تتهيّأ عين التينة والسراي الى استقبال المزيد من الموفدين الدوليين في إطار الجهود الدولية الرامية الى منع تصاعد حدة المواجهة بين إسرائيل ولبنان، فمستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين سيحط في بيروت هذا الأسبوع، بعد زيارته تل أبيب، بعد ان كانت بيروت شهدت جولة من المحادثات قام بها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيار لاكروا مع المسؤولين اللبنانيين، وقبله الزيارة التي قام بها الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، الذي حمل أيضا رسالة أوروبية تدعو الى تجنّب التصعيد في المنطقة.
ومن نافل القول ان هؤلاء الموفدين يتحركون تحت عنوان مشترك هو العمل على عدم توسعة الحرب، والتحذير من أن وقوع هذا الأمر سيدخل المنطقة برمّتها في آتون صراع لا هوادة فيه، مع التشديد على ضرورة الالتزام بمدرجات القرار 1701، وفي المقابل فإن أجوبة المسؤولين اللبنانية هي أيضا موحدة، لجهة ان لبنان ملتزم بالقرار الأممي، وان من يخرقه منذ اليوم التالي الذي تم الاتفاق عليه هي إسرائيل، أم لجهة التصعيد فان لبنان ليس في وارد توسعة رقعة الحرب، وأن من يجرّ لبنان والمنطقة الى الحرب هي إسرائيل، وبالتالي فان الأسئلة الدولية المطروحة أجوبتها هي عند تل أبيب التي تقوم بتوسيع دائرة اعتداءاتها ان عن طريق استهداف المدنيين، والأحياء السكنية في القرى الجنوبية ، أو عن طريق عمليات الاغتيال في الضاحية والجنوب، ضاربة عرض الحائط كل الدعوات الدولية بعد توسيع دائرة الحرب.
وفي هذا السياق يؤكد مصدر وزاري ان الخشية من توسعة الحرب تبقى أمرا وارداً، كون «حزب الله» الذي ما زال محافظا على قواعد الاشتباك وابعاد شبح الحرب الواسعة على لبنان، لن يبقى مكتوف الأيدي إذا ما تمادت إسرائيل في عدوانها، وخصوصا لجهة تنفيذ عمليات الاغتيال وهو سيعمل على قاعدة العين بالعين، بمعنى انه إذا ذهبت إسرائيل الى أبعد ما تقوم به، فالحزب جاهز، وهو يملك من القوة التي تجعله يواجه أي حرب مهما كان نوعها وحجمها، وما استهدافه القواعد العسكرية الحساسة والبعيدة عن الحدود والتي كانت تعتبر إسرائيل أن المسّ بها من المحرّمات، إلّا نموذجا واضحاً عما يمكن أن يفعله الحزب في حال أخذت إسرائيل القرار بتوسيع دائرة الحرب، معتبرا ان الكيان الغاصب وصل الى مرحلة المقامرة، واللعب على حافة الهاوية.
ويؤكد المصدر الوزاري ان الولايات المتحدة التي لم تعطِ الى الآن الضوء الأخضر لإسرائيل لشن حرب واسعة على لبنان، تدرك تماما ان مثل هذه الحرب لا تصب في صالح إسرائيل، فتل أبيب الغارقة في صحراء الرمال المتحركة في غزة في اعتقاد واشنطن ووفق كل التقارير الاستخباراتية لن تقوى على القيام بحرب على عدة جبهات لا سيما في لبنان، وهي ما تزال الى الىن تمنع إسرائيل من القيام بهكذا حماقة، ليس حرصا على سلامة أمن واستقرار لبنان، بقدر ما هو خوف من إلحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي الذي يعاني الضعف والهوان جراء الضربات المتتالية التي يتلقاها على الرأس في زواريب واحياء غزة، التي يقف عاجزاً على حسم المعركة فيها، مع انها كانت وما تزال محاصرة منذ سبعة عشرة عاما، وهي لذلك نصحت المسؤولين العسكريين باستبدال التفكير بتوسعة الحرب، بالقيام بعمليات اغتيال لقادة وكوادر «حماس» و»حزب الله» وبذلك تحد من الخسائر التي تلحق بالجيش الاسرائيلي يوميا، كما تحد من حجم الانتقادات والتحركات الشعبية في الخارج على إسرائيل.
وفي رأي مصادر عليمة أن إسرائيل لن تستطيع الاستمرار طويلا في السيناريو الحربي الذي تعتمده، خصوصا وأن عملية التهجير التي حصلت لأول مرة بهذا الحجم من المستوطنات بات يشكل عامل ضغط عليها، وهذا الشيء تتعامل معه الحكومة الإسرائيلية على انه جبهة جديدة ثالثة تضاف الى جبهتي لبنان وغزة، لكن هذه الجبهة الداخلية أشد وطأة عليها، وهي الى الان لا تملك حجة الاقناع لعودة هؤلاء الى بيوتهم وممتلكاتهم، وهو أمر بدا يرفع من منسوب الهجرة المعاكسة التي تشكل ضربة قوية لإسرائيل.
من هنا فان إسرائيل صحيح ترفع من منسوب التوتر، لكنها في الوقت ذاته مرتبكة الى حد كبير من الجبهة الشمالية، وهي تسعى دوليا للقيام بأي خطوات من شأنها أن تبعث على الاطمئنان، بعد ان وجدت ان أي حرب على شاكلة حرب تموز لن تكون في صالحها ، لأن الغطاء الأميركي غير مؤمن ، وان مزاج المجتمع الدولي لا يتماهى معها جراء الجرائم الوحشية التي ارتكبتها في قطاع غزة، وكذلك في الضفة الغربية.