15 أيلول 2023 05:25م (اعلان الاستقلال الجديد)..عن الطوائف والقبائل والمليشيات

حجم الخط
المكونات السلطوية اللبنانية تعتقد بانها قادرة على تجاوز كل ارتكاباتها المدمرة بحق الاجيال اللبنانية الصاعدة من خلال ممارسة التعطيل والشغور والترهيب وتقطيع اوصال الوطن الاجتماعية والجغرافية والسياسية والمالية والامنية والادارية، وتقديم الولاءات الخارجية الدولية والاقليمية وتحويل لبنان الى ساحة نزاع بديلة لتصفية حساباتها واغتيالاتها، او الانخراط في متاهات الاحتلالات واستراتيجيات الفوضى الخلاقة وتدمير كل اسباب السكينة والاستقرار وتعميم ظاهرة النزوح واللجوء وتفكك المجتمعات وانهيار المؤسسات الوطنية، والفوضى الخلاقة نجحت في إرجاع العديد من المجتمعات الى العصر الحجري من اليمن الى العراق وسوريا ولبنان وليبيا والسودان، حيث تتعاظم مؤشرات العنف والفقر والجوع والجهل في مخيمات اللجوء والنزوح وموجات المهاجرين عبر البحار بحيث اصبح ما يزيد عن نصف الامة العربية الغراء يعيش في العراء.

المكونات السلطوية تتجاهل كل تلك المآسي والمظالم الناتجة عن استخدام ادوات القهر والاستتباع و تجديد المستعمرات عبر موروثات التزلف والرياء المتراكمة منذ مئات السنوات، حيث تعاقب على احتلال هذه البلاد كل الامبراطوريات القديمة والجديدة ودول المحيط والجوار، والذاكرة الشرق اوسطية مليئة بمظاهر الانحطاط والانحلال والاستقواء على الشركاء في الوطن، والمكونات السلطوية الطائفية في حالة بحث دائم عن مستعمر جديد يغطي ارتكاباتها بحق الوطن والانسان.

المكونات السلطوية وارتكاباتها ليست امور غامضة ولا تحتاج الى الخبراء في القراءات التاريخية المعمقة، فالشواهد على ارتكاباتهم حية وكثيرة ومظاهر الاستعمار والاستتباع مستمرة ومتجددة على الدوام وخصوصا بعد الحرب الاولى نجح كبار العالم بايجاد قواعد قانونية مشروعة لاستمرار الاستعمار منذ عصبة الامم وسايكس بيكو والوعود والانتداب وبعد الحرب الثانية عبر الامم المتحدة وحق النقض وتجاوز قواعد الانتظام واحتلال اراض الغير بالقوة وعدم احترام ميثاق الامم المتحدة وقرارات مجلس الامن وتحويل الشرق الاوسط الى نقطة ساخنة في الحرب الباردة.

 شعوب المستعمرات المستقلة الناهضة والمستقرة والمتقدمة لم تنشغل بالحديث عن سيئات الاستعمار القديم والحديث، بل ذهبت مباشرة الى مساءلة ادوات الاستعمار من ابناء الوطن الواحد والشعب الواحد والمصير الواحد الذين اعتقدوا بانهم قادرون على التمتع بالسلطة والثروة على حساب الوحدة الوطنية ومستقبل الاجيال والتماهي مع ادوات الاستعمار، والشواهد كثيرة حول تعاقب المكونات السلطوية الطائفية والمليشياوية والقبلية في طلب الحمايات الخارجية لمواجهة شركاء الوحدة الوطنية الطبيعية.

 اعلان الاستقلال الجديد بانتظار تكوين نخبة وطنية محررة من لوثة الاستتباع والارتزاق على حساب حرية الاوطان والاجيال، نخبة تمتلك شجاعة المراجعات وتسمية الاشياء باسمائها، نخبة قادرة على بلورة تجليات نجاحات التجربة الوطنية اللبنانية في تكوين الهوية الوطنية الجامعة والانصهار المجتمعي الواقعي والافتراضي وصيانة الحريات الفردية والإنتاجية، لبنان الجديد بحاجة الى ارادات وطنية جازمة في ضرورة الاستقلال الوطني الجديد عن الطوائف والقبائل والمليشيات والاقطاعيات العائلية والمناطقية والديموقراطية الشكلية البرلمانية والولاءات الخارجية، لبنان الجديد بحاجة الى نخبة وطنية قادرة على الترفع فوق المناصب والمغانم السلطوية، لبنان بحاجة الى شخصيات استراتيجية غير آنية محررة من كل ما كان من فشل وارتكابات جسام وقادرة على استشراف كل ما سيكون من آفاق وتحولات وتحديات الذكاء الصناعي امام اجيال لبنان وحفظ الله لبنان.