ إجراءات دولية لمنع تفاقم التوترات في الشرق الأوسط.
ويرى غوتيريش، أن الغارات الجوية في طهران وبيروت "تصعيد خطير"، كما يقول المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك.
وطلبت إيران عقد الجلسة الطارئة، وضغطت على المجلس لبحث ما وصفته بـ"العدوان الإسرائيلي والهجمات الإرهابية"، وفق ما أوردت وكالة "أسوشيتد برس".وألقت إيران باللوم على إسرائيل في اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية. وقال السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، إن الضربات الإسرائيلية في طهران وبيروت "تشير إلى نية تصعيد الصراع وتوسيع الحرب في جميع أنحاء المنطقة".
وأكدت أن الرد على اغتيال هنية سيكون من خلال عمليات خاصة أكثر "صرامة، وتبعث على الندم".
بدوره قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن إسرائيل "لا تريد الحرب"، ولكنها تستعد لكل الاحتمالات.وتتولى روسيا حالياً الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي.وقالت روسيا أمس إن الشرق الأوسط على شفا حرب كبرى وإن الأطراف الرئيسية تواصل إذكاء المخاطر.
وقال أندريه ناستاسين نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية "تقف المنطقة الآن على شفا صراع عالمي... والأطراف تواصل إذكاء المخاطر".وتقول روسيا إن "هوس" الولايات المتحدة باحتكار عملية التسوية السياسية في الشرق الأوسط هو ما أفضى لهذا الوضع.
وأدانت الدول العربية والخليجية اغتيال هنية فيما دعت دول العالم الى منع التصعيد في المنطقة.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس من جهته الحداد وتنكيس الأعلام ليوم واحد، حداداً على هنية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وكان عباس أدان بشدة اغتيال هنية، واعتبره عملاً جباناً وتطوراً خطيراً.
ودعا الشعب الفلسطيني "إلى الوحدة والصبر والصمود، في وجه الاحتلال الإسرائيلي".
من جهته استنكر حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بشدة اغتيال هنية، داعياً في تغريدة على منصة إكس إلى "ضرورة إنجاز وحدة القوى والفصائل الفلسطينية".
إلى ذلك أعلنت قوى وفصائل فلسطينية إضراباً شاملاً أمس في جميع محافظات الضفة الغربية تنديداً باغتيال هنية، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية.
في سياق الاجرام الإسرائيلي اغتالت قوات الاحتلال أمس مراسل الجزيرة إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي بقصف استهدفهما في أثناء وجودهما في سيارتهما بمدينة غزة.
وأوضح أن القصف كان بجوار منزل الشهيد هنية المدمر في مخيم الشاطئ في أثناء وجود عدد من الصحفيين.وقال مراسل الجزيرة إن طائرة مسيّرة إسرائيلية استهدفت بشكل مباشر تجمع الصحفيين أمام منزل الشهيد هنية المدمر، وأضاف أن جثامين الشهداء الصحفيين نقلت إلى مستشفى المعمداني.
(الوكالات)