بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 كانون الثاني 2024 05:42م القاضي نواف سلام والابادة الجماعية في غزة

حجم الخط

كتب احمد الغز في '' اللواء'' 

يوم الخميس الماضي في ١١ كانون الثاني انعقدت الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية في لاهاي،  حيث قدم الفريق القانوني لجنوب افريقيا مرافعة قانونية موثقة بدقة فوق عادية اختصر فيها خلال ١٠٠ دقيقة كل اوجه عمليات الابادة الجماعية التي شاهدناها على مدى ١٠٠ يوم في غزة، واظهر القدرة على التمييز بين الحق المطلق والباطل بعد ١٠٠ عام من تغليب الاستثناءات على القواعد في فلسطين المحتلة ومجتمعات الجوار، واستطاع الفريق القانوني لجنوب افريقيا ان يعيد الى الاذهان تلك اللحظات الفارقة في تاريخ البشرية التي جسدها الزعيم نلسون مانديلا الذي خرج من السجن بعد خمسة وعشرين عاما ليجعل من الحق قوة قاهرة هزمت العنصرية وعمليات الابادة الجماعية بالتسامح والمودة واحترام حقوق الانسان.
             الفريق القانوني لجنوب افريقيا حاول في  الجلسة استعادة الثقة بالنظام العالمي وبميثاق الامم المتحدة والاتفاقات الدولية من خلال اظهار الوقائع المؤلمة في غزة وربطها بأدق التفاصيل القانونية في الاتفاقيات الدولية واسبابها والتي اجازت لمحكمة العدل الدولية محاكمة الدول في حال ارتكابها عمليات ابادة جماعية، حيث تتهم جنوب افريقيا احدى ضحايا الابادة الجماعية بالمثول كمتهمة بعمليات ابادة جماعية امام محكمة العدل الدولية وذلك بعد ان بالغت الدول الكبرى بالتغاضي عن الاستثناءات على حساب القواعد على مدى خمسة وسبعين عاما في فلسطين مما جعل من الامم المتحدة تحترف ادارة النزاعات بدل منع وقوعها وتحقيق والامن والسلم الدوليين. 
 
            الفريق القانوني لجنوب افريقيا استند في ادعائه على انسانية الذكاء الصناعي الذي لا يعرف التمييز العنصري وذلك في مواجهة حماقة الذكاء الانساني العنصري والذي لا يزال يعتقد بان جرائمه الخفية هي احدى اسرار قوته، في حين ان الذكاء الصناعي اباح المعرفة للبشرية جمعاء واصبحت كل التفاصيل في الضوء وانتهى زمن الغرف السوداء حيث مارست الدول العظمى الكذب على الشعوب الطيبة، وخصوصا فلسطين التي لا تزال تدفع ثمن كذب الاقوياء على مدى خمسة وسبعين عاما، والمضحك المبكي الان هو ان تلك الدول تحاول الان ان تكون صادقة ولكن لا احد يصدقها نتيجة تاريخها الطويل مع الكذب والادعاء، وهذا ما يجعل من محكمة العدل الدولية المنعقدة في لاهاي بارقة امل باستعادة الثقة بالنظام العالمي ومنظوماته واتفاقاته وميثاقه ومحكمته.
            القاضي نواف سلام يجلس على منصة القضاة، مما يرمز الى حضور لبنان في ساحة  شجاعة وحكمة جنوب افريقيا والبرازيل وآخرين، والقاضي نواف سلام الذي كنت قد عرفته عن بعد بفترات متقطعة عبر العديد من الاصدقاء وبعضهم فارقوا الحياة وهم اصدقاء وآخرون احياء وليسوا اصدقاء على قاعدة المؤقت الدائم في لبنان ولكنني اتابعه عن بعد من خلال الاصدقاء صلاح سلام ورمزي الحافظ، والقاضي نواف سلام يعرف بان لبنان قبل خمسين عاما في ١٩٧٤ كيف حمل لبنان  القضية الفلسطينية الى الامم المتحدة، يوم رفع ياسر عرفات  غصن الزيتون ليعلن انه على استعداد لاقامة دولة فلسطينية على اي شبر من ارض فلسطين، والقاضي نواف سلام يعرف جيدا ما هي الاثمان التي دفعها كل لبنان من اجل الحق الفلسطيني بارضه ودولته، وانني على يقين بان القاضي نواف سلام سيعرف كيف يميز بين اصحاب الحق المطلق واصحاب الحقائق الوهمية والاستثناءات العنصرية والابادة الجماعية في غزة.