بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 آب 2022 12:03ص حياد حماس إنجاز "إسرائيل" الأوّل!

حجم الخط

عنوان المقالة مقتبس من تعليق للخبير الإسرائيليّ في الشّؤون الأمنيّة والعسكريّة "يوسي ميلمان" الّذي اعتبر أنّ دخول حركة حماس في المعركة سيعقّد الأمور.

كلام ميلمان تقاطع مع كلام "زفيكا هايموفيتش"، القائد السّابق لسلاح الجو الإسرائيليّ، الّذي أشار إلى "وجود خلافات كبيرة مع الجهاد الإسلاميّ يمكن أن تدفع حماس للنّأي بنفسها عمّا يجري".

وأضاف هايموفيتش: "المصلحة المباشرة والفوريّة لحماس تقضي بعدم انضمامها إلى هذه العمليّة، وإذا انضمّت فسيتغير الوضع تماما".

هذا نُزرٌ يسير ممّا أفرده الإعلام الإسرائيليّ للحديث عن "تحييد" حركة حماس والاستفراد بحركة الجهاد الاسلاميّ.. وهكذا كان!

ولكن ما الّذي دفع حماس إلى اتّخاذ هذا الموقف الصّادم وغير المبرّر؟

كتب الصّحفيّ الإسرائيليّ المتخصّص في الشّؤون العسكريّة "تسيفي بارئيل" تحليلًا له في صحيفة "هآرتس" تحت عنوان "مصلحة مشتركة بين حماس وتل أبيب ضدّ الجهاد" وممّا جاء في مقالته: "لدى حماس والجهاد الإسلاميّ غرفة مواقف مشتركة يُفترض أن تُتّخذ من خلالها قرارات عسكريّة وسياسيّة مشتركة.

ويقول: في ظاهر الأمر، لدى المنظّمتين هدف أيديولوجيّ قوميّ مشترك يتمثّل في إنهاء الاحتلال والقضاء على إسرائيل، لكنّهما منفصلان باختلاف أيديولوجيّ يمنعهما من الاندماج، فحماس تأسّست باعتبارها فرعًا من جماعة الإخوان المسلمين، وعرّفت نفسها كحركة شعبيّة اجتماعيّة ستؤدّي إلى إقامة دولة الشّريعة، أمّا الجهاد ففكرته هي القتال المستمرّ، والقضاء على الأنظمة الّتي لا تستحقّ البقاء".

هذا بيت القصيد، وهنا مكمن الفخّ الّذي تعمل "إسرائيل" على إيقاع حركة حماس فيه، الفخّ ذاته الّذي ما زالت حركة "فتح" تدفع ثمنه منذ وقّعت على اتّفاق "أوسلو" عام 1993 وقامت، من موقعها القياديّ في العمل الفدائيّ، بتقديم تنازل تاريخيّ عن معظم أرض فلسطين، واعترفت بالكيان الإسرائيليّ، في محاولة للوصول إلى دولة تقام على الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة.

لكنّ اتّفاق "أوسلو" أسّس لتضارب مساريّ التّسوية والمقاومة، فأصبح العمل المقاوم في نظر أنصار "فتح" عقبة في طريق إنشاء الدّولة الفلسطينيّة المأمولة؛ كما أصبحت السّلطة وأجهزتها الأمنيّة في نظر ما عُرف باسم "الفصائل العشر" الّتي رفضت الاتّفاق، عقبة في وجه مشروع النّضال والتّحرير.

وتحت اتفاق "أوسلو" أيضًا تمّ شرعنة الصّراع الدّاخليّ، وضرب قوى المقاومة، وأصبحت "إسرائيل"، بشكل أو بآخر، شريكًا في صناعة القرار الفلسطينيّ.

ألم يحدث شيء من هذا القبيل خلال عمليّة "بزوغ الفجر"؟

من المفيد جدًّا إعادة قراءة نتائج اتّفاق "أوسلو" الكارثيّة على مصير القضيّة الفلسطينيّة، وإذا كانت الحركات الإسلاميّة ترفض فكرة النّقد، حسب رأي المفكّر الإسلاميّ الكويتيّ "عبدالله النّفيسيّ"، فإنّنا معنيّون بخلع القفّازات وكسر محرّمات النّقد الّذي تأباه الحكومات والمنظّمات والشّعوب العربيّة عمومًا، وفي كلّ الأحوال فإنّ الإعلام الإسرائيليّ أجاب صراحةً وفجاجةً عن تساؤلات نطرحها نحن سرًّا وحياءً!

والمثير للدّهشة والقلق، إضافة إلى وقوف حماس على الحياد فيما غزّة تقصف ويقتل أطفالها ونساؤها وقادة مقاومتها، الصّمت إزاء ما نقله إعلام العدوّ على مدى ثلاثة أيّام، من رضى ضمنيّ لحماس على تصفية قادة الجهاد، وذهب بعض المحلّلين إلى القول بأنّ الشّهيد "الجعبري" استدرج إلى مكان اغتياله بتنسيق مصريّ اسرائيليّ غير بعيد عن حماس!

كلّ ذلك مرّ من دون أيّ استنكار أو تعليق أو حتّى نفي من قيادة حركة حماس، سوى تعليق مقتضب من "اسماعيل هنيّة" يشبه تعليقات أمين عام الأمم المتّحدة على أحداث لا تعنيه، حيث نقل عنه قوله: "نتابع الجهود المكثفة مع الأطراف كافةً لوقف العدوان على أهلنا في القطاع".

إنّ أخطر ما يمكن تصوّره أن تنضمّ قيادة حماس إلى اتّفاق "ابراهام" كما ذهبت حركة فتح إلى اتّفاق "أوسلو"، وفي السّياق أشارت صحيفة "هآرتس" إلى أنّ أحد الخيارات الجيّدة، لتغيير إسرائيل إستراتيجيّتها في غزّة، قد يكون تبنّي الخطّة ذات المرحلتين الّتي اقترحها "يائير لبيد" الّذي كان وزيرًا للخارجيّة، والّتي أطلق عليها خطّة "الاقتصاد من أجل الأمن".

وتقضي المرحلة الأولى من الخطّة بإعادة إعمار قطاع غزّة، أمّا المرحلة الثّانية فتقضي ببناء جزيرة اصطناعيّة قبالة القطاع يمكن أن يشيّد عليها ميناء بحريّ، فضلا عن تشجيع الاستثمار الدولي والمشاريع الاقتصادية تشارك فيها مصر وإسرائيل.

وختمت هآرتس بالقول: "إنّ هذه فرصة ذهبيّة لرسم مسار جديد تمامًا في علاقات إسرائيل مع غزّة، وبثّ الأمل لدى كثير من الإسرائيليين والعديد من سكّان غزة الذين سئموا دورة العنف الوحشية".

حقًّا إنّها فرصة ذهبيّة للكيان الصّهيونيّ، لكنّها تحدّ كبير لمصير القضيّة الفلسطينيّة، والقرار بيد حركة حماس!