ثماني سنوات مرّت على إعلان السيدة «يولا خليفة» أنها تملك ما تقوله فنياً.
الزوج الأستاذ «مرسيل خليفة» حاضر بقوة وعمق وعلى مساحة الوطن العربي والمغتربات، ونجلاهما أثبتا موهبتين صارختين حقيقيتين، «رامي» سيّد العزف على البيانو بجنون المبدعين، و«بشار» المتأهّب دائماً مع آلاته الايقاعية وتميّزه في التعامل معها. واليوم، الأول هاجر إلى أوستراليا، والثاني ما زال في فرنسا، والأب طائر نورس موطنه أينما حلّ مواطن لبناني أو عربي أو حر... قدره الترحال من نجاح إلى نجاح...
اليوم عائلة خليفة بكاملها حاضرة فنياً. خصوصاً مع صدور رابع «سي دي» للسيدة «يولا» بعنوان: «في الطريق» (On the road)، عن أنغامي، وفيه 9 أغنيات بصوت «يولا»، لحنتها جميعاً، وشارك في التوزيع نجلاها مع ساري وزاد خليفة (إبني طوني شقيق مرسيل) و(Aufgang)، بما يعني أن الجيل الثاني من العائلة تولّى مهمة التوزيع مما أعطى نكهة خاصة لعنصر الأنغام الذي صاغته السيدة «يولا» وبدت الصورة معها، أن كل ما سمعناه لها في الأعوام السابقة كان بطاقة تعريف بموهبتها الغنائية التلحينية، ليستقر الحضور بعد هذا كلّه على ولادة أسلوب خاص جداً بها يتآلف فيه الصوت مع النغم، مع الكلمات في كيمياء منسجمة نادراً ما لاءمت عناصره بعضها البعض كما حصل في «سي دي»: (في الطريق) الذي حاز بركة نجاح إضافية مع إنجاز جميل متنوّع عميق ومؤثّر في التوزيع.
كل هذا لم يُلغ خصوصية كلمات الأغاني مع سمير سعدي (إكتبني، لو سافرت)، مريم حيدري (من أنا)، مهى بكر (يا حب)، ميشال أبو رجيلي (إلك)، يولا نفسها (الرحيل)، ولادة بنت المستكفي (أنا والله، أغار)، وجبران خليل جبران (السلام)، هي تسع أغنيات تتنافس بقوة على أيها الأصلي والأكثر جاذبية، وكلما إستمعنا إلى واحدة شعرنا بها خاصة، منعزلة عمّا سواها، لجهة الروح والإجادة والشفافية.
وإنسجاماً مع هذا المناخ أسعدنا كثيراً الكليب الذي أخرجته «ألين عويس» لأغنية «إكتبني»: (إكتبني بوح البوح من فوق جبل مفتوح... على شط بحر بعيد يغازل المواعيد)، إنه عمل مرئي لمشاعر تعتمل في روح الأغنية، بشفافية ودغدغة جميلة جاذبة.
الأغنية الثانية للشاعر «سعدي» بدا إطارها شرقياً راقصاً جميلاً (لو سافرت بعيد حبيبي سيب لي عالشباك هواك، سيب لي غنوة، سيب لي ضحكة، سيب لي كلمة يُمكن أقدر بيها أتنفس هواك)، وعلى النحو الشرقي إياه بدا لحن: أنا والله، حميماً، مؤنساً يدفع للتمايل معه إنسجاماً وإمتاعاً (أنا والله أصلح للمعالي وأمشي مشيتي وأتيه تيهاً، وأمكن عاشقي من صحن خدي وأعطي قبلتي من يشتهيها) أما الثانية من شعر «ولادة» (أغار عليك من عيني ومني، ومنك ومن زمانك والمكان) فجاءت أكثر هدوءاً ورومانسية، فاضت في معانيها أنغام رائعة وتدفقت «يولا» عبرها مشاعر مضاعفة، وبعدها جاءت الأغنية الأقرب إلى الصلاة (الله ما أبهاك أيها السلام وما أجملك) فشكّلت أفضل مسك ختام للـ «سي. دي».
لكن والحق يقال، إن كم الإبداع الموسيقي، اللحني، خصوصاً في مقدمات الأغنيات شكّل حدثاً رائعاً أضفنا من خلاله جرعة إمتاع للأذن والحنايا في آن، مع تنويع أبعدها عن الرقابة والتكرار كما يحصل عند بعض الملحنين، عندما يعثرون على لازمة جميلة، ينسجون على منوالها أكثر من مقدمة بحيث يتأمّن نجاح العمل بكل أغانيه.
في «الطريق» حدث موسيقي غنائي كبير، يُحسب لصالح الفنانة «يولا خليفة» التي تحتفل هذه الأيام بذكرى زواجها الأربعين من الفنان المتميّز «مرسيل خليفة» وهو ما أشارت إليه على النسخة التي وقّعتها له في حفل «دار النمر» يوم السبت في 22 آذار/ مارس 2019، مراهنة دائماً على حياة أفضل، وسط ظروف أفضل، واعدة بأنها لن تتوقف عن التعبير الفني عمّا يجيش في أعماقها من أحاسيس إلى أن هناك عدّة مشاريع قيد التحضير، فيما سيكون نجلها «رامي» في بيروت يوم 5 نيسان/ أبريل لتوقيع عمله الموسيقي الجديد... مسلسل آل خليفة الإبداعي لن يتوقف..