بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 آب 2023 05:12م بيروت.. والقرية الكونية الجديدة

حجم الخط
يشهد العالم مرحلة من المراجعات والاستشراف والتأمل والتفكير والحوار من اجل بلورة نظام عالمي جديد ينطلق من حقيقة الفشل العالمي في التعامل مع وباء كورونا وتداعياته الانسانية والاقتصادية وما اظهره العالم من عجز ادى الى اختيار سياسة مناعة القطيع على حساب مناعة الافراد والقطاعات، وكيف ان الفشل الوقائي ادى الى الازمات المالية والانتاجية وافقد الدول العظمى  هيبتها امام مجتمعاتها والعالم، وهي لا تزال تواجه تلك التداعيات بالوثائق والمواقف والمواجهات الدولية وتعمل على احتواء عمليات التمرد والعصيان في المستعمرات القديمة والجديدة الناتجة عن الكساد العالمي الجديد والثورات التكنولوجية في القرية الكونية.

 سياسة مناعة القطيع أصبحت شائعة ومن بديهيات السياسات الدولية مما ادى الى تعاظم الفشل العالمي في عدم توقع الحرب العالمية الروسية الأوكرانية وامتداداتها العابرة للقارات والياتها المتعددة والمتنوعة، من الحروب الاهلية الى الانقلابات العسكرية الى الشركات الامنية العابرة للقارات والعودة  الى العصور الزراعية البدائية بعد ان اصبحت البشرية جمعاء تواجه ازمة غذاء، ومع ما نشاهده من توسع للجبهات الحربية والانقلابات مما يدعو الى التعامل من الوقائع والاحداث بالكثير من الريبة والحذر وعدم التسرع بالتبسيط من خلال الاسقاطات واعتبار ما يحدث الان هو امتداد لما حدث في ماضي السنوات .

الحديث عن نظام عالمي جديد ليس مجرد كلمات للاستهلاك، لان البشرية بعد كورونا اوكرانيا تدفع ثمن الاهمال والتراخي في تجديد العقود والقيم والمجتمعات والدول وتطوير الادوات المحلية والاقليمية والدولية الضامنة لعمليات الانتظام الوطني والدولي، وفي مقدمتها الدساتير والتشريعات وميثاق الامم المتحدة والياته التنفيذية والذي يخضع هذه الايام الى مراجعات ونقاشات عالمية جدية وعلى كافة المستويات والاختصاصات العسكرية والامنية والاقتصادية والمناخية والغذائية والإنمائية والاجتماعية، وكان اخرها ورشة رؤساء الامن القومي في جدة والتي حضرها اثنان واربعون مسؤولا امنيا عربيا واقليميا ودوليا من اجل البحث في عملية تجديد قواعد بناء السلام العالمي، وذلك بموازاة المبادرات المكثفة من اجل اعادة العمل في اتفاق تصدير الحبوب من روسيا واوكرانيا وتأمين الرغيف للفقراء والاغنياء. 

 لا نستطيع فصل التوترات والسخونة في السودان ولبنان وسوريا والعراق وفلسطين واليمن عن التحولات العالمية ما بعد كورنا واوكرانيا ومع مظاهر الحروب الاهلية في اسرائيل بما هي النموذج الاول لعدم احترام ميثاق الامم المتحدة  واحتلال اراض الغير بالقوة واعتماد سياسات مناعة القطيع العنصرية والتي ساهمت في انتشار نموذج مناعة القطعان الطائفية والسياسية في المنطقة والتي ادت الى الفوضى والحروب والنزعات والعنف والارهاب، مما حتم على البشرية أن تسير حاليا نحو بلورة نظام عالمي جديد والتخلي عن سياسة مناعة القطعان والعودة الى مناعة القطاعات والاختصاصات والنخب والافراد. 

يشهد لبنان سخونة امنية وعسكرية وسياسية تستدعي التعمق في اسبابها وربطها بالتحولات العالمية الكبرى، والاهتمام في تجليات النظام العالمي الجديد وتحديد موقع بيروت في الحي الغربي او الحي الشرقي من القرية الكونية الجديدة، وحفظ الله لبنان.