بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 آب 2023 05:49م جيش لبنان.. وتداعيات الارتطام الكبير

حجم الخط
المكونات السلطوية في لبنان تعيش اليوم حالة غير مسبوقة من الغموض وانعدام الرؤية لمآلات التحولات الاقليمية والدولية المكثفة وتأثيرها على مستقبل لبنان والمنطقة والعالم وعلى قواعد مغايرة للحرب العالمية الاولى ومؤتمر فرساي 1919 ولبنان الكبير 1920 والحرب الثانية والاستقلال 1943والمشاركة في وضع بروتوكول الاسكندرية المؤسس لجامعة الدول العربية المستقلة 1944 والذهاب الى سان فرانسيسكو والمشاركة في وضع ميثاق الامم المتحدة في 1945 ثم الى باريس 1948 ووضع الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وكل تلك التجليات سقطت في لبنان والمنطقة مع نكبة فلسطين واحتلال اراضي الغير بالقوة وقتل وتهجير الانسان  من 1948 حتى 2023 .

 المكونات السلطوية في لبنان تتوهم بانها تمكنت من كل عناصر النجاح والتمتع بالسلطة والثروة عبر احتراف تقديم الولاءات الخارجية على حساب الشراكات الوطنية، وتلك الافة تعاقب على ارتكاباتها كل المكونات اللبنانية القديمة والمستجدة، والمكونات السلطوية ايضاً تعيش حالة من تضخم الذات والانفصال عن الواقع حتى باتت تطلق على نفسها مواصفات بدون دلالات مثل قوى المعارضة او الممانعة او المغايرة وهي تمعن في صناعة الشغور والتعطيل وشلل المؤسسات، وبدون ادراك ان الناخبين يبحثون عن اي فرصة لمغادرة لبنان من اجل تحقيق الحد الادنى من اسباب الامان الوجودي المفقود في لبنان.

  الواقع السلطوي اللبناني اليوم يعاني من انتشار الاورام السياسية لدى كافة المكونات التي تتوهم بان تضخم الاورام هو مصدر قوتها وقدرتها على تقديم الحلول لأوجاع اللبنانيين الناتجة اصلا عن اوهام اهل السلطة في المعارضة والممانعة والمغايرة على حد سواء، مما يستدعي الشروع في ادخال كافة المكونات السلطوية الى غرفة العمليات الجماعية واستئصال الاوهام والاورام التي تسببت بها سياسات ادارة الازمات في لبنان. 

  اللبنانيون الوطنيون يتطلعون الى ان يبادر اصدقاء واشقاء لبنان من دوليين وعرب واقليميين الى القيام بمراجعات واقعية حول ما ارتكبوه بحق اللبنانيين، الذين توهموا في يوم من الايام بانهم جسر بين الغرب والشرق، وكانت خيبتهم كبيرة بالترهات الديموقراطية والايديولوجية واليمين واليسار والحريات الفردية والجماعية واطروحات الحداثة والعدالة وحقوق الانسان، بالإضافة الى الخيبة من العروبة واحزابها وصراعاتها وتياراتها وثوراتها التي فتح لها اللبنانيون قلوبهم وعقولهم وبيوتهم، فكانت النتيجة القهر والقتل والدمار والاستتباع بابخس الاثمان وذلك قبل ان تسقط المناعة العربية امام الطموحات الاقليمية من دول المحيط والجوار، ولا ننسى الموجات الطائفية والمذهبية التي عبثت بوحدة اللبنانيين، وفككت اسباب وحدتهم ومزقت هويتهم الوطنية وعبثت بالسكينة الاجتماعية عبر حواجز الخطف والموت بين أبناء الوطن الواحد والمصير الواحد على خطوط التماس في لبنان.

  لبنان في الأسابيع القادمة على موعد مع الارتطام الكبير الذي طال الحديث عنه منذ بداية الانهيارات المالية والاجتماعية والسياسية وضياع المدخرات وهجرة الطاقات العلمية والابداعية والانتاجية وفقدان كل اسباب السكينة والامان الناتجة عن سياسات ادارة الازمات لدى المعارضة والممانعة الذين يحاولون الان اعادة عقارب الزمن الى الوراء والهروب من الدخول الى غرف العمليات الاقليمية والعربية والدولية لاستئصال الاورام والاوهام عبر العقوبات الجماعية واحداث الارتطام الكبير وولادة لبنان جديد والقضاء على سياسة  شريعة الغاب في لبنان.

وبمنتهى الوضوح نتوجه بالسؤال الى كل من يهمه الامر في لبنان  (ما مدى قدرة جيش لبنان على احتواء تداعيات الارتطام الكبير في لبنان)، وعموم اللبنانيين بانتظار الاجابة على هذا السؤال  بدون تهيئات او رغبات او ادعاءات، وحفظ الله لبنان.