جدل كبير لا يزال قائمًا خلف أبواب السياسة
العالميّة، حول صحّة زعيم كوريا الشماليّة، كيم جونغ أون، إثر تغيّبه عن بعض
المناسبات الرسميّة المهمّة، إلى درجة أنّ البعض تحدث عن وفاة كيم واستعداد شقيقته
لخلافته، في
ظلّ غياب أيّ تأكيد أو نفي رسميّ من بيونغ يانغ.
هروب من فيروس كورونا
آخر الأخبار القادمة من كوريا الشماليّة تقول إنّ
كيم جونغ أون، سافر على متن قطاره الخاص إلى أحد المنتجعات الشاطئيّة، بعد أن ثبتت
إصابة بعض المقرّبين منه بفيروس "كورونا".
إذ قالت صحيفة ميرور البريطانيّة، أمس الجمعة،
إنّ "الدكتاتور قرّر السفر إلى منتجع على الساحل الشرقيّ للبلاد؛ للبقاء في
فيلا بعد أن مرض أفراد من دائرته". كما أشارت صحيفة "سانسي" اليابانيّة
إلى أنّ كيم فرّ من بيونغ يانغ بسبب انتشار الفيروس التاجي في المدينة ذات الكثافة
السكانيّة العالية". بينما لم يتسنَّ التأكد من صحة التقارير
التي أوردتها الصحيفة، في ظلّ صعوبة الوصول إلى معلومات مؤكدة عن الزعيم الكوريّ
الشمالي.
تدهور حالته الصحيّة
تقارير إعلاميّة غربية كانت قد قالت إنّ الزعيم الكوريّ
الشماليّ خضع مؤخرًا إلى عمليّة جراحيّة في القلب، بينما أشارت أخرى إلى أنّ كيم يعاني
مشاكل صحيّة فقط، من دون الإشارة إلى طبيعة تلك المشاكل.
فيما كانت صحيفة "إن كي دايلي" التي يديرها
كوريّون شماليّون منشقون، أفادت بأنّ كيم خضع لجراحة في أبريل/ نيسان، من جرّاء مشاكل
في شرايين القلب، وأنّه يتعافى في فيلا في مقاطعة فيون غان. وأكدت الصحيفة نقلاً عن
مصدر كوريّ شماليّ لم تحدد هويته، أنّ "سبب العلاج الطارئ في الأوعية القلبيّة
الذي خضع له كيم هو استهلاكه المكثّف للتبغ وبدانته والإرهاق".
كذلك ذكرت قناة "سي إن إن" الأميركيّة، نقلاً
عن مسؤول أميركيّ، أنّ واشنطن "تقوم بدراسة معلومات" تفيد بأنّ كيم جونغ
أون "بخطر شديد بعد عملية جراحية".
من جهتها، قالت صحيفةThe Times البريطانيّة إنّ غياب الرئيس الكوري الشمالي،
كيم جونغ أون، عن حضور أحد أهم الاحتفالات الوطنيّة هذا العام، أثار شكوكًا تتعلق بوضعه
الصحي.
حسب تقرير الصحيفة الذي نُشر الجمعة 17 أبريل/ نيسان
2020، لم تورد الأنباء إشرافه على تجربة إطلاق لصواريخ كروز أُجريت يوم الثلاثاء
14 أبريل/ نيسان. مع ذلك، يقول التقرير، فإنّ الأكثر إثارة للدهشة هو تغيّبه عن الاحتفالات
التي جرت 16 أبريل/ نيسان، بمناسبة الذكرى الـ108 لميلاد كيم إيل سونغ، جدّه الراحل
والرئيس المؤسس لكوريا الشمالية.
يعتبر الكوريّون ما يُعرف بـ "يوم الشمس"
أحد الأيام المركزية في "عبادة الشخصية الكورية الشمالية المحيطة بالعائلة
الحاكمة". واعتاد كيم، الذي يُعتقد أنه يبلغ من العمر 36 عامًا، استدعاء
المقارنات بينه وبين جده، الذي اتسمت الذكرى المئوية لميلاده في عام 2012
باحتفالات مكثفة.
مع ذلك، لم تذكر التقارير المتعلقة بزيارة قام بها
كبار المسؤولين لضريح كيم إيل سونغ، في قصر كومسوسان بالعاصمة بيونغ يانغ، حضورَ
حفيده المعتاد في السنوات السابقة. وعلى الرغم من أن جنودًا قدَّموا باقات زهور
تحمل اسمه، فإنّه -على ما يبدو- لم يرسل باقة زهور خاصة لوضعها على التمثالين
العملاقين لجدّه ووالده، كيم جونغ إيل، في وسط بيونغ يانغ.
غياب سابق وشكوك بموته
سبق أن اختفى كيم عن الأنظار من قبل، لأيام قليلة، ليعاود
الظهور بعدها مرة أخرى. وفي عام 2014، دارت تكهنات بأنّه قد مات أو أطيح به في انقلاب
أو أصيب بالشلل بسبب السمنة، من جرّاء إدمانه تناول الجبن السويسري. لكنه عاد للظهور
بعد ستة أسابيع تقريبًا، منطلقًا يوزع الابتسامات في كل مكان وهو يستند إلى عصا تساعده
على المشي بعد معاناته من النقرس، على ما يبدو.
