يؤشر التدخل الأميركي القوي على خط المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، إلى أن واشنطن تريد العمل على إيجاد حل لمسألة النقاط الخلافية العالقة بين البلدين، توازياً مع الدفع باتجاه الضغط على إسرائيل للانسحاب من النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها، حيث يتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تسريعاً في وتيرة هذه المفاوضات، سعياً لإنجاز الحلول للملفات الحدودية البرية بين لبنان والاحتلال . وأشارت المعلومات إلى أن الطرفين اللبناني والإسرائيلي باشرا بتحضير ملفاتهما، تمهيداً للبدء بعقد اجتماعات ثنائية برعاية أميركية وأممية . وكشفت أن إدارة الرئيس الأميركي، وبعد قرار تعيين اللبناني الأصل ميشال عيسى، سفيراً لواشنطن لدى لبنان، حريصة على خطوات نزع فتائل التوتر بين لبنان وإسرائيل، في إطار خطة الرئيس دونالد ترامب لإحلال السلام في الشرق الأوسط والعالم . على غرار جهوده لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وكذلك كشفت المعلومات، أن واشنطن وباريس تحاولان العمل من أجل الانتهاء من ملف الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، في غضون أشهر قليلة، على غرار الاتفاق البحري الذي رعته الإدارة الأميركية السابقة، في موازاة جهود تبذلها الولايات المتحدة الأميركية ، من أجل السير بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بعد توصل إدارة الرئيس ترامب إلى قناعة، بأنه لا إمكانية لإطلاق سراح المختطفين عند "حماس"، إلا بوقف شامل لإطلاق النار، واستكمال جميع مراحل هذا الاتفاق . وهذا ما يعمل عليه مبعوث ترامب ستيف ويتكوف في الدوحة، من خلال الاتصالات التي يجريها مع الأطراف المعنية، بالتنسيق مع المصريين والقطريين . وسط موشرات إلى إمكانية نجاحه في الحصول على موافقة "حماس" وإسرائيل، على تمديد المرحلة الأولى، تمهيداً للتوصل إلى توافق بشأن المرحلة الثانية .
وعلى وقع هذه التطورات، وفيما بدأت دوائر الرئاسة الأولى تحضير الملفات المتصلة بالزيارة الثانية التي ينوي رئيس الجمهورية جوزاف عون القيام بها للمملكة العربية السعودية بعد عطلة عيد الفطر، أكدت مصادر خليجية ل"موقع اللواء"، أن الجانبين اللبناني والسعودي يعولان على نتائج هذه الزيارة، من أجل إعطاء دفعة قوية لتعزيز العلاقات اللبنانية السعودية، واللبنانية الخليجية، في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها لبنان، مشددة على أن زيارة الرئيس اللبناني الثانية، وما سيتخللها من توقيع اتفاقيات بين البلدين، تشكل رسالة قوية بأن المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، ستكون إلى جانب العهد الجديد . ولا يخفى على أحد، أن المملكة ودول المجلس، تثق بقدرة الرئيس عون وحكومة الرئيس نواف سلام، على إخراج لبنان من مأزقه، وتعزيز الروابط مع الدول العربية التي لن تتأخر عن مد اليد لمساعدة لبنان في المرحلة المقبلة .
وفي الوقت الذي يطالب المجتمعان العربي والدولي لبنان بتنفيذ إصلاحات اقتصادية أساسية، للحصول على دعم مالي في مسيرة إعادة النهوض الاقتصادي، كان لافتاً انطلاق المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، وسط آمال بتحقيق اختراق يمهّد لإصلاحات ضرورية تضع البلاد على سكة التعافي المالي. وقد بحث رئيس الجمهورية مع وفد الصندوق سبل التوصل إلى اتفاق أولي يمهّد الطريق لتنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية ضرورية . وإذ شدد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، إرنستو راميريز ريغو، على ضرورة وضع خطة إصلاحية مالية موحدة تساعد لبنان على الخروج من أزماته، فإن ما سمعه من الرئيس عون كان مشجعاً وحاسماً، بأن لبنان ملتزم بدوره، بالمضي في تنفيذ الإصلاحات التي هي مطلب لبنان قبل أن تكون مطلباً عربياً ودولياً.ويُتوقع أن تفتح هذه الإصلاحات الباب أمام اتفاق نهائي يتيح للبنان الحصول على قروض من الصندوق، ما يساعد في إنعاش اقتصاده المتعثر. وستكون للوفد زيارات على عدد من المسؤولين اللبنانيين، لبحث تفاصيل الخطة الاقتصادية والإصلاحات المطلوبة.
وسط هذه الأجواء، وفيما لا يزال موضوع النزوح السوري يرخي بثقله على الوضع الداخلي، تبقى الأنظار شاخصة إلى مناطق الشمال وعكار التي شهدت تدفقاً لآلاف العائلات السورية العلوية، هرباً من أحداث الساحل السوري الدامية . ويتوقع أن يستحوذ هذا الموضوع على مزيد من الاهتمام الداخلي إلى جانب عدد من الملفات الساخنة، كونه أصبح محل استقطاب سياسي واسع، بالنظر إلى ما يثيره من تداعيات في أكثر من اتجاه، وما يحظى به من اهتمام على لسان القيادات السياسية والروحية والحزبية . وسط دعوات للتعامل مع ملف النزوح مسؤولية كبيرة، بالنظر إلى حساسيته ومحاذيره الداخلية، سيما وأنه لم يعد لدى اللبنانيين قدرة على تحمل تبعاته، وما قد يتسبب به من فتن داخلية لا يمكن التكهن بنتائجها . وأشارت مصادر نيابية، إلى أن المطلوب إجراءات غير عادية من جانب الحكومة ، لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم، مشددة على أن وحدة اللبنانيين حيال هذا الملف أساسية في مواجهة التداعيات المحتملة، إلى جانب قيام المؤسسات والمنظمات الدولية ما يجب عليها القيام به، للتخفيف من معاناة اللبنانيين .