بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 أيار 2023 05:33م الشرق الاوسط الجديد عنف ...ولجوء ... ونزوح... وجوع

حجم الخط
الشرق الاوسط الجديد يدخل في مرحلة التكون شبه النهائية ويشهد العديد من التحولات الإستراتيجية والانتقالية للخروج من واقع الساحات الساخنة والدامية في الحروب العالمية الاولى والثانية والباردة، والتي حولت المجتمعات العربية الى مختبرات كراهية ونزاعات منذ (وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو) وما نتج عنهما من كيانات ونكبات ونكسات وخيبات وقرارات ومؤتمرات دولية وعربية واقليمية وشعارات واحزاب يمينية ويسارية وحركات ومليشيات وسلطات وعصابات وتشكيلات معسكرة قومية وعرقية ومذهبية وطائفية ودينية، اتخذت من العصابات الصهيونية قدوة لها في احتراف العنف والتمادي بادعاء الخصوصية وتمزيق الهويات الوطنية وتقويض اسباب الدولة الدستورية وتحلل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية والعسكرية والامنية.

الشرق الاوسط الجديد توجه افتراضي قديم جديد تكرر الحديث عنه عبر الادوات الدبلوماسية والاعلامية العالمية والاسرائيلية واستخدم كبديل عن تعبير المنطقة العربية، وكانت الغاية منه التمهيد الى تداخل دول المحيط الايراني والتركي والاثيوبي والباكستاني مع دول الجوار الاسرائيلي وتفكيك الهويات الوطنية والعربية، وتأسيس كيانات هشة متنازعة واعتماد قواعد انتظام جديدة على اسس كيانية ذاتية طائفية ومذهبية وعرقية غير قادرة على التفاعل والاندماج مع جوارها ومحيطها، مما يستدعي استتباعها واحداث تغييرات جذرية في تكوين الهويات الشرق اوسطية.

الشرق الاوسط الجديد عملية افتراضية شهدت على مدى عقود طويلة مجازر وحروب واطروحات وخيانات وتقلبات، ونشوء شركات ومصارف ومصالح وصحف ومجلات واذاعات وتلفزيونات وجامعات، والشرق الاوسط الجديد قصة شطحات وخيالات فردية وجماعية عدوانية، وتناقضات ونجاحات ونكسات وتباينات وصعود قامات وتحطم قيادات وتحالفات وتناقضات و تقابلات والاعداء اصدقاء والاصدقاء اعداء، الشرق الاوسط الجديد كان ولا يزال مختبر بالغ الخطورة شهد الكثير من المحظورات والممنوعات واختبارات بالغة الخطورة ومحارق وابادات شخصية وجماعية خارج الرقابة والمسائلة، وقد تنتظر البشرية عشرات السنوات لمعرفة ما تم توثيقه من اختبارات مجنونة ابادت الملايين من الناس وشوهت الملايين وحولت شعوب المنطقة الى لاجئين ونازحين و مهجرين ومهاجرين ودمرت قيمها واعرافها واديانها وثقافاتها وحضاراتها وحولت شعوبها الى مجرد فئران بيضاء في مختبرات حفنة من الحاقدين الهواة.

الشرق الاوسط الجديد سيكون كثير الضجيج والضوضاء وبدون امجاد او ذكريات وبدون جذور ولا فروع او آفاق، وستكون شعوبه متعبة كارهة حاقدة ولا احد فيها يجروء على المراجعات او النظر الى الوراء، الشرق الاوسط الجديد سيكون متاهة كبرى وفضاء اوهام وإدعاءات، وسيكون الشاهد على الفشل العالمي الجديد والمهزوم امام ما صنعت يداه من ذكاء صناعي، حيث اصبح الانسان عاجزا عن تامين ابسط اسباب الحياة امام هول توحش الشركات الجديدة والمصارف الغير مسبوقة والعمارات الشاهقة وزوال الزواريب والازقة والاحياء والجيران والاقارب والاصدقاء والرفاق، في الشرق الاوسط الجديد ستتفكك روابط القربى والارحام والانساب والتكوينات القبلية والعائلية والطائفية وسيكون الانتماء الى بطاقات التأمين وطبقاتها والقطاعات والتكتلات الصناعية والمالية حيث الحروب الدائمة ومجازر الاسواق التنافسية بين شركات القوة والثروة الغير وطنية.

الشرق الاوسط الجديد لن يكتب عنه الكثير من الروايات وستتكاثر الافلام عن المافيات والعصابات وثقافة العنف والتصفيات وستموت اللغة الام والشعر والشعراء وطرب المقامات والاغنيات وتغيب الابداعات والمؤلفات وستصدر الاحكام الحمقاء على كل ما ابدعناه وما حفظناه وما احببناه وسيصبح من العار الاقتراب من ارث الاباء والاجداد، في الشرق الاوسط الجديد سوف يتجرأ السفهاء على الحكماء والصغار على الكبار والغرباء على اهل الدار، الشرق الاوسط الجديد...عنف...ولجوء ... ونزوح... وجوع.