تذهب بعض الآراء المنتشرة الآن إلى أنّ غيابه ربما يكون
لتجنّب الإصابة بفيروس "كورونا" أو أنه أصيب به بالفعل. وذلك على الرغم من
أن كوريا الشمالية تدّعي أنّها إحدى الدول القليلة في العالم التي ليس لديها ولو حالة
إصابة واحدة، لكنّه ادعاء يعتبره المراقبون الأجانب مستبعدًا، بالنظر إلى الحدود البريّة
الطويلة لكوريا الشمالية مع الصين.
غياب متعمّد
ثمّة رأي آخر هو أنّ كيم يحاول نزع التركيز عن بطولة
أسلافه وتسليط الاهتمام كله عليه هو شخصيًا على نحو خاص.
يقول بيتر وارد، وهو باحث بريطاني معني بشؤون كوريا الشماليّة
ومقره في سيول: "أعتقد أن الأمر له مغزى معتبر، لكن معناه غير واضح حتى الآن.
ونقص الزهور في احتفالية كهذه أمر غريب حقًا. هناك عدد لا بأس به من الصور الملتقطة
والغياب واضح إلى حد كبير. ربما تكون إشارة متعمدة تهدف إلى التقليل من الاهتمام المنصبّ
على عبادة كيم إيل سونغ.. وقد يكون مريضًا، لكن من يدري"؟
ماذا قال الأميركيّون؟
في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأميركيّة،
ذكر وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو، أنّه لمرات عدّة التقى كيم يو جونغ
شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، التي تتمتع بنفوذ كبير.
علّق بومبيو على لقاءاته مع كيم يو جونغ، التي يعتقد
الخبراء أنها قد تخلف شقيقها على رأس السلطة في كوريا الشمالية، بأنّ التحدي لا يزال
على حاله والهدف لم يتغيّر، بغض النظر عمّن يرأس البلاد.
الجارة الجنوبيّة تعلّق
أعلنت حكومة كوريا الجنوبيّة أنّها لم تلاحظ أيّ نشاط
غير عاديّ في كوريا الشماليّة بعد التقارير الصحافيّة التي تحدثت عن "خضوع الزعيم
الكوري الشماليّ كيم جونغ أون لعملية جراحيّة في القلب والأوعية الدموية، وأنّ وضعه
الصحي في حالة خطرة".
إذ قلّلت كوريا الجنوبية من أهمية المعلومات، في ظلّ
تساؤلات مراقبين عن سبب غيابه عن احتفالات مهمة، الأسبوع الماضي، في بيونغ يانغ.
شقيقة كيم تستعد لخلافته
يو جونغ التي رافقت كيم خلال القمتين اللتين عقدهما مع
ترامب، عوقبت ودفعت الثمن -على ما يبدو- عندما تعرضت دبلوماسيّته النوويّة لانتكاسة،
فإنها أُعيدت نهاية الأسبوع الماضي، إلى مركزها القويّ في المكتب السياسيّ للحزب الحاكم،
وفقًا لوكالة الأنباء المركزية الكوريّة الحكوميّة، بعد أكثر من عام بقليل على إقالتها
من منصبها وصدور الأوامر بأن تبقى بعيدة عن الأضواء، بعد فشل قمّة هانوي بين ترامب
وكيم.
إذ تزامنت إعادة شقيقة الزعيم إلى منصب رفيع، مع الحديث
عن تدهور حالته الصحيّة، وتكهنات باستعدادها لخلافة كيم جونغ أون، على رأس الدولة النوويّة.
منذ ظهورها على رأس الوفد الممثِّل لكوريا الشمالية بدورة
الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018 التي أقيمت في بيونغتشانغ، في كوريا الجنوبية،
لم تكتفِ يو جونغ بالارتقاء إلى مناصب مرموقة داخل الحزب الحاكم فحسب، بل يشاع أنها
العقل الكامن وراء صورة كيم العامة المرسومة بعناية، في الداخل والخارج. ويمكن أن يطلق
عليها "كاتمة سر أخيها". وفي المقابل، فهي تتمتع بالثقة المطلقة لأخيها،
الزعيم الذي بلغ ارتيابه فيمن حوله الإقدام على إعدام عمّه بتهمة خيانة مزعومة.
كما أدلت يو جونغ، في شهر مارس/ آذار الماضي، بأول بيان
علنيّ لها، هاجمت فيه كوريا الجنوبيّة، واصفةً انتقاداتها بأنها "نباح كلب خائف"،
بعد أن احتجّت سيول على مناورات عسكريّة بالذخيرة الحيّة كانت كوريا الشمالية قد نظمتها.
وفي مارس/ آذار، أشادت علنًا بدونالد ترامب لإرساله رسالة إلى كيم، قال فيها إنّه يأمل
الحفاظ على علاقات ثنائيّة جيدة، وعرَض المساعدة في التعامل مع جائحة فيروس "كورونا".
المصدر: عربي بوست + اللواء