10 تموز 2024 03:33م لا رهان عملياً على تهدئة في الجنوب لمفاوضات الدوحة

خشية دبلوماسية من محاولات لبنانية لعرقلة الاستحقاق

حجم الخط
فيما لا شيء عملياً يمكن الرهان عليه، بالنسبة إلى مصير مفاوضات التسوية بين "حماس" وإسرائيل التي انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة، وما يمكن أن تتركه من انعكاسات على الوضع الجنوبي ، في ظل إصرار جيش الاحتلال على عدم ربط جبهتي غزة ولبنان، فإن إسرائيل ماضية في استخدام سلاح الاغتيالات ضد قياديين ميدانيين في "الحزب"، الأمر الذي كشف عن هوة استخباراتية عميقة بين الجانبين، وهو ما دفع المقاومة إلى رفع وتيرة استهدافاتها لمواقع الجيش الإسرائيلي على طول الجبهة الحدودية، مستخدمة صواريخ من العيار الثقيل، في إطار مزيد من الضغوطات العسكرية لإرباك الإسرائيلي وإشغاله . وهذا ما ظهر بوضوح من خلال كثافة العمليات الحربية التي يقوم بها "الحزب" ضد المراكز الإسرائيلية المقابلة للبلدات والقرى اللبنانية على طول الخط الأزرق . 

وفي ظل الدعوات الدولية المتكررة بوجوب اتخاذ خطوات من شأنها ترسيخ التهدئة على الحدود الجنوبية، والحرص على الالتزام بالقرار 1701، إلا أنه في المقابل، فإن الرسائل الدبلوماسية التي تسلمها المسؤولون اللبنانيون في الفترة الأخيرة، تضمنت خشية حقيقية على مصير الأوضاع في الجنوب، من حيث  أن لبنان سيدفع ثمن أي خطأ قد يرتكبه "حزب الله"، بتوريط البلد في الحرب، في ظل حالة من القلق الشديد التي تخيم على المناطق الجنوبية التي تشهد أعمالاً حربية متصاعدة، تنذر بتدهور الأوضاع في أي وقت، بعد صدور تأكيدات من جانب مسؤولي "حزب الله"، بأن الرد على أي عدوان إسرائيلي سيفاجئ العدو ويجعله يندم على أي مغامرة تستهدف لبنان. 

ووسط ترقب ثقيل لمآل مفاوضات التهدئة في غزة، برزت إلى الواجهة مبادرة نواب المعارضة، لطي صفحة الشغور الرئاسي، في إطار ما يمكن تسميته ب "خارطة طريق" لانجاز الاستحقاق الرئاسي، متقدمين باقتراحين كحل عاجل لوقف التعطيل وإنقاذ البلاد. وفي حين ينصالاقتراح الأول، على أن يلتقي النواب في المجلس النيابي ويقومون بالتشاور فيما بينهم، دون دعوة رسمية أو مأسسة او إطار محدد حرصاً على احترام القواعد المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية المنصوص عنها في الدستور اللبناني. على ان لا تتعدى مدة التشاور 48 ساعة، يذهب من بعدها النواب، وبغض النظر عن نتائج المشاورات، الى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية وذلك حتّى انتخاب رئيس للجمهورية كما ينص الدستور، دون اقفال محضر الجلسة، ويلتزم جميع الفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب.

أما الاقتراح الثاني، فينص على أن يدعو رئيس مجلس النواب الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، ويترأسها وفقًا لصلاحياته الدستورية، فإذا لم يتم الانتخاب خلال الدورة الأولى، تبقى الجلسة مفتوحة، ويقوم النواب والكتل بالتشاور خارج القاعة لمدة أقصاها 48 ساعة، على ان يعودوا الى القاعة العامة للاقتراع، في دورات متتالية بمعدل 4 دورات يوميا، دون انقطاع ودون اقفال محضر الجلسة وذلك الى حين انتخاب رئيس للجمهورية، ويلتزم جميع الفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب.
وفيما من المتوقع أن يكون وفد من نواب المعارضة، قد وضع الكتل النيابية في أجواء هذه المبادرة، بعد اجتماع مع سفراء "الخماسية" لهذا الغرض، فإن ما تسرب من معلومات ل"موقع اللواء"، يشير إلى أن سفراء المجموعة أبلغوا وفد المعارضة، أنهم يؤيدون كل تحرك من أجل إنهاء الشغور، لكنهم يفضلون أن يكون رئيس المجلس النيابي نبيه بري، راعياً لأي جلسة حوار أو تشاور، من موقعه كرئيس للبرلمان الذي تقع عليه مسؤولية انتخاب رئيس الجمهورية الجديد . لكن في الوقت نفسه، فإن السفراء ما زالوا على الموقف نفسه، وهو أن الانتخابات الرئاسية شأن  لبناني سيادي، لا يجب أن يتأثر بأي محاولات لإخراج الحوار المرتجى عن أهدافه، ما قد يهدد النظام السياسي القائم في لبنان، والذي أرسى أسسه اتفاق الطائف، الأمر الذي سيضع الاستقرار في لبنان في مهب الريح، وهذا ما لا يمكن أن تقبل به الدول العربية والمجتمع الدولي .

وعلى أهمية الحراك العربي والدولي، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، إلا أن مصادر دبلوماسية لا تخفي خشيتها من وجود محاولات لبنانية لعرقلة المساعي الجارية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، باعتبار أن هناك أطرافاً سياسية لا تريد ذلك، واضعة مصالحها الضيقة وحساباتها الرئاسية قبل مصلحة البلد وشعبه . ولهذا فإن الأمور وفقاً لما تقوله أوساط نيابية معارضة بارزة ل"موقع اللواء"، لا زالت معقدة، رغم السعي لتجاوز المأزق القائم . وليس هناك ما يؤشر حتى الآن إلى إمكانية عقد جلسة انتخابات رئاسية . ولا تخفي المصادر الديبلوماسية قلق "الخماسية" من استمرار الشغور الرئاسي، معتبرة أن على النواب القيام بواجبهم لمنع الفراغ، وعلى اللبنانيين توحيد الجهود وتغليب مصلحة الوطن وانتخاب رئيس للبنان في أسرع وقت، دون الدخول في لعبة الأسماء، والكف عن سياسات المراهنات التي لن تقود إلى مكان.

ووفقاً لما تسرب من أجواء "الثنائي"، فإنه لا يبدو متحمساً لطرح المعارضة، وبالتالي فإن كل ما أطلق من مبادرات حتى الآن مصيره الفشل، ما يعني أن هذا الطرح، سيلاقي مصير ما سبقه من أفكار ومساع داخلية للحل، طالما أن "حزب الله" تحديداً ليس مستعداً لأن يقول كلمته الفصل في ما يتصل بالشأن الرئاسي، قبل أن ينجلي غبار الحرب على غزة، ما يفسح في المجال أمام اتضاح الرؤية، ليكون بمقدوره أن يتصرف في الملف الرئاسي على هذا الأساس . وهذا بالتأكيد سيعطيه هامشاً للتحرك والمناورة أكثر .