بيروت - لبنان

8 آذار 2024 06:34م الرئيس بايدن... والرئيسين روزفلت وايزنهاور

حجم الخط


            انتظرنا خطاب الرئيس الاميركي بايدن عن حال الاتحاد الساعة التاسعة والنصف من مساء الخميس بتوقيت واشنطن، والرابعة والنصف فجر الجمعة بتوقيت بيروت، مما اعادنا الى ايام الاجتياح الاسرائيلي عام ٨٢ حين كنا ننتظر ان تستيقظ واشنطن كي يتوقف قصف الطائرات على مدينة بيروت، وعلمنا ايضا ان مدير المخابرات الاميركية وليم بيرنز موجود في المنطقة واستمع الجمعة صباحا الى خطاب الرئيس الاميركي مساء الخميس، وبدأ الرئيس بايدن كلمته بالتذكير بخطاب الرئيس الديموقراطي روزفلت امام الكونغرس في العام ١٩٤١ الذي اعلن فيه قراره بدخول الحرب العالمية الثانية في مواجهة هتلر وهزيمته وكانت الغاية من الاستشهاد بالرئيس روزفلت هو ان الرئيس  بايدن  يقف اليوم ليعلن انه يواجه اجتياح بوتين لاوكرانيا في الحرب العالمية الثالثة .

            الاستشهاد بالرئيس الديموقراطي روزفلت له دلالاته الانتخابية ايضا، لانه الرئيس الاميركي الوحيد الذي انتخب اربع مرات على الرغم من ظروفه الصحية الدقيقة، والرئيس روزفلت هو الذي نجح في مواجهة ويلات الكساد الكبير عبر ما عرف بسياسة العهد الجديد في العام ١٩٣٣ ومقارنتها بنجاح الرئيس بايدن في مواجهة تداعيات ازمة وباء كورونا واثارها الصحية والاقتصادية والاجتماعية، واستحضار التقديمات والقروض وتحديث البنى التحتية الاميركية وحماية الطبقة الاميركية الوسطى والنقابات وانتقاد الشركات الكبرى التي تجني الارباح وتتهرب من دفع الضرائب.

            الرئيس بايدن اعتبر ان اميركا في حالة حرب عالمية جديدة، والمعروف ان الدول لا تغير قادتها في زمن الحرب وهذا ما جعله يفيض بالحديث عن اهمية تعزيز حلف الناتو وتوسيعه وانشاء التحالف لضمان الملاحة في البحر الاحمر لاحتواء التدخلات الايرانية، واعلن انه مستمر بالوساطة من اجل تحقيق هدنة وتبادل الاسرى في رمضان وانه يرفض وقوع آلاف القتلى والجرحى من الاطفال والنساء الذين لا ينتمون الى حركة حماس واعلن ايضا انه اعطى اوامره الى الجيش الاميركي بإقامة ميناء اغاثة انسانية على شواطئ غزة انطلاقا من قبرص ومع شركاء اقليميين  ودوليين،  وهذه الخطوة تشبه مبدأ ايزنهاور الرئيس الاميركي الجمهوري الذي استشرف وقوع الحرب الباردة مع السوفيات خلال حرب العدوان الثلاثي على مصر عام ٥٦ و ابتكر مبدأ ايزنهاور او التموضع الاستباقي الذي نفذ في المرة الاولى بنزول احد عشر الف جندي اميركي على شواطئ بيروت في العام ٥٨ والذي اعتبر بداية الحرب العالمية الباردة.

            الرئيس بايدن تحدث عن ضرورة تامين المساعدات الانسانية الى غزة مع التأكيد بانه الداعم الأكبر لدولة اسرائيل وبانه الرئيس الاميركي الوحيد الذي زار إسرائيل في زمن الحرب مع تمسكه بالسعي الى الاستقرار في الشرق الاوسط من خلال حل الدولتين والذي اعتبره الشرط الوحيد لنجاح السلام الشامل في دول المنطقة وبعد فشل اتفاق اوسلو الذي عارضه المفكر الفلسطيني العالمي ادوارد سعيد بكتابه (سلام بلا ارض) بخلاف مبدأ (الارض مقابل السلام) .

            كلمة الرئيس بايدن مكتوبة بدقة عالية من قبل نخبة اميركية رفيعة امثال بيرنز وبلينكن وسوليفان وآخرين الذين ارادوا وضع الانتخابات الرئاسية القادمة بعد ثمانية اشهر في اجواء الحرب العالمية العسكرية الثالثة والحرب العالمية الباردة الثانية، مما يضع الرئيس بايدن بين الرئيس روزفلت والنزول على شواطئ النورماندي عام ٤٤ والرئيس ايزنهاور والنزول على شواطئ بيروت عام ٥٨.