يلف الغموض التام وضع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، بعد تقارير تقول إنه في "وضع صحي خطير" إثر خضوعه لعملية جراحية في القلب، وأخرى تُشكّك في صحة الأنباء عن تدهور حالته. لكن ما أوردته وسائل الإعلام، يلقي الضوء على الغموض إزاء من يخلف كيم في حال لقي حتفه بعد ثماني سنوات قضاها في قيادة الدولة المعزولة.
وفي حين أن عائلة كيم تحكم البلاد منذ سبعة عقود عبر توريث السلطة إلى ذكور، إلا أن الزعيم الحالي البالغ من العمر 36 عامًا، لم يُسمّ خلفًا له بعد، بينما لا يزال أبناؤه صغارًا، في حين يُواجه الراشدون في العائلة عوائق محتملة.
وقال مسشتار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبران، في تصريحات للمراسلين في البيت الأبيض عمن يخلف الزعيم الكوري الشمالي: "الافتراض الأساسي هو أن خلفه قد يكون من أفراد عائلته، لكن من السابق لأوانه الحديث عن ذلك لأننا لا نعرف طبيعة حالة الزعيم كيم".
وكان موقع "ديلي إن.كيه" الإلكتروني، ومقرّه سول، قد نقل الاثنين عن مصدر لم يذكر اسمه في كوريا الشمالية قوله إن كيم يتعافى بعد خضوعه لإجراء طبي في 12 نيسان.
ونقلت شبكة "سي ان ان" (CNN) عن مسؤول أميركي مطلع قوله إن واشنطن "تتابع معلومات" عن أن كيم في حالة خطرة بعد خضوعه لجراحة، فيما نقلت شبكة "بلومبرغ" عن مسؤول أميركي، لم تكشف اسمه، قوله إن البيت الأبيض علم أن حالة كيم ساءت بعد الجراحة.
ورفض مسؤولان حكوميان في كوريا الجنوبية تقرير وسائل الإعلام الأميركية من دون التطرّق لمزيد من التفاصيل بشأن خضوع كيم لعملية من عدمه. وقال البيت الأزرق الرئاسي إنه لا توجد إشارات غير عادية من كوريا الشمالية.
وأُثيرت التكهّنات حول صحة كيم بعدما تغيبه عن مراسم الاحتفال بالذكرى السنوية لعيد ميلاد جده مؤسس كوريا الشمالية كيم إيل سونغ في 15 نيسان الحالي.
ورثة السلطة المحتملون
ومن بين المُرشّحين المحتملين لخلافة كيم شقيقته كيم يو جونغ، التي تُعدّ ممثلة ملكية من جهة ومساعدة شخصية لأخيها الأكبر من جهة أخرى، وبرزت كواحدة من أقرب مستشاريه.
وفي 12 نيسان الحالي، أعيد تعيينها عضوًا بديلًا في المكتب السياسي للجنة المركزية، وهو هيئة رئيسية لصنع القرار، في خطوة أشارت إلى ارتقائها في السلطة.
وقال محللون إنه يعتقد أن كيم يو جونغ عُزلت من منصبها العام الماضي بعد انهيار قمة ثانية بين شقيقها والرئيس الأميركي دونالد ترامب في هانوي.
وعملت الشقيقة الصغرى مبعوثة لأخيها إلى كوريا الجنوبية خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ في العام 2018، ما أدى إلى تقارب ديبلوماسي في شبه الجزيرة المُقسّمة.
وظهرت بشكل متكرّر في صور إلى جانبه في مؤتمرات القمة مع ترامب أو رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن. لكنها بدأت إصدار بيانات ذات أهمية سياسية مباشرة باسمها الشهر الماضي فقط. وقال محللون إنها تُسلّط الضوء على دورها المركزي في الترتيب السياسي لكوريا الشمالية.
وأعقب ذلك تعيينها نائبًا أول لمدير إدارة اللجنة المركزية لحزب العمال الحاكم، وهو دورها الرئيسي في النظام الكوري الشمالي.
