بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 شباط 2023 12:30ص إضراب المصارف وحقوق المودعين..

حجم الخط
على طريقة «ضربني وبكى وسبقني وإشتكى»، جاء الإضراب المفاجئ للمصارف، ليكمل فصول السطو على أموال المودعين، والذي بدأ غداة إندلاع إنتفاضة ١٧ تشرين، يوم أقفلت البنوك أبوابها لمدة إسبوعين، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ العمل المصرفي في لبنان، حتى في أقسى الظروف التي مرّ بها البلد.
قد لا تتحمل المصارف وحدها مسؤولية الإنهيار المالي والنقدي، لأنها كانت تُقرض الدولة، وتساهم في هندسات المصرف المركزي، ولكن هذا الواقع لا يُعفي أصحاب البنوك من مسؤولياتهم القانونية والتعاقدية تجاه المودعين، خاصة وأن معظم ألمصرفيين قد سارعوا إلى تحويل أموالهم إلى الخارج، في فترة الإقفال الصادمة، والتي حالت دون وصول المودعين إلى أموالهم باكراً، وتفادي حصول هذا الحجز الإعتباطي للودائع دون أي مستند قانوني.
محاولات تحميل أصحاب الودائع الجزء الأكبر من «الفجوة المالية» المقدرة بـ٧٣ مليار دولار، هو تجنٍّ صارخ على حقوق أكثر من مليوني لبناني، ذنبهم الوحيد أنهم وضعوا ثقتهم بالنظام المصرفي، الذي كان حتى عشية الإنهيار، يُعتبر الأبرز والأكثر نجاحاً، ليس على مستوى الشرق الأوسط وحسب، بل وعلى مستوى العديد من الدول الأوروبية والنمور الآسيوية.
نحن مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي في أسرع فترة ممكنة، ولكن لا يمكن، بل لا يجوز، أن تتم عمليات الهيكلة للمالية العامة والقطاع المصرفي على حساب المودعين، خاصة الذين تزيد وديعتهم عن المئة ألف دولار، لأن إستعادة ثقة كبار المودعين، خاصة رجال الأعمال اللبنانيين وغير اللبنانيين، تبقى مسألة أساسية لعودة القطاع المصرفي إلى سابق نشاطه، والحفاظ على نسبة محترمة من الودائع الكبيرة لتغطية حاجات إعادة تفعيل دور المصارف في دعم القطاعات المنتجة، وتوفير التسهيلات اللازمة لبناء القواعد الإقتصادية القادرة على تحقيق نسب نمو معقولة.
وهنا لا بد من التوقف عند التقصير الفادح لجمعية المصارف في البحث عن الصيغ الملائمة لخروج هذا القطاع الحيوي للإقتصاد الوطني من حالة التخبط والتسلط الحالية، والتي حوّلت معظم المصارف إلى دكاكين للصرافة، والإكتفاء بدور الوساطة بين السوق السوداء للدولار والبنك المركزي عبر منصة صيرفة، وما ينتج عنها من عمولات مرتفعة تزيد الأعباء على المواطنين الغلابى.
إضراب المصارف لن يعفيها من مسؤولياتها في تنفيذ الأحكام القضائية برد الودائع لأصحابها، مهما بلغ تعنت بعض البنوك في إنكار حقوق مودعيها.