عشرات الأفلام الهوليوودية التي تدور أحداثها في الفضاء الخارجي أو الخاصة بعمليات قصف لمواقع في أي مكان من المعمورة تنفّذها قاذفات متطورة لها أشكال مختلفة غير الطائرات الحربية العادية، وغالباً ما تعمد السينما إلى تصنيع هياكل طائرات من المعدن المقوّى وتقوم بتحريكها أمام الكاميرات كنوع من الفانتازيا لإبهار المشاهدين.
وقد لفتنا منذ أيام إعلان أن أحدث القاذفات الأميركية B-2 Spirit القادرة على حمل أسلحة نووية ويستحيل على الرادارات كشفها وتطير لأكثر من 44 ساعة متواصلة من دون الحاجة إلى التزوّد بالوقود، نفّذت أولى عملياتها في منطقة البحر الأحمر، ولأننا نراها لأول مرة رغم أنها تم تصنيعها عام 1988 فقد تذكّرنا سريعاً أننا رأيناها عشرات المرات في أفلام أميركية، بما يعني أن ما تقدّمه السينما يستند إلى اعتبارات وحيثيات واقعية، بل أكثر من ذلك هناك تنسيق وتبادل معلومات بين وزارة الدفاع - البنتاغون وشركات الإنتاج السينمائية من خلال ما يتاح من تسهيلات ومعلومات لكتّاب السيناريو، ليس هذا فقط بل إن الأفلام تروّج وبشكل واضح للسياسات التي ترسمها الإدارة الأميركية.
وهذا الكلام ليس إستنتاجاً بل أمر واقعي جرى رديف له بعد هجمات 11 أيلول 2001 على برجي التجارة في نيويورك، يومها دعا البنتاغون عدداً من كبار كتّاب السيناريو في هوليوود للإستماع إلى تصوّرهم لإحتمالات المرحلة المقبلة من الهجمات داخل أميركا أو على مصالحها في الخارج، بينما أرشيف الوزارة متاح للإطّلاع دائماً وهناك ملفات خاصة لقضايا حسّاسة تم تزويد الكتّاب بما يريدونه من معلومات لصياغة سيناريوهاتهم ودائماً تحت سقف التوجيهات الرسمية لتوجه هذا الفيلم أو ذاك.
نعم هوليوود تنطق بلسان الإدارة السياسية. ونعم تكون النصوص تحت رقابة توجيهية بينما كل ما نعرفه ونواكبه من كشف معلومات وحقائق - ليست دائماً كذلك - يكون مرهوناً بغاية من مرشدي الكتّاب إلى الوجهة المطلوبة، ولا يستطيع أحد إنكار ذلك، ولا ينجو من هذه المنظومة سوى قلّة من المخرجين أبرزهم: أوليفر ستون، ومايكل مور، اللذان يأخذان حريتهما في الهجوم والإنتقاد والإتهام وبالوثائق بعيداً عن هيمنة المرجعيات السياسية والأمنية في أميركا.