وعلى الرغم من دورها البارز في النظام، إلا أنها وكّلت أدوارًا مملة أيضا مثل مساعدة أخيها في إطفاء سيجارة أثناء توقّف لقطاره في الصين. لكن دعم النخبة الذكورية في كوريا الشمالية لتولّي امرأة شابة دور الزعيم الأعلى للبلاد، يبقى غير واضح.
الخليفة الآخر المحتمل للحكم، هو نجل الزعيم الكوري الشمالي. ومن شأن وريث ذكر أن يُوفّر خط خلافة تقليديًا في البلد الذي حكمه والده كيم جونع إل وأسّسه جده كيم إيل سونغ.
وبحسب الاستخبارات الكورية الجنوبية، فإن كيم تزوّج ري سول جو، وهي مغنية سابقة، في العام 2009، ويُعتقد أنهما أنجبا ثلاثة أطفال.
المشكلة القائمة هنا، هي أن الأطفال لم يتمّ الإعلان عنهم في وسائل الإعلام الرسمية، فيما يعتقد أن أكبرهم سنًا وُلد في العام 2010 وفق صحيفة كورية جنوبية. وكان نجم كرة السلة الأميركي السابق دينيس رودمان الذي زار كوريا الشمالية في العام 2013، قد قال إنه حمل ابنة كيم الرضيعة واسمها جو أي.
ويعني هذا أن أيًا من الأطفال الخلفاء سيحتاجون إلى الحكم بمساعدة وصي إلى حين بلوغهم السن القانوني لقيادة البلاد.
كيم هان سول، ابن أخ الزعيم الكوري الشمالي، الذي ولد في العام 1995 قد يُصبح وريثًا للحكم، لو لم يكن والده كيم جونغ نام، قد اختلف مع والده كيم جونع إيل وانتقل للعيش في المنفى في منطقة ماكاو الصينية، المعروفة بأنها مركز للقمار.
وكان كيم جونغ نام الأخ غير الشقيق الأكبر لكيم جونغ أون وأشدّ مُنافس له على الحكم، يتردّد على كازينوهات وينتقد نظام أخيه الصغير أحيانا.
وتلاشت أي آمال محتملة لكيم هان سول في العودة إلى بيونغ يانغ في العام 2017، عندما تعرّض والده لعملية اغتيال في مطار كوالالمبور باستخدام سمّ سريع المفعول أُلقي على وجهه.
ويبقى الوريث الآخر المحتمل لقيادة كوريا الشمالية بعد كيم، أخوه الآخر كيم جونغ تشول الذي يُعدّ خيارًا بعيد المنال في ظل عدم اهتمامه بالسياسة.
وكان ثاو يونغ هو، الرجل الثاني السابق في سفارة كوريا الشمالية في لندن والذي انشقّ عن النظام، قد قال إن أخا كيم الأكبر "لا يحمل أي لقب رسمي" وإنه "مجرد عازف قيثار موهوب حقا".
وكان كيم جونغ إيل قد رأى أن ابنه "يتصرّف بشكل أنثوي"، بحسب شخص يكتب بالاسم المستعار كنجي فوجيموتو ويزعم أنه كان طباخ السوشي الخاص بالزعيم الكوري الشمالي السابق.
ولا توجد الكثير من المعلومات عن "أخي" كيم باستثناء أنه درس في سويسرا، ويُحبّ كرة السلة الأميركية المحترفة مثله.
وتعد تغطية الأحداث في كوريا الشمالية إجمالًا مهمة صعبة خصوصًا ما يتعلّق بحياة كيم الخاصة، نظرًا لأنها أحد الأسرار الأكثر أهمية بالنسبة للنظام.
وكانت المرة الأخيرة التي نشر فيها الإعلام الكوري الشمالي معلومات تتعلّق بأنشطة كيم في 12 نيسان.
وليست هذه المرة الأولى التي يُثير فيها غياب الزعيم الكوري الشمالي الشكوك.
وأشار أهن شان-إيل الهارب من كوريا الشمالية والذي يعمل باحثًا في صول إلى أنه "لا توجد أي معلومة مؤكدة في هذه المرحلة ومن المبكر جدا الخروج بنتائج حول حالته الصحية".
(اللواء، الحرة)