بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 كانون الثاني 2025 12:10ص جوزاف عون وخطاب القسم سياج القانون والوطن

حجم الخط
فخامة الرئيس جوزاف عون، عماد الجيش والوطن وحامي سلمه الأهلي، واليوم قائداً أعلى للقوات المسلحة والمؤسسة العسكرية التي بقيت الضمانة الوحيدة لوحدة لبنان، ولرسم شعاع الحياة والأمل بالمستقبل بعد أن غابت شمس الدولة، وغُيّبت وأُخفيت قسراً في عهدٍ جهنّمي أمعن وأبدع في خرق الدستور، وأغرق الدولة ومؤسساتها الدستورية والقانونية في فراغاتٍ قاتلة. عهدٌ بائد دُمّرت فيه علاقات لبنان العربيّة والدوليّة، وتفكّكت فيه بُنية الدولة وهياكلها الإدارية والإجتماعية وضرب الإهتراء والإنهيار في قطاعاتها كافةً؛ الصحيّة والبيئيّة، والتربويّة والثقافيّة والسياحيّة، والماليّة والتجاريّة والاقتصاديّة. واليوم أيضاً فخامة الرئيس الدستوري بتسعة وتسعين صوتاً، وبشبه إجماع محلّي ودولي، وبفرحة شعبيّة عارمة تجاوزت جحيم ولاءات وعصبيات الأفراد الحزبية أو الضّيقة إلى جنّة الوطن الحبيب لبنان.
اللبنانيون يستبشرون بالخير بعهدك القادم كسحاب المطر الثَّقال، وبخطاب قسمك سياجاً للقانون والوطن لبنان. عهدُك الحفاظ على الميثاق ووثيقة الوفاق الوطني، وممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكمٍ عادلٍ بين المؤسسات. وعهدك الطعن بأي قانونٍ مخالف للدستور. وأجمل البدايات في إعادة الإنتظام، بل في ضبط الإنتظام في المؤسسات الدستورية عبر الدعوة إلى إجراء استشاراتٍ نيابيّة ملزمة لاختيار رئيس حكومة في أسرع وقتٍ ممكن، يكون شريكاً لرئيس الجمهورية في إدارة شؤون البلد وإنقاذه من أزماته والنهوض به، وليس خصماً كما صوّره أصحاب الخروقات الدستورية والممارسات الكيدية والهدّامة لحكّام الظلام ورؤساء الظّل.
في هذه المرّة، اللبنانيون يريدون بشدّة تصديق الحلم مع الرئيس العتيد الذي تعهد بمنع التدخّل في القضاء وبالعمل مع الحكومة الجديدة على إقرار مشروع قانون استقلالية القضاء، ومحاربة الجريمة والفساد والمافيات وتهريب المخدرات وتبييض الأموال، وتفعيل عمل القوى الأمنية كأداة أساسية لحفظ الأمن وتطبيق القوانين. وإنجازات عديدة ينتظرها أبناء الوطن المقيمين والمغتربين، ومنها تفعيل شبكات الحماية الاجتماعية، والاستثمار في العلم، وحماية أموال المودعين، وإعادة هيكلة الإدارة العامة، وإقرار مشروع اللامركزية الإدارية الموسّعة، وتطوير قانون الانتخابات، واعتبار حق المغتربين بالتصويت حقاً مقدّساً، وحماية الإعلام كما جاء في خطاب القسم.
وكما كان خطاب الرئيس واضحاً وحاسماً وشاملاً في شؤون لبنان الداخلية، كان كذلك قوياً وجريئاً وسيفاً للحق والدستور في شؤون الدولة الخارجية؛ أولاً في تأكيد حقّ الدولة في احتكار حمل السلاح. وثانياً في ضبط الحدود وتثبيتها وترسيمها ومحاربة الإرهاب. وثالثاً في تطبيق القرارات الدولية ومنع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان. وقدّم الرئيس جوزاف عون رؤيته في وجوب مناقشة استراتيجية دفاعية على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، وفي ضرورة العمل لأجل إعادة إعمار ما دمّره العدو الإسرائيلي في الجنوب والضاحية والبقاع وجميع المناطق في لبنان. وأكّد على رفض التوطين للفلسطينيين في لبنان حفاظاً على حقوقهم الوطنية بالدرجة الأولى، وعلى الإهتمام بتولّي أمن المخيمات. كما أعلن الرئيس جوزاف عون أنه سيمارس سياسة الحياد الإيجابي، وأنه يسعى إلى حوار جدّي وندّي مع الدولة السورية لمناقشة العلاقات والملفات العالقة بين الدولتين وخاصةً ملف المفقودين والنازحين السوريين.
التحدّيات والمخاطر كبيرة أمام اللبنانيين، ولا سيما بعد الحرب الإسرائيلية الطاحنة على لبنان، والتي لا تزال مستمرة في أعمالها العدوانية على الأرض اللبنانية بالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار. وليس صحيحاً أن التوافق على انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية في هذه المرحلة هو فقط بسبب الضغط والإملاءات الخارجية على النواب اللبنانيين. فالمسألة تحكمها اعتبارات كثيرة ومعقّدة استمرت لأكثر من سنتين مع عجز المجلس النيابي اللبناني عن انتخاب رئيس للجمهورية في اثنتي عشرة جلسة انتخابية بسبب الانقسام الحاد داخل المجلس وتعذّر فرض أي فريق لمرشحه الرئاسي ولو بالنصف زائد واحد. وإذا كانت التدخّلات أو التنسيق والعلاقات بين لبنان والدول العربية وباقي الدول المؤثرة ليست من خارج الأمور المتعارف عليها في لبنان وبين الدول، كما انها لا تنفي تمتّع الرئيس المنتخب بالتأييد الشعبي والنيابي الواسع بسبب المزايا والمواصفات الوطنية التي يتمتع بها، فإن استقلاليته الكبيرة عن القوى والأحزاب كافةً تجعله دون شك الرئيس الأكثر ملاءمةً في هذه المرحلة التاريخية في لبنان.
غداً يومٌ آخر تهدأ فيه مشاعر الفرحة بفتح صفحةٍ جديدة مع انطلاق عهد الرئيس جوزاف عون، ومسؤوليات ومهام كبيرة، وتعود فيه دورة الحياة والأزمات المتراكمة على أكثر من صعيد حياتي ومعيشي، ويعود كل مواطن إلى يومياته وقلقه من الحاضر والمستقبل. سنكون جميعاً متوجهين إلى لله متوكلين عليه، وحسبنا لله ونعم الوكيل.