بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 تشرين الثاني 2023 12:01ص «فلسطين بين الحرب الهمجية وتبدُّل السياسات الإقليمية»

حجم الخط
بعيدًا من الحسابات السياسية والمشاريع الإقليمية التي تُعتبر الشرارة الرئيسية في ولادة الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين وانطلاقة الحركات الجهادية في المنطقة العربية، إلا أنه لا بد من التوقف عند أحداث غزة التي تتعرض منذ السابع من أكتوبر لإبادة جماعية أمام الرأي العام والمجتمع الدولي الذي مازال يبحث في كيفية التوصل إلى إيقاف العمليات العسكرية في الوقت الذي تُرتكب فيه أكبر المجازر بحق الشعب الفلسطيني الذي تعاطفت معه كل بقاع الأرض بمختلف انتماءاتها.
إذا كانت معظم الدول العربية تمتلك جميع المقومات القادرة على إيقاف العمليات العسكرية داخل غلاف غزة، فلماذا كل هذا التقاعس بحق الشعب الفلسطيني، وأي لعبة سياسية قذرة يتم انتهاجها على الأرض الفلسطينية التي باتت ساحة حرب من أجل تصفية الحسابات وحل النزاعات الإقليمية كما في لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن.؟ 
ما يحدث داخل غلاف غزة من ُممارسات إجرامية تُنافي كل الشرائع الدينية والأعراف الدولية والذي ترفضه كل المنظمات الحقوقية سيما تلك التي تُناشد بحماية حقوق الإنسان ونشر السلام في العالم. فلماذا كل هذا الصمت في ظل العدوان الهمجي الذي يسعى إلى إبادة الشعب الفلسطيني برمته وارتكاب أكبر المجازر بحق أطفال غزة.؟
إن مساندة الشعب الفلسطيني والتعاطف معه واجب كل حر شريف يمتلك الإرادة الفعلية بإيقاف العدوان الإجرامي الذي تعدى حدود الفطرة البشرية، ولن ينجو منه أي فلسطيني ما لم يكن هناك تحرك دولي يفرض بالقوة إيقاف العدوان والمجازر التي تُرتكب بحق شعب أعزل ذنبه الوحيد أنه يعيش بين جرثومة خبيثة تسعى لابتلاع أرضه من جهة ولعبة سياسية قذرة تستثمر بقضيته من جهة أخرى. 
ولكن كيف سيتحرك العالم في ظل الصمت العربي المُعيب والمخزي الذي لا يصدح إلا في المحافل الدولية والمجالس الأممية.؟ 
فالجرائم الإنسانية التي يرتكبها العدوان الإسرائيلي لن تتوقف عند حدود غلاف غزة فحسب، بل ستطال كامل الجوار العربي بمعظم زعاماته التي نأت بأنفسها عن أحداث غزة وأظهرت مدى ضعفها وعجزها عن القيام بأبسط الخطوات الإنسانية للمدنيين الذين يقعون تحت مرمى الطائرات والقنابل الأشبه بالذرية.
إن الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من البنيان العربي، له الحق بأن يعيش كباقي شعوب العالم وأن ينعم بالأمن والاستقرار بعيدًا من بحر الدماء الذي روى أرض فلسطين منذ الانتفاضة الأولى، فمن حق هذا الشعب أن يُبصر الحياة بعيداً من القصف والتهجير وأن يحلم بمستقبل تنبثق فيه رائحة الحياة لا الموت.
فالأمة العربية مُطالبة اليوم قبل الغد في ظل المجازر التي تُرتكب، والكرامة التي تُنتهك، بالتحرك السريع والفوري للعمل بكل الوسائل المتاحة من أجل إيقاف النيران الهمجية وفتح المجال امام الممرات الإنسانية من أجل انتشال ما تبقى الأنقاض تحت الركام، فهذه أقل الواجبات تجاه الشعب الفلسطيني، وإلا فإنها بصمتها ستكون أول من يحفر المقبرة للمنطقة العربية في المستقبل، فالأجيال القادمة لن ترحم في انتقامها وستحل معها اللعنة الكبرى على المنطقة العربية.
إن المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بحجة الدفاع عن نفسها أكبر دليل على مدى خباثة هذا الكيان في حربه الإجرامية التي يسعى من خلالها إلى حصد أكبر عدد ممكن من الأرواح، التي يُعيد فيها اعتباره ضد عملية طوفان الأقصى قبل التوصل إلى هدنة دولية. وهنا يبقى السؤال ما هي الكلفة التي يتوجب على المنطقة العربية دفعها مقابل العملية العسكرية التي شنتها حركة حماس، وماذا يُحضر للمنطقة ما بعد عملية طوفان الأقصى.؟