21 تموز 2023 05:40م الحرب العالمية الغامضة.. وحروب طواحين الهواء على الهواء

حجم الخط
بدأت الحرب الروسية الاوكرانية في ٢٤ شباط ٢٠٢٢ بعد ان كانت البشرية قد عانت على مدى ما يقارب السنتين من سياسات الحجر والانقطاع عن التواصل والاجتماعات والمؤتمرات وثقافة التعلم والتواصل عن بعد نتيجة وباء كورونا وما نتج عنه من تحولات انسانية وكساد في الانتاج والأسواق، وكان منتدى ميونخ الامني بين ٢٠ و ٢٢ شباط ٢٠٢٢ أول مؤتمر دولي ينعقد بالحضور المباشر بعد كورونا، وقبل يومين فقط من الحرب الروسية الاوكرانية، والتي جعلت البشرية تشهد من جديد الكثير من الاحداث والوقائع والتحولات والتحالفات والخصومات والمؤتمرات والمواجهات والدراسات والتقارير التي تستوجب متابعتها واستدعاء اهل الخبرة والاختصاص الى مقاربتها وشرحها من اجل ان يعرف المواطن في لبنان ان العالم يعيش مرحلة من التحولات العميقة والغير مسبوقة في مرحلة قد لا نحسن التعامل مع اسبابها ونتائجها وتحدياتها ومتغيراتها السريعة على مدار الدقائق والساعات في المنطقة والعالم.

الحرب العالمية الغامضة تمثل كل الحروب في التاريخ البشري، من جريمة قابيل وهابيل الى الحرب السومرية الاولى بين المزارعين ورعاة القطعان الى حروب الامبراطوريات اليونانية والرومانية الى الحروب الدينية الى الحرب الاولى وانهيار الإمبراطوريات الدينية العثمانية والروسية والنمساوية والمجاعات والابادات الى الحرب العالمية الثانية وانهيار الدولة القومية والدمار واستخدام الاسلحة الذرية في هيروشيما و نكازاكي الى الحروب الباردة والشديدة السخونة في آن، من فيتنام الى الشرق الاوسط وو الى حرب النجوم وسباق التسلح وانهيار الايديولوجيات امام تطور الرأسمالية والصحوات الدينية وصولا الى انهيار الاحادية القطبية الاميركية وصعود الموجات الدينية وتداعي قواعد الشراكة العالمية وحروب الكبار على الصغار في افغانستان والعراق .

إنّ الحرب العالمية الغامضة هي عملية مراجعات عميقة لتفاهات وحماقات القوى العظمى في تحديد الاولويات وتوهمها بانها تجاوزت كل المخاطرة والتحديات وقادرة على التحكم بكل المسارات والتحولات عبر مسرحيات منظوماتها الدولية الشديدة الهشاشة والفساد والتي امعنت في سياسات الشتاء والصيف على سقف واحد والتشدد في احترام المواثيق الدولية في الصباح واحتقارها في المساء، حتى جاء الوباء الذي طال الكبار والصغار والاقوياء والضعفاء وتسبب بالكساد، بالاضافة الى تحديات المناخ مما اكد على هشاشة البشرية جمعاء.

اتابع الكثير من الاحداث والمواقف والتقارير على مواقع وشاشات غير لبنانية من اجل كتابة عدد قليل من الكلمات في لبنان كي اشعر بالقليل من الموضوعية وبشيء من التوزان في عالم شديد الاضطراب والتنافس والاستقطاب، حيث تعقد المؤتمرات التاريخية في وضح النهار ويتحدث الرؤساء والقادة عن المواجهات والتحالفات وعن تمويل النزاعات وتقديم الاسلحة المتطورة والقنابل الذكية والتدريبات على قيادة الطائرات وفي المقابل يصار الى بناء تحالفات مغايرة ومناورات وتمويلات، مما يعني ان هذه الحرب العالمية الغامضة لا تزال في بدايتها ولن تنتهي كسابقاتها من الحروب العالمية الاولى والثانية والباردة بكتابة بعض الأدبيات من مواثيق ومعاهدات.

الكتابة الموضوعية بالغة الدقة والصعوبة وخصوصا في لبنان، الذي تعيش مكوناته الطائفية السلطوية التشريعية والتنفيذية والامنية والعسكرية والقضائية والاعلامية والمدنية حالة من الانفصال الشديد عن الواقع، وحيث ان المكونات التقليدية والمستحدثة تحاول تجاهل تداعيات عملية الابادة الجماعية عبر هولوكوست المصارف وضياع الودائع والانهيارات المالية والنقدية، والمكونات الطائفية السلطوية والاعلامية الاستعراضية تعيش حالة من الخواء المعرفي واخلاقي وتمعن في ممارسة الحماقات السياسية وتوهمات اجتماعات دول الاشقاء والاصدقاء المنشغلة في تحديد جنس الملائكة ومواصفات الرؤساء، وزعماء ونخب لبنان منشغلون في حروب طواحين الهواء على الهواء.