بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 أيار 2025 12:15ص إستقرار المنطقة حاجة عربية وإيرانية.. ومصلحة أميركية

حجم الخط

إنها مرحلة مخاض بين فترة سابقة مضت وأخرى مقبلة لم تولد بعد، هي في طور التشكل وغير واضحة المعالم، تقبل منطقة الشرق الأوسط عليها.

المرحلة الماضية التي اتسمت بحرب اسرائيلية عدوانية في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن، لا تزال مستمرة جزئياً في ظل عهد احد اكثر رؤساء الحكومات الإسرائيلية تطرفا، بنيامين نتنياهو. وطالما ان الأخير في السلطة، سوف يستمر اللاستقرار في الشرق الأوسط، ولن يرى مشروع التسوية النور بدءا من عملية السلام المترنحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي من المفترض ان تشكل فاتحةعملية سلام منتظرة في المنطقة، او ما يعرف بالاتفاقيات الإبراهيمية، الحلم الترامبي الكبير.

لذا ينتظر الجميع سقوط نتنياهو او اسقاطه، علما ان الانتخابات عنده هي بعد نحو عام ونحو نصف العام، والكثير من التطورات الدراماتيكية قد تطرأ في هذه المدة ومعها المآسي الجديدة.

لكن قد يشكل وجود دونالد ترامب على رأس السلطة في الولايات المتحدة الأميركية، فرصة للدفع لإنهاء عهد الحروب وفتح عهد جديد من الاستقرار ومقدمة للتسوية التاريخية التي بات العرب والإيرانيون في حاجة لها، وتشكل فرصة للجميع بمن فيهم الاسرائيليين للتوصل الى سلام مع الفلسطينيين كان مأمولاً لعقود خلت لكنه لا يزال بعيدا حتى اللحظة بعد ان دمره المجتمع الاسرائيلي المتطرف الذي جاء بحكومات بالغة اليمينية على شاكلة الحكومة الحالية..

لم يمارس ترامب ومن معه، حتى اللحظة، الضغوط الكبرى على نتنياهو لإيقاف الحرب، لكن المسار الذي اتخذته الإدارة الأميركية لنفسها هو مسار تهدئة وتجزئة الملفات، ليس بالضرورة حبا بالشعوب، بل لصالح الأميركيين انفسهم في منطقة غنية بالثروات لا طائل من حرائق فيها لن يستفيد منها سوى المتطرفون وكل من يريد اشعال المنطقة واقتتالها كالمتطرفين الإسرائيليين أو الإسلاميين التكفيريين..

يترقب العرب ما ستحمله زيارة ترامب للمنطقة بعد التقدم الذي احدثته مفاوضاته مع الإيرانيين وبعد الخلاف الذي ظهر على السطح مع نتنياهو في اكثر من ملف.

والحال ان المفاوضات مع طهران ستفيد في الدفع قدما في الاستقرار المنشود لصالح الإيرانيين الذين لا طائل من سباق تسلح نووي مكلف لهم وغير متكافىء اصلا مع اعدائهم، ثم ان اولويتهم اليوم هي في تحرير ودائعهم وتصدير نفطهم مع الحفاظ على برنامجهم النووي السلمي والتنازل في النووي العسكري فقط.

واذا استطاعوا ذلك لن يكون ترامب قد اختلف كثيرا عن الرئيس الاميركي الأسبق باراك اوباما في اتفاقه مع طهران، مع فارق ان الأخيرة اليوم ستدفع بحلفائها في المنطقة الى التراجع في اوطانهم والانخراط اكثر في مجمتعاتهم لحفظ استقرارها ووضع الصراع مع اسرائيل جانبا في هذه المرحلة التاريخية الصعبة.

من هنا سيكون لصالح ترامب كبح جماح نتنياهو في حروبه الكبرى التي يريد منها تغيير وجه الشرق الاوسط والمضي بمعارك عبثية في اطماع تاريخية يرى فرصته اليوم في تحقيقها.

هذا ما سيجنب لبنان الحرب الكبيرة التي يخشى كثيرون منها.

وليست صدفة ان نتنياهو حيّد لبنان بنية تحتية وموارد خلال الحرب، طبعا الى جانب خشيته من الرد العسكري من "حزب الله". لكن الأميركيين لا يريدون للبنان دمارا وفوضى، بل سيطرة في السياسة والاقتصاد، وباتت التفاهمات هي التي تحكم اليوم في تركيبة السلطة.

اما على صعيد السلاح الثقيل، فهو رهن المفاوضات بين الاميركيين والايرانيين، لكن موضوع السلاح برمته ليس مطروحا من قبل الحزب الذي سيقوم بمراجعة شاملة لأدائه الماضي ولرؤيته ولتعاطيه مع مفهوم الدولة اللبنانية ولتطبيع اتفاق الطائف.

كل ذلك يعني اننا امام مرحلة مغايرة للماضي قوامها التهدئة ثم الاستقرار لصالح الشعوب والأنظمة، وصافرة البداية ستكون من وقف النار في غزة ثم إعمارها عربياً ومن بعدها المصالحة وانخراط الجميع في السلطة، سواء حصل الأمر في هذه الفترة التاريخية ام بعدها. ما سيمهد لمرحلة تاريخية مفصلية هي الاولى من نوعها منذ ما بعد الحرب العالمية الاولى بالنسبة الى المنطقة.

لكن المخاض سيتطلب وقتاً، والولادة قد تكون قيصرية.